أثار طالب مدرسة ثانوية في تركيا حزن الأتراك، بعد انتشار مقطع فيديو له، صوّر فيه رسالة وداع لأحبابه، بينما كان محاصراً تحت أنقاض منزله في مدينة أديامان، التي تأثرت بالزلزال المُدمر، الذي ضرب تركيا يوم 6 فبراير/شباط 2023، وخلّف وراءه عشرات آلاف الوفيات، ودماراً كبيراً في مدنٍ عدة.
صحيفة The Washington Post، قالت السبت 18 فبراير/شباط 2023، إن الطالب هو طه أردم، ويبلغ من العمر 17 عاماً، وعندما ضرب الزلزال، الذي بلغت قوته 7.8 درجة على مقياس ريختر، منزلهم في أديامان، كان طه وعائلته يغطون في النوم.
فزع طه من نومه على وقع الهزات العنيفة التي ضربت المبنى المكون من 4 طوابق، في حي يغلب عليه السكان من الطبقة العاملة، بالمدينة الواقعة في وسط الأناضول.
في غضون 10 ثوانٍ انهار المبنى، وطه ووالدته ووالده وأخوه الصغير وأخته تحت الركام، ولم يلبث أن وجد طه نفسه محاصراً تحت أطنان من الأنقاض، والموجات المتتالية من توابع الزلزال تحرِّك الأنقاض من فوقه، وتضيّق عليه حيزه وسط ركام الخرسانة المتداعي.
ما كان من طه إلا أن أخرج هاتفه المحمول، وبدأ في تسجيل رسالة وداع أخيرة، على أمل العثور عليها بعد وفاته.
قال طه في رسالة الوداع، بينما كانت يداه ترتعشان، ويهتز المبنى من حوله: "أظن أن هذا آخر فيديو سأصوِّره لكم"، ثم يسأل الله العفو والمغفرة.
رغم ذلك أظهر طه رباطة جأش وشجاعة كبيرة، قياساً إلى كونه طالباً في مقتبل عمره يتحدث بكلماته الأخيرة، ويسرد إصاباته، ويتحدث عن ندمه، والأشياء التي يرجو فعلها إذا كُتبت له النجاة، فيما يُسمع خلال الفيديو صرخات محاصرين آخرين تحت ركام المبنى.
يقول طه: "ما زالت الأرض تهتز بنا، الموت يا إخواني يدرك المرء بغتة من حيث لا يدري، هناك أشياء كثيرة فعلتها وأندم عليها، أسأل الله أن يغفر لي جميع ذنوبي، وإن خرجت من هنا حياً اليوم، فإن هناك أشياء كثيرة أريد فعلها، يدي لا ترتجف، إنه الزلزال".
يختم طه بالقول إنه يظن أن عائلته قد ماتت، ومعها كثير من الناس في المدينة، وهو سيلحق بهم قريباً.
بحسب الصحيفة الأمريكية، فإن طه كُتب له أن يكون من بين أول الناجين الذين أنقذهم الجيران من المبنى المدمر، فقد سحبوه من تحت الأنقاض بعد ساعتين ونقلوه إلى منزل خالته.
ثم بعد 10 ساعات من الزلزال، تمكن الناس من إنقاذ والدَي طه وإخوته، بعد أن أزالوا حطام المبنى بأيديهم وما توافر لهم من معاول وأدوات.
وكالة The Associated Press الأمريكية، تحدثت إلى الأسرة يوم الخميس، 16 فبراير/شباط 2023، وكانوا يعيشون في إحدى الخيام التي قدمتها الحكومة إلى مئات آلاف الناجين من الكارثة، التي ضربت جنوبي تركيا وشمالي سوريا، وأسفرت عن مقتل أكثر من 43 ألف شخص.
زليحة، والدة طه، قالت وهي تشاهد الحفارات تزيل بقايا حياتها القديمة، وتلقي بها في شاحنات النقل الثقيلة: "هذا منزلي"، وتتذكر: "سقط المبنى طابقاً تلو الآخر فوقنا"، وصراخها باسم ابنها وهي محاصرة تحت الأنقاض، وهي تؤمل ألا يشتت الموت عائلتها.
كانت أخت طه الصغرى (13 عاماً)، وأخوه (9 سنوات)، ينامان في غرفة والديهما عندما وقع الزلزال. أما طه فلم تصله نداءات والدته من خلف كتل الخرسانة، ولم تسمع هي صرخات ابنها في الظلام، وظن كل منهما أن الآخر مات تحت أنقاض المبنى المدمر.
لم تدرك زليحة وزوجها، الذي يعمل عامل تنظيف بمستشفى، أن ابنهما طه قد نجا إلا حين ذهبوا إلى منزل الخالة. وقالت زليحة عن ذلك: "كأني امتلكت العالم في تلك اللحظة، لم يعد بي حاجة إلى شيء، فقد كان لدي أطفالي".
يُذكر أنه عقب الزلزال الأول الذي ضرب جنوبي تركيا وشمالي سوريا، ضرب زلزال آخر المنطقة بقوة 7.6 درجة، وتبع الزلزالين آلاف الهزات الارتدادية العنيفة، ما خلف خسائر كبيرة بالأرواح والممتلكات في البلدين.