ذكرت مصادر مطلعة، لصحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، أن المملكة العربية السعودية تتطلع إلى الحصول من الولايات المتحدة على ضمانات أمنية ومساعدتها في برنامجها النووي المدني كشرط لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، واتخاذ قرار حاسم يمكن أن يعيد تشكيل الوضع السياسي في الشرق الأوسط.
ما زالت المناقشات جارية، لكن لم يتضح على وجه التحديد كيف يمكن أن تبدو شروط أي اتفاقية، إذا تم التوصل إليها. ومن المرجح أن يواجه تكثيف الضمانات الأمنية للمملكة العربية السعودية مقاومة شديدة من بعض أعضاء الكونغرس، الذين طالبوا إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن بتقليل علاقة واشنطن بالرياض.
تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل
مع ذلك، يولي بايدن أهمية لتطبيع العلاقات بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل، وكذلك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يعتقد أن تحسين العلاقات بين البلدين يمكن أن يساعد في زيادة الأمن بالشرق الأوسط. تعمل إسرائيل والمملكة العربية السعودية على بناء علاقات غير رسمية منذ عدة سنوات، على الرغم من بقائهما دون علاقات دبلوماسية رسمية.

قال بايدن، الجمعة، إنه "كلما كانت العلاقات بين إسرائيل وجيرانها العرب أفضل، كان ذلك أفضل للجميع"، وذلك حسبما نقلت شبكة " سي إن إن " الأمريكية، الجمعة 10 مارس/ آذار 2023.
في سياق متصل أبرمت إسرائيل بالفعل اتفاقيات تطبيع مع دول عربية أخرى، من ضمنها الإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب. وكانت الاتفاقيات إنجازاً مميزاً لإدارة ترامب وتعهد بايدن بالبناء عليها، لا سيما مع تقدم البرنامج النووي الإيراني.
ضمانات أمنية
في المقابل رفض متحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي تأكيد أن المملكة العربية السعودية تسعى للحصول على ضمانات أمنية من الولايات المتحدة، والتي أوردتها في وقت سابقٍ صحيفة "وول ستريت جورنال".
بدلاً من ذلك، أشار جون كيربي، منسق الاتصالات الاستراتيجية في مجلس الأمن القومي، إلى الإنجازات التي حققها بايدن عندما زار إسرائيل والمملكة العربية السعودية خلال الصيف. وقال كيربي إن "رحلة الرئيس إلى المنطقة أنجزت الكثير". وأضاف: "سنحافظ على استمرار هذه الدبلوماسية". ولم ترد وزارة الخارجية الأمريكية على طلب CNN للتعليق. ولم يصدر تعليق من السفارة الإسرائيلية في واشنطن.
كانت وكالة رويترز للأنباء قد قالت الجمعة 10 مارس/آذار 2023، إن صحفيين إسرائيليين نقلوا عن مسؤول إسرائيلي كبير، قوله إن مساعي إسرائيل لتطبيع علاقاتها مع السعودية لن تتأثر بتقارب الرياض مع إيران التي تناصب إسرائيل العداء.

