اعتبر المحلل السياسي السوداني الدكتور محمد تورشين، أن تشكيل لجنة مشتركة من القوات النظامية والحركات المسلحة لمتابعة الأوضاع الأمنية في السودان، خطوة جيدة ومهمة نحو تنفيذ الاتفاق الإطاري، والعمل على توحيد قوات الدعم السريع في المؤسسة العسكرية السودانية.
وقرر رئيس مجلس السيادة الانتقالي بالسودان عبد الفتاح البرهان، ونائبه محمد حمدان دقلو "حميدتي"، السبت 11 مارس/آذار 2023، تكوين لجنة مشتركة من القوات النظامية والحركات المسلحة لمتابعة الأوضاع الأمنية في البلاد؛ الأمر الذي يطرح تساؤلات عدة حول دلالات تكوين اللجنة في الوقت الراهن رغم الخلاف المتصاعد بين الجيش وقوات الدعم السريع في السودان.
تشكيل اللجنة، جاء بعد لقاء بين حميدتي والبرهان أكد تفاصيله بيان صادر عن مجلس السيادة الانتقالي، قال البيان إن البرهان وحميدتي تناولا خلال الاجتماع "سير العملية السياسية وضرورة المضي قدماً في الترتيبات المتفق عليها".
الدكتور محمد تورشين قال لـ"عربي بوست"، إن تكوين لجنة من القوات والحركات المسلحة تعد خطوة مهمة جداً، لأنها تشير إلى أمرين وهما اتفاق جوبا والاتفاق الإطاري، موضحاً أن اتفاق جوبا للسلام قد أشار إلى التحديات الأمنية في دارفور، حيث نصت الوثيقة على ضرورة تكوين قوات مشتركة من الجيش وقوات الدعم السوداني، حتى تتمكن من تحقيق الأمن والاستقرار في دارفور.
واتفاق جوبا السوداني هو اتفاق سلام وُصِف بالتاريخي، وقعت عليه في 31 أغسطس/آب 2020، في جنوب السودان، الحكومة السودانية السابقة برئاسة عبد الله حمدوك وحضور رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، مع حركات الكفاح المسلح في صيغته المعدلة.
وربما جاءت اللجنة الأمنية المشتركة، وفقاً لتورشين، نتيجة للتحديات التي تشهدها العملية السياسية مؤخراً في السودان وتصاعد حدة الخلاف بين الأجهزة العسكرية بين الجيش السوداني من جهة وقوات الدعم السريع من جهة أخرى، حيث رأت هذه المجموعات المشاركة في اللجنة أنه لا بد من تقريب وجهات النظر وحتى تعمل بشكل أو بأخر لتجاوز الفجوة بينهما.
وخلال الشهور الماضية، وصل الخلاف بين البرهان وحميدتي، أقوى رجلين في السودان، لمستوى غير مسبوق، بعد إبداء الأخير ندمه على المشاركة بالانقلاب على الحكومة المدنية قبل عامين، وسط مؤشرات على إمكانية تحول الأزمة لصراع مفتوح بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، خاصة أن كلاً من الرجلين لديه أوراق قوة وحلفاء خارجيون وداخليون.
وانضمام قوات الدعم السريع في اللجنة الأمنية المشتركة يعد أيضاً مدخلاً لعملية تنفيذ الوثيقة الإطارية لأنها أشارت إلى ضرورة دمج كل الأجهزة العسكرية في الجيش النظامي، بحسب المحلل السياسي السوداني.
ووفقاً لتورشين فإن هذه الخطوة ربما جاءت لتحد من حدة التوتر وتعد مدخلاً جديداً لدمج هذه القوات (الدعم السريع) في الجيش السوداني وبالتالي ستكون محاولة لإيجاد أو ترميم المؤسسة العسكرية المتهالكة، وهذه خطوة لتحقيق الأمن والاستقرار في ظل الأوضاع الخلافية المتصاعدة.
والسبت 11 مارس/آذار، جدد الجيش السوداني، التزامه بالعملية السياسية والاتفاق الإطاري الذي يفضي إلى توحيد المؤسسة العسكرية وتشكيل حكومة مدنية لحين إجراء انتخابات. جاء ذلك في بيان صادر عن المتحدث باسم القوات المسلحة العميد نبيل عبد الله.
قوى الحرية والتغيير ترحب ببيان الجيش
في وقتٍ لاحق السبت، رحّبت قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي) في بيان نشرته عبر حسابها في فيسبوك، بالبيان الصادر عن الناطق باسم الجيش السوداني. وأكدت "تمسكها بالعملية السياسية المؤسّسة والمستندة على الاتفاق الإطاري والمفضية لإنهاء الانقلاب واسترداد مسار التحوّل الديمقراطي بتشكيل حكومة مدنية تمثل قوى الثورة وتعمل على تحقيق غاياتها".
مؤخراً نقلت وسائل إعلام محلية، منها موقع "سودان تريبيون" الإخباري الخاص وصحيفة "الراكوبة" الخاصة، أنباء عن خلافات بين رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان ونائبه حميدتي بشأن الاتفاق الإطاري.
حيث ذكرت أن حميدتي يدعم التسليم السريع للسلطة إلى حكومة مدنية، فيما يرى البرهان ضرورة البحث عن مزيد من التوافق بشأن الاتفاق الإطاري مع القوى السياسية وضم القوى غير الموقعة على الاتفاق.