اعتبرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، نجاح الصين في التوسط بين السعودية وإيران والتوصل إلى اتفاق لاستئناف العلاقات بينهما بمثابة "اختراق سياسي" في منطقة كانت تشهد نفوذاً للولايات المتحدة، بحسب مقال نشرته المجلة، الثلاثاء 14 مارس/آذار 2023.
المقال حمل عنوان "الصين تصنف نفسها على أنها صانعة سلام في الشرق الأوسط ذات طموح عالمي"، وركز على تقديم الصين نفسها كبديل "حميد" للولايات المتحدة في عدد من القضايا.
ورأت "فورين بوليسي" أن قدرة بكين على إقناع طهران والرياض باستئناف العلاقات الدبلوماسية بعد ما يقرب من 7 سنوات يعد "إنجازاً وتحولاً فاجأ الكثيرين، في أنحاء الشرق الأوسط وواشنطن".
أضافت أن هذا الاختراق الدبلوماسي يكشف أمراً مهماً، يتمثل في طبيعة "القوة المهيمنة في المنطقة، واستعداد الصين المحتمل لتولي دور سياسي أكبر".
والجمعة 10 مارس/آذار الحالي، أعلنت السعودية وإيران، استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين وإعادة فتح السفارات في غضون شهرين، وذلك بعد محادثات عُقِدت في بكين بوساطة صينية، وفق بيان مشترك للبلدان الثلاثة.
صفقات سلام
كما أشار المقال إلى احتمال بدء الصين في "التوسط في صفقات السلام، وتشكيل البنية الأمنية كما فعلت الولايات المتحدة من قبل"، لافتاً إلى أن الدور السياسي الحالي للصين يعكس "تحولاً ملحوظاً" في رؤيتها، بعدما عملت بكين لسنوات كشريك اقتصادي أساسي في الشرق الأوسط.
في السياق، سلط المقال الضوء على مشتريات الصين لصادرات النفط في المنطقة على مدى السنوات الثلاثين الماضية، وتصنيفها "أكبر مشتر للنفط الخام السعودي والإيراني".
ووجدت "فورين بوليسي" أن اقتصاد النفط "أعطى الصين نفوذاً كبيراً كشريك تجاري – أكبر شريك تجاري للسعوديةـ وجعلها واحدة من القوى الكبرى القليلة في العالم التي تتمتع بعلاقات سليمة مع إيران".
يذكر أن الاتفاق الإيراني-السعودي، يأتي في وقت تشهد فيه العلاقات بين السعودية وإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن حالة من التوتر، حيث ينتهج ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان سياسة خارجية تهدف إلى تحقيق التوازن بين علاقات المملكة بواشنطن، وعلاقاتها المتنامية مع الصين، والقوى الآسيوية الأخرى.
"شراكات مفيدة للطرفين"
وكان الرئيس الصيني شي جين بينغ نوه بدور بلاده في السياسة العالمية، بالتأكيد على ضرورة أن تشارك بكين "بنشاط" في مسار إحلال السلام العالمي، وقال أمام الهيئة التشريعية في بكين، الإثنين 13 مارس/آذار، إنه يتعين على الصين "أن تعزز الاستقرار والمناخ الإيجابي (في العالم)، وصولاً إلى تحقيق السلام العالمي".
ووفقاً للمجلة الأمريكية، قدمت الصين نفسها كبديل "حميد" لهيمنة الولايات المتحدة، عندما أخبر شي جين بينغ مسؤولي جامعة الدول العربية في عام 2016، أن بلاده "لن تستخدم وكلاء" أو "تنخرط في خلق مناطق نفوذ".
وبدلاً من ذلك، دعا شي الدولَ العربية إلى "الانضمام إلى دائرة أصدقاء مبادرة الحزام والطريق"، والتي وصفها بأنها "شبكة من الشراكات المفيدة للطرفين".
وعلى مدى السنوات الست الماضية، طرحت بكين بشكل متكرر مقترحات سلام غامضة في الشرق الأوسط تعالج الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، والأزمة السورية، كما تقدمت مؤخراً بمقترح تسوية للأزمة الأوكرانية.
في هذا الشأن، كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال"، الإثنين 14 مارس/آذار، أن الرئيس الصيني "يخطط للتحدث مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لأول مرة منذ بداية الحرب" بين موسكو وكييف.
أضافت أن جين بينغ سيتحدث على الأرجح مع زيلينسكي "بعد زيارته لموسكو الأسبوع المقبل، للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين". مشيرة إلى إمكانية عقد الاجتماعات بين بوتين وزيلينسكي "افتراضياً".
وفي 24 فبراير/شباط الماضي، أعلنت الصين عن مقترح لتسوية الأزمة بين روسيا وأوكرانيا "سلمياً"، وشددت على ضرورة استئناف "الحوار المباشر" بين روسيا وأوكرانيا في "أسرع وقت ممكن"، بينما نصت بنود المقترح على ضرورة احترام سيادة كافة الدول، وتطبيق القانون الدولي بشكل موحد، والتخلي عن المعايير المزدوجة.