روسيا تهاجم ماكرون بسبب تصريحاته.. ذكّرته بهزيمة نابليون بونابرت، فما قصة الخسارة التاريخية له؟

عربي بوست
تم النشر: 2023/02/19 الساعة 11:53 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/02/19 الساعة 11:53 بتوقيت غرينتش
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون - رويترز

شنت موسكو، الأحد 19 فبراير/شباط 2023، هجوماً لاذعاً على الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بسبب تصريحاته التي قال فيها إنه يرغب في أن تلقى روسيا الهزيمة، وقالت إنها ما زالت تتذكر مصير القائد الفرنسي نابليون بونابرت، الذي تعرض لهزيمة تاريخية بعدما شن معركة ضد روسيا.

كان ماكرون قد صرح لصحيفة "جورنال دو ديمانش"، بأن فرنسا تريد أن تلحق الهزيمة بروسيا في أوكرانيا، لكنها لم ترغب قط في "سحقها".

ماريا زاخاروفا، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، قالت إنه "بالنسبة للفظة (قط)، لم تبدأ فرنسا بماكرون، ورفاتُ نابليون الموقرُ على مستوى الدولة راقد في قلب باريس. وعلى فرنسا وروسيا أن تدرك ذلك"، وفقاً لما ذكرته وكالة رويترز.

أضافت زاخاروفا: "بشكل عام، ماكرون بلا قيمة"، واعتبرت أن تعليقاته أظهرت أن الغرب أجرى مباحثات حول تغيير النظام في روسيا، فيما دأب ماكرون على السعي إلى عقد اجتماعات مع القيادة الروسية. 

كذلك اتهمت موسكو دبلوماسية ماكرون مع الكرملين بأنها قائمة على الرياء.

وأثار ماكرون انتقادات بعض الشركاء في حلف شمال الأطلسي، بسبب توجيه رسائل مختلطة فيما يتعلق بسياسته إزاء الحرب بين أوكرانيا وروسيا، إذ تعتبر بعض الدول باريس حلقة ضعيفة في الحلف الغربي.

كان ماكرون قد حث الحلفاء يوم الجمعة الماضي، على زيادة الدعم العسكري لأوكرانيا، لكنه قال أيضاً إنه لا يؤمن بتغيير النظام وإنه يجب أن تجري مفاوضات في مرحلة ما.

أوضح ماكرون في هذا الصدد: "لنكن واضحين. لا أؤمن للحظة واحدة بتغيير النظام، وحينما أسمع كثيراً من الناس ينادون بتغيير النظام أسألهم: لأي تغيير؟ من التالي؟ مَن زعيمكم؟".

لتوضيح هذه التعليقات، قال ماكرون في الصحيفة إنه لا يعتقد أن حلاً ديمقراطياً سيظهر من داخل المجتمع المدني في روسيا بعد أعوام من تشديد موقف موسكو. وأضاف أنه لا يرى بديلاً لبوتين، الذي يجب إعادته إلى طاولة المفاوضات، مضيفاً: "تبدو جميع الخيارات عدا فلاديمير بوتين في المنظومة الحالية أسوأ بالنسبة لي".

المعركة التي هُزم فيها نابليون

تصريحات زاخاروفا عن هزيمة بونابرت، تقصد بها المعركة التي اندلعت عام 1812، والتي شنها نابليون على الإمبراطورية الروسية الضخمة. 

كانت فرنسا قد أُعلنت إمبراطورية في مايو/أيار 1804، وشلمت الإمبراطورية، فرنسا وإيطاليا وأجزاء من ألمانيا والنمسا وبلجيكا وامتدت حتى روسيا، بحسب هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي). 

أخضع نابليون الحلفاء باستثناء بريطانيا، وكانت الأخيرة عصية على الهزيمة، بسبب تفوقها البحري، فقرر نابليون فرض حصار قاري على بريطانيا، وتم الاتفاق  مع ألكسندر الأول، قيصر روسيا، على مشاركة روسيا في الحصار. 

لكن الحصار أثر سلباً على اقتصاد روسيا التي كانت شريكة اقتصادية مهمة لبريطانيا، فازداد التضخم وأصبح العجز بالميزانية كبيراً؛ ما دفع الروس إلى استئناف التجارة مع بريطانيا وتجاهل حصار نابليون. 

إضافة إلى أسباب أخرى غير التجارة، بينها النظرة العامة لنابليون، وزيادة الروس لقوة قواتهم، توترت العلاقات بين الجانبين. 

بحسب "بي بي سي"، قال المارشال دافوت قائد القوات الفرنسية لنابليون، في إشارة إلى البيانات الاستخباراتية: "يتحدث الروس علانية عن الغزو في ثلاثة اتجاهات: عبر بروسيا، ومن غرودنو إلى وارسو، وعبر غاليسيا".

ثم في 2 مارس/آذار من عام 1810، قدَّم وزير الحرب الروسي إلى ألكسندر الأول خطة تحتوي على خيارين: الهجوم والدفاع. وفي عام 1812 تحالفت روسيا مع السويد عدوة نابليون، الذي لم يعد بإمكانه التغاضي عن تجاهل روسيا لالتزاماتها بموجب المعاهدة.

نابليون بونابرت
نابليون بونابرت – صورة أرشيفية

في عام 1811 كانت الإمبراطورية النابليونية قد أظهرت علاماتٍ على الانتكاس، وفي العام 1812، ذهب نابليون إلى الحرب ضدّ روسيا، حيث جمع قوةً تضمُّ أكثر من 40.000 جندي، برفقة العدد نفسه من المناصرين وكثير من الدعم. 

كان من شبه المستحيل إطعام مثل هذا الجيش أو السيطرة عليه بشكلٍ كاف، وتراجع الروس مرّات عديدة عبر مساحات أراضيهم الضخمة، مما أدى إلى تدمير الموارد المحلية وعُزل جيش نابليون عن إمداداته، وفقاً لما ذكره موقع ThoughtCo الأمريكي.

تردد نابليون باستمرار، حتى وصوله لموسكو في 8 سبتمبر/أيلول 1812 بعد معركة بورودينو، الصراع الدموي الذي مات فيه أكثر من 80.000 جندي، وعلى الرغم من ذلك رفض الروس الاستسلام، بل أحرقوا موسكو وأجبروا نابليون على انسحابٍ طويل، والتقهقر إلى أراضٍ صديقة.

واجه الجيش الكبير لنابليون الجوعَ والأحوال الجوية القاسية والمحاربين الروس المروّعين المدافعين عن وطنهم طيلة الوقت. وبحلول نهاية عام 1812، لم يتمكن سوى 10 آلاف جندي من القتال، وكثير من الباقين ماتوا في ظروفٍ مروّعة، وكان مناصرو المعسكر في حال أسوأ بكثير. 

تقول هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، إن تلك الحملة الفاشلة أسفرت عن انهيار الإمبراطورية الفرنسية التي سادت في ذلك الوقت القارة الأوروبية.

تحميل المزيد