تواجه جهود رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، والتي تتمثل في تشكيل لجنة رفيعة المستوى لإدارة انتخابات ليبية مفترضة خلال عام 2023، تدخلات على مختلف الأصعدة، ومنها مصر التي تُعتبر أشد منتقدي هذا المسار، بحسب ما قال موقع Africa Intelligence الاستخباراتي الفرنسي، الجمعة، 17 مارس/آذار 2023.
يبدو أن خارطة الطريق الجديدة التي وضعتها البعثة قد ينتهي بها المطاف كسابقاتها، لتنضم إلى كومة المقترحات التي جرى تقديمها ولم تُنفّذ مطلقاً منذ عام 2011. فخلال قمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، المنعقدة في 27 فبراير/شباط 20223، أعلن رئيس البعثة السنغالي عبد الله باثيلي أنه يريد تشكيل "لجنة توجيه رفيعة المستوى"، حتى تُدير الانتخابات المنتظرة في ليبيا العام الجاري.
وستكون اللجنة مشابهة لملتقى الحوار السياسي الليبي، الذي أُطلق في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2020 بوساطة رئيسة البعثة آنذاك الأمريكية ستيفاني ويليامز. وأسفر ذلك الملتقى عن تعيين حكومة عبد الحميد الدبيبة وتكليفها بالتخطيط للانتخابات الرئاسية في ديسمبر/كانون الأول 2021، وهي الانتخابات التي جرى تأجيلها لأجل غير مسمى منذ ذلك الحين.
لم تلقَ خطة باثيلي استحسان القاهرة، التي تريد ضمان قدرة رجلها خليفة حفتر على الترشح للرئاسة بشكل قانوني.
بحسب الموقع، فقد تحرك وزير الخارجية المصري، سامح شكري، لعرقلة المشروع على مستوى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، مما أدى إلى تعليق العملية برمتها لأن باثيلي كان بحاجةٍ إلى الضوء الأخضر من مجلس الأمن، حتى يمضي قدماً في خطته، دون موافقة مجلس النواب الليبي والمجلس الأعلى للدولة.
ومن المفهوم أن رئيس مجلس الأمن الموزمبيقي بيدرو كوميساريو أفونسو، كان يستعد للموافقة على المشروع، لكن التقارير تشير إلى عرقلته بواسطة بعض حلفاء القاهرة في المجلس، ومنهم فرنسا. وقد يستمر هذا المأزق لبعض الوقت؛ حيث من المقرر أن تتولى روسيا رئاسة مجلس الأمن من موزمبيق في أبريل/نيسان، وتُعَدُّ روسيا من حلفاء الجنرال المتقاعد حفتر.
لعبة شد حبل
ويجب أن يوافق البرلمان الليبي على اللجنة من أجل تشكيلها بصورةٍ قانونية. لكن رئيس مجلس النواب عقيلة صالح عيسى تجاوز خطة باثيلي في 13 مارس/آذار، عندما قدم مقترحه الخاص لتشكيل لجنة 6+6 تضم 6 نواب من البرلمان و6 ممثلين عن المجلس الأعلى للدولة. مما سيسمح باحتفاظه بسيطرته على العملية الانتخابية، بينما يحظى بدعم القاهرة.
لكن نقطة الخلاف الحقيقية تتمثل في التعديل الـ13 للدستور، الذي اقترحه مجلس النواب واعترض عليه باثيلي. إذ تتطرق هذه النقطة إلى 3 جوانب حاسمة: أهلية مرشحي الرئاسة من ذوي الجنسية المزدوجة، وأهلية العسكريين للترشح، وعقد الانتخابات الرئاسية قبل أو بالتزامن مع الانتخابات التشريعية.
وتُبطئ هذه المعايير عملية التجهيز للانتخابات من وجهة نظر رئيس بعثة الأمم المتحدة. كما يريد تجنب ارتكاب الأخطاء نفسها التي وقع فيها سلفه يان كوبيتش، عقب فشل انتخابات 20 ديسمبر/كانون الأول، التي مثلت شرعية المرشحين قضيةً أساسية فيها.
ولا مكان للود بين الثنائي باثيلي وصالح عيسى؛ إذ ينتقد كلاهما مواقف الآخر في خطاباته، لكن يبدو أن الدبلوماسي السنغالي هو صاحب الموقف الأضعف.
ويتمتع بدعم الاتحاد الإفريقي الذي يقود لجنته رفيعة المستوى حول ليبيا رئيس الكونغو ديني ساسو نغيسو، وقد شارك نغيسو بنفسه في المحادثات الرامية لإنهاء الأزمة الليبية، لكن فرنسا، والسعودية، وغيرهما من الأطراف الدولية يدعمون التعديل الـ13 للدستور.
بدأ صالح عيسى بالتشاور مع القاهرة في الدعوة لتشكيل حكومة جديدة في حال عدم عقد الانتخابات. إذ يرغبون في رحيل الدبيبة. ولا شك أن هذه الفكرة قد تلقى استحسان بعض أصحاب المصالح الآخرين، ومن بينهم الولايات المتحدة القلقة من محاولة القائم بأعمال رئيس الوزراء أن يتمسك بمنصبه.
ويجادل المؤيدون لهذا الخيار بأن الحكومة الجديدة يمكنها ترتيب رحيل المرتزقة الأجانب، وكذلك القوات التركية، الموجودة بموجب اتفاق دفاع ثنائي وقعته حكومة فايز السراج مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في أواخر عام 2019.
من ناحية الدبيبة، فإن تحالف ابن أخيه إبراهيم الدبيبة مع نجل المشير حفتر المدعو صدام حفتر يُعَدُّ تجهيزاً للتعديل الوزاري، الذي سيسمح له بالبقاء في السلطة، ويُتيح لعشيرة حفتر شغل المزيد من مقاعد الحكومة.
ومن المفهوم أن الإمارات تدعم هذا الاتفاق، وتستضيف اجتماعات العشيرتين بصفةٍ متكررة. بينما لا يزال بإمكان الدبيبة الاعتماد على دعم تركيا بشكلٍ كامل.