نشرت صحيفة The Wall Street Journal الأمريكية، الأحد 5 مارس/آذار 2023 تقريراً رصدت فيه تزايد المخاوف لدى مسؤولين أمريكيين من أن الرافعات الصينية العملاقة التي تعمل بالموانئ الأمريكية في جميع أنحاء البلاد، وفي موانئ يستخدمها الجيش الأمريكي، قد تكون أدوات تستعملها بكين خفيةً للتجسس على الولايات المتحدة بمرأى من الجميع.
إذ قال بعض مسؤولي الأمن القومي والبنتاغون إنه على الرغم من أن الرافعات التي تنتجها شركة ZPMC تعتبر جيدة الصنع وغير مكلفة نسبياً، إلا أنها تحتوي على أجهزة استشعار متطورة يمكنها تسجيل وتتبع مصدر ووجهة الحاويات؛ مما يثير مخاوف من أن الصين يمكن أن تحصل على معلومات حول المواد التي يتم شحنها داخل أو خارج البلاد لدعم العمليات العسكرية الأمريكية في جميع أنحاء العالم.
إلى ذلك، قال بيل إيفانينا، المسؤول الأمريكي السابق لمكافحة التجسس، إن الرافعات توفر أيضاً وسائل وصول لمن يريد تعطيل عملية تدفق البضائع، "فهذه الرافعات كأنها وسيلة أخرى [للتجسس] مثل شركة هواوي"، التي حظرت الولايات المتحدة معداتها بعد تنبيهات من إمكان استخدامها للتجسس على الأمريكيين. وهذه الرافعات "نموذج مثالي للجمع بين الأعمال المشروعة والوسائل المتنكرة لإخفاء منظومة استخبارات سرية".
الصين ترد على مخاوف واشنطن
في المقابل، وصف ممثل عن السفارة الصينية في واشنطن مخاوف الولايات المتحدة بشأن الرافعات بأنها ليست إلا "هذياناً مدفوعاً بهوس الشك" غرضه عرقلة التعاون التجاري والاقتصادي مع الصين.
وقال ممثل السفارة إن مساعي "التلاعب بورقة التخويف من الصين" وتعميم نظرية "التهديد الصيني" أمور تفتقر إلى التحلّي بحس المسؤولية و"تضر بمصالح الولايات المتحدة نفسها".
من جهة أخرى، لم يرد ممثلو شركة ZPMC الصينية على طلبات التعليق على الصحيفة الأمريكية.
تزايد المخاوف بعد أزمة المناطيد
تأتي هذه المخاوف في أعقاب التوترات التي أثارتها المناطيد الصينية التي زعمت الولايات المتحدة أنها وسائل للتجسس تتجاوز الأدوات المعتادة لجمع المعلومات الاستخباراتية؛ مثل الجواسيس والأقمار الصناعية.
في السنوات الماضية، بدأ مسؤولو الأمن القومي بالولايات المتحدة في التنبيه إلى إمكان استخدام الكثير من المعدات المصنعة في الصين لأغراض المراقبة وإحداث الاضطرابات في البلاد، وشملت تلك المعدات أنظمة فحص الحقائب والمحولات الكهربائية. وأعربوا كذلك عن مخاوف أكبر بشأن سيطرة الصين المتزايدة على موانئ كثيرة في جميع أنحاء العالم، زاعمين أن الصين تصنع تقريباً جميع حاويات الشحن الجديدة في العالم، وتتحكم في خدمة بيانات الشحن.
في هذا السياق، فإن مشروع قانون السياسات الدفاعية الأمريكي البالغة قيمته 850 مليار دولار أمريكي، والذي أقره في ديسمبر/كانون الأول المسؤول البحري بوزارة النقل، بالتشاور مع وزير الدفاع وآخرين، قد تضمن بنداً يقتضي إعداد دراسة لا تخضع للسرية بحلول نهاية هذا العام لتحديد ما إذا كانت الرافعات المصنعة في الخارج تتضمن تهديداً للأمن السيبراني أو الأمن القومي في الموانئ الأمريكية، أم ليست كذلك.
مع ذلك، لم يذكر مسؤولو الأمن القومي الأمريكي أي حوادث استُخدمت فيها تلك الرافعات استخداماً مثيراً للشبهة. وقد دخلت رافعات شركة ZPMC إلى السوق الأمريكية منذ قرابة عقدين من الزمن، ووصفها التنفيذيون في هذا المجال بأنها عالية الجودة وأرخص بكثير من مثيلاتها التي تنتجها شركات غربية.
في السنوات الأخيرة، تنامت أعمال الشركة الصينية حتى أصبحت الشركة تحتل مكانة بارزة في صناعة الموانئ الرقمية العالمية، بالتعاون مع شركة مايكروسوفت الأمريكية وغيرها، في تطوير أدوات للتوصل بين المعدات والتحليل للبيانات.
تقول شركة ZPMC إنها تسيطر على نحو 70% من السوق العالمي للرافعات وقد باعت معداتها في أكثر من 100 دولة. وقال مسؤول أمريكي إن الشركة الصينية تصنع ما يقرب من 80% من رافعات الشحن المستخدمة في الموانئ الأمريكية.
تُسلَّم أغلب الرافعات إلى الموانئ الأمريكية مجمعةً بالكامل وتشغِّلها برامج صينية الصنع. وقال مسؤولون أمريكيون إن الموانئ تتلقى الدعم في بعض الأحيان من مواطنين صينيين يعملون بتأشيرات دخول إلى الولايات المتحدة مدتها عامين، ووصفوا هذه الوسائل بأنها سُبل محتملة يمكن من خلالها جمع معلومات استخباراتية.