تواصل الشرطة التونسية اعتقال المزيد من المعارضين، في حملة اعتقالات انطلقت منذ أسابيع واستهدفت سياسيين وإعلاميين وحقوقيين في تونس، كان آخرهم الناشط السياسي والحقوقي عز الدين الحزقي، والد جوهر بن مبارك، عضو جبهة الخلاص، وفق ما أعلنته وسائل إعلام محلية، الخميس 23 فبراير/شباط 2023.
يأتي ذلك بعد أن اعتقلت الشرطة التونسية المعارضَين البارزَين شيماء عيسى وعصام الشابي، وحاصرت منزلاً ثالثاً، وهو جوهر بن مبارك، الأربعاء 22 فبراير/شباط، في إطار حملة متصاعدة شملت سياسيين منتقدين للرئيس قيس سعيّد الذي وصف خصومه بأنهم خونة ومجرمون.
حيث استهدفت الاعتقالات، هذا الشهر، بعضاً من أهم منتقدي سعيد إلى جانب سياسيين وقضاة ورجل أعمال صاحب نفوذ ومدير إذاعة "موزاييك إف.إم"، أهم وسيلة إعلام مستقلة في تونس.
فيما قالت أسرة ومحامو عصام الشابي لوكالة "رويترز" إن الشابي، وهو رئيس الحزب الجمهوري، اعتُقل بالقرب من مركز تجاري أثناء وجوده مع زوجته بالعاصمة. وفتشت الشرطة منزله في وقت لاحق.
بينما قال سمير ديلو، محامي شيماء عيسى القيادية بجبهة الخلاص، وهي أيضاً منتقدة شرسة لسعيّد، إن شيماء اعتُقلت بعد أن حاصرتها الشرطة في سيارتها. وطوَّقت الشرطة منزل جوهر بن مبارك لاحتجازه، لكنه لم يكن هناك، وفقاً لما ذكرته شقيقته المحامية دليلة بن مبارك لـ"رويترز".
أحزاب معارضة تنتقد "القمع"
من جهة أخرى، وصفت 4 أحزاب معارضة في البلاد حملة الاعتقالات الراهنة بـ"القمعية"، داعيةً إلى "الإفراج الفوري" عن كل المعتقلين. ونددت بتلك الاعتقالات أحزاب "العمال" و"القطب" (يسار) و"التيار الديمقراطي" و"التكتل من أجل العمل والحريات" (اجتماعي)، حسب ما ذكرته وكالة الأناضول.
كما وصفت الأحزاب الأربعة، في بيان مشترك، الاعتقالات بـ"القمعية"، وأعربت الأحزاب عن تضامنها مع كل المستهدفين في "حملة الإيقافات". ودعت السلطات إلى "الإفراج الفوري" عن كل المعتقلين؛ "بسبب معارضتهم لسلطة الانقلاب"، وفق البيان.
بينما شددت على "تمسكها بحق الشعب التونسي في ديمقراطية حقيقية يتمتع فيها بكامل حريته وحقوقه، ويمارس فيها بنفسه السلطة عبر انتخابات ديمقراطية وبلا وصاية شعبوية، ولا إقحام لشوكة أجهزة الدولة في الصراع السياسي".
في 14 فبراير/شباط الجاري، اتهم الرئيس التونسي قيس سعيد بعض المعتقلين بـ"التآمر على أمن الدولة والوقوف وراء أزمات توزيع السلع وارتفاع الأسعار".
مقابل تشديد سعيد مراراً على استقلال المنظومة القضائية، تتهمه المعارضة باستخدام القضاء لملاحقة الرافضين لإجراءات استثنائية بدأ فرضها في 25 يوليو/تموز 2021، مما أحدث انقساماً حاداً في البلاد.
من أبرز هذه الإجراءات: إقالة الحكومة وتعيين أخرى، وحل مجلس القضاء والبرلمان، وإصدار تشريعات بأوامر رئاسية، وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة، وإقرار دستور جديد عبر استفتاء.
تعتبر قوى تونسية تلك الإجراءات "انقلاباً على الدستور وتكريساً لحكم فردي مطلق"، بينما تراها قوى أخرى "تصحيحاً لمسار ثورة 2011″، التي أطاحت بالرئيس آنذاك زين العابدين بن علي (1987ـ 2011).
بينما قال سعيد، الذي بدأ في 2019 فترة رئاسية تستمر 5 سنوات، إن إجراءاته "ضرورية وقانونية" لإنقاذ الدولة من "انهيار شامل".
شكوى ضد الحكومة التونسية
من جهته، أعلن الاتحاد الدولي للصحفيين، الخميس، أنه يدرس تقديم شكوى إلى منظمة العمل الدولية ضد الحكومة التونسية لـ"انتهاك الحق في التظاهر".
بـ"أشد عبارات التنديد"، قال الاتحاد، في بيان على موقعه الإلكتروني، إنه "يدين إقحام الزميل محمد ياسين الجلاصي، نقيب الصحفيين التونسيين، في قضية تشمل تهماً خطيرة وملفقة".
كما أوضح أن القضية تتعلق بـ"الاعتداء على موظف عمومي والتحريض على العصيان"، على خلفية تغطيته الصحفية لمظاهرة شبابية بتونس العاصمة في 18 يوليو/تموز 2022، للتنديد بالاستفتاء والدستور الجديد.
هذا الاستهداف، بحسب البيان، يأتي "في سياق عام يستهدف حرية التعبير والصحافة في تونس ويهدد جدياً المكاسب التي حققتها منذ ثورة 2011". ودعا السلطات التونسية إلى "احترام تعهداتها الدولية والكف عن استعمال الأجهزة القضائية والأمنية في حل قضايا لا يمكن حلها إلا بالحوار والتفاوض".
متهماً إياها بـ"انتهاك الحق في التظاهر"، كشف الاتحاد عن أنه يدرس تقديم شكوى ضد الحكومة التونسية إلى منظمة العمل الدولية التابعة للأمم المتحدة في جنيف.