قالت صحيفة The Daily Telegraph البريطانية، الخميس 2 مارس/آذار 2023، إن الهجوم الروسي المُتعثِّر صار غارقاً في الوحل مع حلول موسم "راسبوتيتسا" أو حين يبدأ الجليد في الذوبان بالربيع وتتحول الأرض إلى مستنقعات طينية كثيفة، مبكراً في أوكرانيا.
حسب الصحيفة، أصابت لعنة الموسم المُوحِل، المعروف في روسيا باسم "راسبوتيتسا"، والذي يُطلَق عليه أحياناً "جنرال الوحل"، دبابات بانزر التي أغار بها هتلر على موسكو في عام 1941، وغالباً ما يُنسَب إلى هذا الموسم الفضل في إنقاذ العاصمة السوفييتية من الاحتلال الألماني.
تحولت ساحات المعارك والغابات، التي كانت مغطاة بالثلوج، إلى مستنقعات لا يمكن اختراقها من الوحل العميق نتيجة لحلول الطقس الأدفأ فجأةً. وتُظهِر المشاهد حول مدينة باخموت كيف تحولت الطرق إلى أنهار، وصارت الخنادق المحفورة بحذر مليئة بالوحل حتى ارتفاع الركبتين.
حسب الصحيفة البريطانية فإنه برغم أنَّ هذه الظروف البيئية تمثل كابوساً للغالبية، فإنها ستصب في صالح القوات الأوكرانية المتحصنة في خنادقها، وستساعدها، على الأرجح في الدفاع عن مدينة مناجم الملح، التي كانت مسرحاً لبعض أعنف المعارك.
في الوقت نفسه، بدأت القوات الروسية، التي تعتمد على التحرك السريع لإحراز تقدم، تعلق بالفعل في الوحل. وقال ميكولا، قائد بطارية قاذفة صواريخ على الخطوط الأمامية: "كلا الجانبين ثابت في مواقعه، لأنَّ الربيع، كما ترون، يعني الطين. لذا من المستحيل التحرك للأمام".
بينما تحاول قوات موسكو، بمساعدة مرتزقة مجموعة فاغنر، باستماتةٍ تطويق من تبقى من الأوكرانيين في باخموت؛ لإجبارهم على الانسحاب.
فيما تغاضى الروس عن الخسائر الفادحة التي لحقت بهم في معركة استنزاف طاحنة، وتقدموا ببطء إلى الأمام عبر مشهد مُدمر تملؤه آثار القصف باتجاه خطوط كييف الدفاعية التي تصمد هناك منذ أكثر من ستة أشهر.
لكن على الرغم من أنَّ المعركة "تزداد صعوبة"، وفقاً للرئيس فولوديمير زيلينسكي، فقد رفضت أوكرانيا تسليم البلدة. ومع ذلك، تشير التقارير إلى أنَّ المخططين العسكريين يستعدون لانسحاب محتمل.
تأثير ذوبان الجليد على خطط الجيش
قد يكون ذوبان الجليد في الربيع، الذي له تاريخ في تدمير خطط الجيوش للهجوم بجميع أنحاء أوكرانيا، فتح نافذة فرصة لمدة شهر أمام كييف لتعزيز موقعها هناك.
قال هاميش دي بريتون غوردون، القائد السابق للفوج الملكي الأول للدبابات، إنَّ "الأيام الأولى من الربيع وطبيعة الأرض المُعرقِلة سيجعلان الحياة أصعب على الهجمات الروسية، خاصةً تلك التي تشنها قوات المشاة؛ لأنَّ الطين الثقيل سيُبطِئها". وسوف يعيق هذان العاملان الجهود الروسية في باخموت تحديداً.
أضاف دي بريتون غوردون أنَّ "مهاجمة باخموت وسط هذا الوحل ستؤدي على الأرجح إلى مزيد من المذابح في صفوف الروس". وفي أماكن أخرى من ساحة المعركة، من المتوقع أن تعاني الدروع الروسية من مصير مماثل عندما يواجهها الوحل.
فعلى الرغم من أنَّ أسطول الدبابات في موسكو لم يعُد يُبنَى مثل الدبابات ذات قضبان السير الرفيعة منذ 80 عاماً، فإنها مُعرَّضة بدرجة كبيرة للتأثر بالمستنقعات، لأنها ذات خلوص أرضي منخفض.
فرصة أمام أوكرانيا
منذ أكثر من عام، أفاد ضباط المخابرات الأمريكية بأنَّ فلاديمير بوتين قد أخّر خطط غزوه الأولية على أوكرانيا إلى تجمُّد الأرض.
بذلك قد تتمتع أوكرانيا بالأفضلية بفضل إدخال الدبابات غربية الصنع ضمن قواتها، التي بُنيَت بخلوص أعلى من الأرض، مما يجعلها أقل عرضة للعرقلة في الوحل.
بينما يقدم التغير في الطقس أيضاً لقوات كييف عدداً من الفرص الأخرى للفوز بالسيطرة في حربهم ضد الروس.
إذ قد تُمكِّن السماء الأكثر صفاءً موسكو من نشر قوتها الجوية المتفوقة، لكنها ستجعلها أيضاً أكثر عُرضة لشحنات الدفاع الجوي المتزايدة باستمرار إلى أوكرانيا.
من المفترض أن يجف الوحل ويصير أصلب قواماً مع وصول دبابات "ليوبارد" ألمانية الصنع و"تشالنجر" البريطانية إلى ساحة المعركة، والتي من المتوقع أن تصل في نهاية الشهر.
إضافة إلى ذلك، ستسمح أنظمة الرؤية الليلية لكييف بشن هجمات ليلية، وهي ميزة أخرى على العدو الروسي.
كما توقع هاميش دي بريتون غوردون، القائد السابق للفوج الملكي الأول للدبابات: "من المحتمل أن تتطلع الضربات المُدرعة الأوكرانية إلى الالتفاف حول المواقع الروسية والوقوف وراءها، بدلاً من خوض هجمات أمامية كاملة لقمعها، وعلى ما يبدو فإن هذا هو أفضل ما تستطيع القوات الروسية ضعيفة التدريب فعله".