نجح الجيش الأمريكي في إتمام تجارب عسكرية سمح فيها لبرنامجَي ذكاء اصطناعي بقيادة طائرة مقاتلة، ومواجهة طائرات معادية، خلال سلسلة من اختبارات الطيران التي أُجريت حديثاً؛ حيث يمثل الأمر خطوة مهمة في مساعي وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) لتطوير قدرات الذكاء الاصطناعي المتقدمة.
موقع Insider الأمريكي قال، الخميس، 16 فبراير/شباط 2023، إن "الوحدة 412 لاختبارات الطيران" بسلاح الجو الأمريكي أعلنت في بيانٍ أصدرته هذا الأسبوع أنها أشرفت على تجارب تضمنت السماح لبرنامجين مختلفين من برمجيات الذكاء الاصطناعي بقيادة المقاتلة "إكس 62 إيه"، المعدَّلة بالنظام المعروف باسم "طائرة اختبار المحاكاة للاستقرار المتغير أثناء الطيران" (فيستا)، مع وجود طيَّار بشري في قُمرة القيادة، خلال 12 اختباراً أجرتهم في ديسمبر/كانون الأول بقاعدة إدواردز الجوية في ولاية كاليفورنيا الأمريكية.
وتشير البيانات الواردة عن وكالة مشروعات الأبحاث الدفاعية المتقدمة (DARPA) إلى أن المقاتلة فيستا هي طائرة مقاتلة من طراز إف 16 "فائقة التعديل" ومزودة بمقعدين، يمكن قيادتها باستخدام برامج الذكاء الاصطناعي المستقلة، لمحاكاة قدرات الطيران المتوفرة في المقاتلة إف 16، أو الطائرة المسيَّرة "إم كيو 20".
جاء أحد البرنامجين اللذين اختبرهما الجيش الأمريكي من إنتاج وحدة عمليات القتال الجوي المستقل (ACCO) التابعة لمختبر أبحاث القوات الجوية. وقد تولى هذا البرنامج قيادة المقاتلة فيستا في اشتباكات جوية فردية ضد عدو مُحاكٍ خارج نطاق الرؤية البصرية.
أما البرنامج الآخر في الاختبارات، فقد جاء من إنشاء وحدة تطوير القتال الجوي (ACE) التابعة لوكالة مشروعات الأبحاث الدفاعية المتقدمة، وقد تمكن من قيادة الطائرة للمشاركة في معارك عنيفة، ومناورة ضمن النطاق المرئي ضد طائرة يقودها برنامج ذكاء اصطناعي.
بدوره، قال تشيس كوهلر، مدير قسم الاتصالات في الوحدة 412 التابعة لسلاح الجو الأمريكي، إن المقاتلة فيستا حلَّقت من قبل بنجاح في سلسلة من مناورات الطيران المحددة مسبقاً باستخدام الخوارزميات التي أنتجها مختبر أبحاث القوات الجوية، ووكالة مشروعات الأبحاث الدفاعية المتقدمة.
كوهلر أوضح أن "هذه هي أول مرة تتمكن فيها طائرة مقاتلة من اختبار خوارزميتين مختلفتين تماماً لبرنامجي ذكاء اصطناعي في اليوم نفسه، بل في غضون بضع ساعات".
إلى ذلك، قال أحد المسؤولين المطلعين على الاختبار في بيان صادر عن الوحدة 412 إن الاعتماد على المقاتلة المعدَّلة فيستا "زاد من وتيرة" اختبار الخوارزميات المستقلة؛ لأن نظامها يختزن البيانات التي يمكن للقوات الجوية استخدامها لمواصلة تطوير الخوارزميات.
بينما ذكر مالكولم كوتنغ، مدير الأبحاث في مدرسة اختبارات سلاح الجو التابعة للوحدة 412، أن "المقاتلة (إكس 62 إيه) المزودة بنظام فيستا أثبتت باجتيازها هذه المجموعة من الاختبارات أنها قادرة على الاضطلاع بمهمات اختبار معقدة للذكاء الاصطناعي، على نحو يسمح بالمزيد من التطوير والاختبار لقدرات الطيران بالتحكم الذاتي".
محاكاة لقتال جوي
واستندت الاختبارات إلى أبحاث الذكاء الاصطناعي التي أجراها الجيش الأمريكي على مدى سنوات. وكانت وكالة مشروعات الأبحاث الدفاعية المتقدمة أجرت منذ 3 سنوات محاكاة لقتال جوي بين طائرة من طراز إف 16 وبرنامج ذكاء اصطناعي، وانتصرت فيها المقاتلة التي قادها برنامج الذكاء الاصطناعي انتصاراً واضحاً، إلا أن طيارين سابقين في القوات الجوية والبحري الأمريكية أخبروا موقع موقع Insider أن برنامج الذكاء الاصطناعي مُنح مزايا كبيرة على خصمه البشري خلال التجربة، وأنه سيواجه صعوبة كبيرة لو كانت المعركة حقيقية.
ووفقاً للموقع الأمريكي، فإن مراكز الأبحاث استمرت في تطوير هذه التكنولوجيا، إلا أنها ما زالت تحتاج إلى مزيد من العمل لتعزيز قدرات الذكاء الاصطناعي.
وقد ذكر المتحدث باسم الوحدة 412 بسلاح الجو الأمريكي أن الغاية من هذه البرامج هي "تطوير قدرات القيادة الذاتية بحيث يمكن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في منصات تكتيكية محمولة جواً" لأغراض المراقبة، والقتال خارج نطاق الرؤية البصرية، والمعارك الجوية ضد مقاتلات الخصوم.