في حين لم يصدر رد رسمي من الحكومة الإسرائيلية حتى الآن على استئناف العلاقات بين طهران والرياض الذي توسطت فيه الصين وأُعلن عنه الجمعة، لكن مراسلين دبلوماسيين مرافقين لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، في زيارته لروما، نقلوا عن المسؤول الكبير قوله إن التقارب بين الرياض وطهران بدأ قبل نحو عام وشمل زيارات متبادلة.
كواليس تقارب السعودية مع إيران
حيث قال المسؤول إن السعودية شعرت بأن موقف الغرب تجاه إيران أصبح ضعيفاً. وأضاف أن ذلك لن يؤثر على محاولة إسرائيل إقامة علاقات دبلوماسية مع الرياض.
في حين نقلت إذاعة كان ومحطة (ريشيت 13) الإخبارية عن المسؤول، قوله إن العامل الحاسم لإسرائيل ليس الطبيعة الرسمية للعلاقات السعودية الإيرانية، بل موقف الغرب تجاه طهران.
في السياق ذاته يقول نتنياهو إنه يريد إقامة علاقات دبلوماسية كاملة مع السعودية، متوسعاً في اتفاقيات التطبيع التي توصلت إليها إسرائيل مع الإمارات والبحرين في 2020 بوساطة أمريكية.
كما أعربت إسرائيل ودول الخليج العربية عن قلقها من برامج إيران النووية والصاروخية وشبكة وكلائها. لكن في الوقت الذي باركت فيه السعودية الاتفاقيات التي أبرمتها الإمارات والبحرين مع إسرائيل، لم تعترف رسمياً بإسرائيل؛ في ظل عدم التوصل إلى قرار بشأن إقامة دولة فلسطينية.

في حين وصف زعيم المعارضة الإسرائيلية، يائير لابيد، إعادة العلاقات بين السعودية وإيران بأنها "فشل ذريع وخطير للسياسة الخارجية للحكومة الإسرائيلية".
إطلاع واشنطن على تفاصيل المفاوضات السعودية الإيرانية
من جهته ذكر المتحدث باسم البيت الأبيض جون كيربي، الجمعة، أن السعودية أبقت واشنطن على اطلاع بشأن محادثاتها مع إيران لاستئناف العلاقات الدبلوماسية، لكن الولايات المتحدة لم تشارك فيها بصورة مباشرة.
قال كيربي إن خارطة الطريق التي أُعلنت اليوم كانت فيما يبدو، نتيجة لعدة جولات من المحادثات التي عُقد بعضها في بغداد وسلطنة عمان، موضحاً أن الولايات المتحدة أيدت هذه العملية باعتبار أنها تسعى لإنهاء الحرب في اليمن وما وصفه بالعدوان الإيراني. وأضاف: "السعوديون أبقونا بالفعل على اطلاع بشأن هذه المحادثات التي كانوا يجرونها، تماماً مثلما نبلغهم بأنشطتنا، لكننا لم نشارك بصورة مباشرة".
عبّر عن اعتقاد البيت الأبيض أن الضغط الداخلي والخارجي، الذي تضمّن ردعاً سعودياً فعالاً لهجمات إيران ووكلائها، أتى بإيران في نهاية الأمر إلى طاولة المفاوضات. وقال: "ندعم أي جهود من شأنها تخفيف حدة التوترات هناك وفي المنطقة. نعتقد أن هذا في مصلحتنا، وهو شيء عملنا عليه من خلال مزيجنا الفعال من الردع والدبلوماسية".
أما بالنسبة لتطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل، فقال كيربي: "غير واضح إن كان هذا الترتيب له تأثير على ذلك أو يهدف للتعامل معه، لكننا نواصل بلا شك، دعم التطبيع".

جدير بالذكر أن إيران والسعودية اتفقتا على استئناف العلاقات بعد قطيعة دبلوماسية استمرت سبع سنوات، وهددت الاستقرار والأمن بالخليج، وساعدت في تأجيج الصراعات بالشرق الأوسط من اليمن إلى سوريا.
جاء الإعلان عن الاتفاق بعد محادثات كانت غير معلنة مسبقاً، واستمرت أربعة أيام في بكين، بين كبار مسؤولي الأمن من البلدين. وذكر بيان صادر عن إيران والسعودية والصين، أن طهران والرياض اتفقتا "على استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما وإعادة فتح سفارتيهما وممثلياتهما خلال مدةٍ أقصاها شهران". وأضاف: "الاتفاق يتضمن تأكيدهما احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية".
في حين قطعت السعودية العلاقات مع إيران في 2016 بعد اقتحام سفارتها بطهران في أثناء خلاف بين البلدين بشأن إعدام الرياض رجل دين شيعياً.