زعمت تقارير غربية أن التحذيرات التي وجهتها أمريكا إلى روسيا بشأن تبعات زيادة تعاونها مع إيران، نجحت في ثني موسكو عن شراء صواريخ باليستية من إيران، خوفاً من أن يزود حلفاء أوكرانيا كييف بصواريخ بعيدة المدى، وفق ما ذكرته صحيفة Financial Times البريطانية، الإثنين 6 مارس/آذار 2023.
الصحيفة أشارت إلى أن إيران كانت قد أرسلت مئات الطائرات المسلحة المسيرة إلى روسيا التي استخدمتها لمهاجمة البنية التحتية الحيوية في أوكرانيا. وترى العواصم الغربية أن طهران لا تمانع زيادة تعاونها العسكري مع موسكو.
لكن رغم القصور في مخزونها، امتنعت روسيا حتى الآن عن شراء الصواريخ الباليستية طويلة المدى الإيرانية، التي تفوق سرعتها سرعة الصوت وتحمل رؤوساً متفجرة كبيرة.
لماذا تراجعت روسيا؟
أحد العوامل المهمة وراء ذلك، وفقاً لتقديرات دول الناتو، هو تهديد الولايات المتحدة بتزويد كييف بمنظومة الصواريخ "Atacms" التي يساعدها مداها البالغ 300 كيلومتر على الوصول إلى عمق الأراضي التي تسيطر عليها روسيا.
حيث كثفت الولايات المتحدة مؤخراً تحذيراتها من تعميق التعاون العسكري بين روسيا وإيران، فيما أعرب دبلوماسيون أوروبيون عن مخاوفهم لطهران. وقالت جوليان سميث، سفيرة الولايات المتحدة لدى الناتو، إن الحلفاء الغربيين يرون أن العلاقة بين البلدين "مقلقة جداً".
كما أضافت المسؤولة الدبلوماسية الأمريكية أنه "من الواضح أن هذا الوضع يزعجنا جميعاً. وهو موضوع نقاش دائم داخل الحلف. وسنواصل إرسال إشارات إلى إيران بمخاطر دعمها لروسيا في هجماتها وحربها داخل أوكرانيا".
لكن المسؤولين يقرون بأن موسكو قد تغير موقفها من الصواريخ الباليستية الإيرانية في ظل النقص الشديد في صواريخها دقيقة التوجيه وتعثّر إنتاجها محلياً.
حيث أوضح أحد المسؤولين أن الجيش الروسي قلق بالفعل من قدرته على الاستمرار في الحرب، بعد تراجع إمدادات الصواريخ والمدفعية إلى نصف مستوياتها أواخر العام الماضي. وقال مسؤول أوروبي: "الروس في موقف صعب. وبحاجة ماسة إلى هذه الصواريخ".
فيما تمكنت إيران، بمساعدة التكنولوجيا التي وفرتها لها روسيا في التسعينيات، من بناء أكبر أسطول صواريخ باليستية في الشرق الأوسط في إطار برنامج وصفته وزارة الدفاع الأمريكية عام 2019 بأنه "دقيق" و"متطور".
أسلحة أمريكية لأوكرانيا وإيرانية لروسيا
قدمت الولايات المتحدة هذا العام وحده أسلحة إلى أوكرانيا بقيمة 10 مليارات دولار، لكن واشنطن رفضت طلبات كييف تزويدها بصواريخ Atacms التي يزيد مداها بأربعة أضعاف عن مدى صواريخ هيمارس التي منحتها الولايات المتحدة لأوكرانيا وساعدتها في إلحاق أضرار فادحة بالقوات الروسية.
كما قال مسؤولون ومحللون غربيون إن طهران وموسكو تباحثتا في إمكانية تبادل أسلحة روسية حديثة مقابل صواريخ باليستية، لكن هذه المحادثات توقفت، لأسباب منها التداعيات المحتملة لهذه الصفقة على الجانبين.
يبلغ مدى صواريخ فاتح 313 وذي الفقار الإيرانية الباليستية 500 كيلومتر و700 كيلومتر على التوالي، وستضيف قدرات كبيرة -إن لم تكن متقدمة- إلى مخزون الصواريخ الروسية المستنفد.
يقول علي فايز، مدير مشروع إيران في المجموعة الدولية للأزمات: "تدور مناقشات حول الصواريخ الباليستية، لكنهم لم يفعلوا شيئاً حتى الآن. إذ قال الأوروبيون إن العواقب ستكون وخيمة. واعتبرتها الولايات المتحدة خطاً أحمر".
تشير موجة الزيارات الأخيرة من جانب بعض المقربين من بوتين لإيران إلى أن صداقة روسيا المتنامية مع إيران تمتد إلى ما هو أكثر من التعاون العسكري.
إذ قال دبلوماسيون إيرانيون إن محافِظة البنك المركزي الروسي إليفيرا نابيولينا تستعد لزيارة طهران قريباً. وزار أليكسي ميللر، الرئيس التنفيذي لشركة غازبروم الروسية التابعة للدولة، طهران، الأسبوع الماضي.
حسب الصحيفة البريطانية، من المرجح أن تركز زيارة نابيولينا على دمج نظامي المدفوعات البنكية الروسي والإيراني، اللذين تسببت العقوبات الغربية في إقصائهما من النظام العالمي، وفقاً لمسؤول سابق بالبنك المركزي الروسي.