بعدما ضرب زلزال مدمر جنوبي تركيا وشمالي غرب سوريا، يوم 6 فبراير/شباط 2023، حركت صورة الرجل التركي مسعود هانتشر، وهو يمسك بيد ابنته المتوفاة تحت الأنقاض في مدينة كهرمان مرعش، العالم بأسره، وتبعتها حملة تضامن مع هذا الرجل الذي بات محطماً.
مسعود وبعد 3 أسابيع من وقوع الزلزال الذي تسبب بمقتل ما لا يقل عن 50 ألف شخص بتركيا وسوريا، تحدث عما حلّ به، وعن تفاصيل متعلقة بالصورة التي التقطتها له وكالة الأنباء الفرنسية، وأصبحت حديث العالم.
غادر مسعود وهو والد لأربعة أطفال من بينهم إرماك (15 عاماً) التي قضت مدفونة تحت أنقاض مبنى من ثمانية طوابق، كهرمان مرعش في جنوب شرق تركيا، ليستقر في أنقرة.
قال مسعود، في تصريح للوكالة الفرنسية: "لقد فقدت أيضاً والدتي وإخوتي وأبناء إخوتي في الزلزال. لكن دفن ولدك لا نظير لمأساويته.. إنه ألم لا يوصف".
اليوم تحاول الأسرة إعادة بناء حياة بعيداً عن كهرمان مرعش، المدينة القريبة من مركز الزلزال الذي بلغت قوته 7.8 درجة.
يوم الزلزال
وقت وقوع الزلزال، عند الساعة 04:17 صباحاً (01.17 بتوقيت غرينتش)، كان مسعود يعمل في مخبزه، واتصل فوراً بأسرته للاطمئنان، وكان منزلهم المؤلّف من طابق واحد، رغم تعرضه لأضرار، صامداً وكانت زوجته وأولاده الثلاثة البالغون سالمين.
لكن الأسرة لم تستطع الوصول إلى أصغر أفرادها، إرماك التي كانت نائمة في تلك الليلة عند جدتها، فقد أرادت هذه الفتاة تمضية مزيد من الوقت مع بنات عماتها اللواتي أتين للزيارة من إسطنبول وهطاي.
هرع مسعود الذي شعر بالقلق مسرعاً إلى منزل والدته، وهناك، وجد المبنى المؤلف من ثمانية طوابق منهاراً ومحاطاً بجبال من الأنقاض وتحتها ابنته.
لم يأت أي فريق إنقاذ حتى اليوم التالي، ما ترك مسعود وغيره من السكان وحيدين في جهودهم اليائسة للعثور على أحبائهم تحت الأنقاض، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية.
حاول مسعود سحب جثة إرماك من طريق إزالة الكتل الإسمنتية بيديه العاريتين، لكن من دون جدوى. لذلك، بقي جالساً بدون حراك بجوار ابنته الميتة، وقال: "أمسكت بيدها ولامست شعرها وقبلت خديها".
وفي وقت لاحق، رأى المصور من وكالة فرانس برس آدم ألتان يلتقط صوراً، فهمس له بصوت مرتجف: "التقط صوراً لطفلتي".
محاولة لبدء حياة جديدة
أصبحت صورة مسعود الذي يرتدي سترة برتقالية ساكناً وسط الاضطرابات، غير مبال بالمطر والبرد وممسكاً بيد ابنته، رمزاً للكارثة، وقد أثارت الصورة التي تصدّرت الصفحات الأولى للعديد من الصحف حول العالم والتي تم تشاركها ملايين المرات على الإنترنت، موجة من التضامن مع الأب وعائلته.
قدّم رجل أعمال من أنقرة مسكناً للأسرة، وعرض تعيين مسعود موظفاً إدارياً في القناة التلفزيونية التي يملكها.
في صالون منزل عائلة مسعود، تم وضع لوحة رسمها فنان وتظهر إرماك كملاك بجوار والدها، وقال مسعود: "لم أستطع ترك يدها. كانت ابنتي نائمة مثل الملاك في سريرها".
يُشار إلى أن عدد وفيات الزلزال في تركيا وسوريا تجاوز 50 ألفاً، الجمعة 24 فبراير/شباط 2023، بعدما أعلنت تركيا عن زيادة جديدة في حصيلة الوفيات.
إدارة الكوارث والطوارئ التركية (آفاد) قالت إن عدد القتلى من الهزات الأرضية في تركيا ارتفع إلى 44218 قتيلاً ليل الجمعة، وبإضافة أحدث رقم معلن في سوريا وهو 5914 قتيلاً، يرتفع عدد القتلى الإجمالي في البلدين متجاوزاً 50 ألفاً.