ناشد الرئيس الأوكراني زيلينسكي، خلال جولته السريعة في بريطانيا وفرنسا والاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي، زعماء أوروبا تزويده بطائرات مقاتلة، مشيراً إلى أن بلاده بحاجة لطائرات إف-16 أمريكية الصنع، التي يشيع استخدامها بين حلفاء الناتو، قائلاً إن الجيل الرابع من هذه الطائرات سينهي الحرب بسرعة، حسب ما نشرته صحيفة The Washington Post الأمريكية.
وتطلب كييف قوة جوية متقدمة منذ الربيع، ولكن دون جدوى حتى الآن، لكن التجربة علمت الأوكرانيين أن كلمة "لا" من الغرب لا تكون في أغلب الأحيان حازمة كما قد تظهر في البداية، فالمدفعية الغربية الثقيلة، وقاذفات الصواريخ الدقيقة، والدفاع الجوي المتطور والدبابات الثقيلة -وكلها اعتبرت طلبات مستحيلة- موجودة الآن في ساحة المعركة، أو على الأقل تم التعهد بتسليمها.
تزويد أوكرانيا بأسلحة يستغرق وقتاً
ولكن بعد جولة زيلينسكي، قال قادة في أوروبا وخارجها إن تزويد أوكرانيا بطائرات مقاتلة ليس أولوية في الوقت الحالي. وصرح الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، ينس ستولتنبرغ، للصحفيين في بروكسل يوم الإثنين، 13 فبراير/شباط بأن هذا "سيستغرق وقتاً" وقال: "من المهم إجراء مشاورات مستمرة بين الحلفاء عن الأسلحة الجديدة التي عليهم توفيرها". وأضاف أنه بعد التعهد بتوفير أسلحة، فالأولوية الثانية هي "الإيفاء بهذه التعهدات، والتأكد من أن هذه الأسلحة تعمل كما ينبغي".
وكان آخرون أكثر صراحة بقولهم إن الطائرات المقاتلة ستكون جزءاً من الجيش الأوكراني في المستقبل، ولكن الآن ليس وقتها.
فيما قال وزير الخارجية بن والاس، متحدثاً في مؤتمر عقد في روما أواخر الأسبوع الماضي، إن تزويد أوكرانيا بالطائرات محتمل على المدى الطويل. وقال والاس لهيئة الإذاعة البريطانية BBC: "هذه ليست حالة بسيطة، نسحب فيها طائرة إلى الحدود. وبريطانيا تعرف ما تحتاجه أوكرانيا، ويسعدها جداً ان تساعدها بعدة طرق".
وأضاف أن التأثير نفسه "يمكن تحقيقه بطريقة مختلفة، ودون أن يستغرق شهوراً، مثلما سيستغرق توفير الطائرات المقاتلة"، مشيراً إلى الغطاء الجوي الذي توفره الصواريخ بعيدة المدى والطائرات المسيّرة.
فيما قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في حديثه يوم الجمعة، 10 فبراير/شباط بعد خطاب زيلينسكي أمام اجتماع الاتحاد الأوروبي، إنه "لا يستبعد أي شيء"، لكن الطائرات "لا تتوافق مع متطلبات اليوم".
وسبق أن قال مسؤولون في وزارة الدفاع الأمريكية إن أوكرانيا لديها ما يكفي من الطائرات التي تعود إلى الحقبة السوفييتية، وإن إرسال مزيد منها مهمة شاقة وستحتاج وقتاً طويلاً. ولدى سؤال الرئيس بايدن عما إن كانت الولايات المتحدة ستمنح أوكرانيا طائرات إف-16، كان رده مباشراً ومختصراً: "لا".
تهديدات روسيا تقلق الناتو
وأعرب الحلفاء أيضاً عن قلقهم من التصعيد الذي قد ينتج عن إرسالهم طائرات مقاتلة إلى أوكرانيا، وكيف أنه قد يدفع روسيا لمهاجمة الناتو. وقال متحدث باسم سوناك عقب زيارة زيلينسكي: "نتخذ هذه القرارات بحرص وتدقيق، لأننا ندرك مخاطر التصعيد المحتملة".
وحتى أجرأ مزودي أوكرانيا بالأسلحة كانت مترددة، إذ قال الرئيس البولندي أندجيه دودا لشبكة BBC إن القوات الجوية لبلاده لديها أقل من 50 طائرة إف-16 وإن إرسالها أي منها إلى أوكرانيا سيكون "مشكلة خطيرة". وقال أيضاً إن الطائرات "بحاجة ماسة للصيانة"، لذلك "لا يكفي مجرد إرسال بضع منها".
كما أشار زيلينسكي، أثناء وجوده في أوروبا، إلى أنه سمع بالفعل من بعض قادة الاتحاد الأوروبي أنهم على استعداد لتزويده بالطائرات. لكن العرض الوحيد الذي أُعلن عنه جاء يوم الجمعة من سلوفاكيا، حيث قال رئيس الوزراء، إدوارد هيغر، إنه تلقى طلباً رسمياً من زيلينسكي لتزويده بطائرات مقاتلة من طراز ميغ 29 من الترسانة السلوفاكية ونقلت رويترز عن هيغر قوله: "الآن، وقد جاء إلينا هذا الطلب الرسمي، يمكن بدء المفاوضات". وقال إن هذه المفاوضات ستكون داخلية ومع المفوضية الأوروبية.
ولكن بينما تنتظر كييف الهجوم الروسي المتوقع، لا يفكر قادة أوروبا في الطائرات. إذ أكد ماكرون وستولتنبرغ وآخرون أن الذخيرة هي أشد ما تحتاج إليه أوكرانيا في الوقت الحالي، والمعروض منها يتناقص باستمرار في الغرب.
وقال ستولتنبرغ: "الحرب في أوكرانيا تستهلك كمية مهولة من الذخيرة… أكبر من معدل إنتاج دولة في الناتو. نعم، أمامنا تحدٍّ ومشكلة. لكن المشكلات وُجدت لتُحَلّ"، وأشار إلى أن الناتو أنهى مراجعة على مستوى التحالف لمخزونات الذخيرة، ويعمل مع الشركات الدفاعية لزيادة إنتاجها.