لا يستطيع آدم ألتان مقارنة الصورة التي التقطها بين أنقاض الزلزال المدمر، الذي ضرب تركيا الإثنين، 6 فبراير/شباط 2023، بأي صورةٍ أخرى التقطها على مدار مسيرته كمصورٍ صحفي، رغم أن مسيرته امتدت لـ41 عاماً التقط خلالها عشرات الآلاف من الصور، بحسب ما قالت صحيفة The Guardian البريطانية السبت، 11 فبراير/شباط.
إذ صادف آدم ألتان مجمع شقق متهدّم بعد وقتٍ قصير من وصول سيارته من أنقرة إلى مدينة كهرمان مرعش التركية الجنوبية، الثلاثاء، 7 فبراير/شباط، متحسساً طريقه بين آثار الزلزال الذي بلغت قوته 7.8 درجة على مقياس ريختر.
كان أفراد العائلات يحفرون بين الأنقاض بحثاً عن أحبابهم المدفونين تحتها، لكن عيون ألتان التفتت إلى رجلٍ يرتدي سترةً برتقالية ويجلس بهدوءٍ وسط الحطام.
قال المصور: "رأيته يمسك بيد أحدٍ عندما نظرت عن كثب، فبدأت في التقاط الصور".
يُدعى الرجل مسعود هانسر، وكان يُمسك بيد ابنته إرماك (15 عاماً)، التي تُوفيت في سريرها، عندما تسبب الزلزال في انهيار المبنى.
انتبه هانسر لوجود المصور ألتان، ولم يمنعه من مواصلة التقاط الصور.
أوضح المصور: "قال لي: التقط صورةً لطفلتي. ثم أفلت اليد التي يمسكها ليريني طفلته، فرأيت رأس إنسانٍ تحت الأنقاض. وعندما سألته عن اسمه أجاب قائلاً: مسعود هانسر. ثم سألته عن اسم ابنته، لكنه كان شارداً بعض الشيء وواجهت صعوبةً في فهمه. ثم قال إن ابنته تُدعى إرماك".
ونفّذ المصور ما طُلِبَ منه وواصل التقاط الصور، بينما أمسك هانسر بيد ابنته مرةً أخرى.
يقول ألتان: "يا له من ألمٍ لا يُحتمل، هكذا فكّرت في قرارة نفسي. لقد امتلأت عيناي بالدموع، وواجهت صعوبةً في عدم البكاء أثناء التقاط الصور".
واضطر ألتان لترك هانسر وإرماك من أجل مواصلة توثيق الدمار لصالح وكالة Agence France-Presse الفرنسية، التي يعمل بها منذ 15 عاماً.
أردف ألتان: "لكن الفضول انتابني لمعرفة ما أصابهما، فعدت في الصباح التالي إلى مكان الأنقاض؛ حيث كان يوجد الأب مع ابنته. ولا أعلم ما حدث للأب. إذ لم يكن هناك عندما وصلت في الصباح التالي، ولم تكن ابنته هناك أيضاً".
وأدرك المصور الصحفي أنه التقط صورةً تهز المشاعر بدرجةٍ غير عادية، وتعبّر عن حجم الألم الذي سببه الزلزال، لكنه لم يتوقع أن تتحول الصورة إلى علامةٍ للكارثة.
وقال ألتان: "حظيت الصورة باهتمام كبير داخل تركيا وحول العالم على حدٍّ سواء. وشاركها المئات من الناس على الشبكات الاجتماعية. بينما تلقيت أنا مئات الرسائل التي تقول أشياء مثل: يا لها من صورة قوية للغاية، تُظهر آلم الزلزال، و: إنها صورة لن ننساها أبداً ما حيينا".
أدّت الصورة دورها بالنسبة لألتان. حيث أظهرت حجم الدمار المادي والمعنوي الذي أحدثه الزلزال، ووثّقت حب الأب الذي لا يُضاهى لابنته، وطرحت السؤال التالي: "هل هناك أي ألم أكبر من هذا؟".
أضاف ألتان: "لا يمكنني مقارنتها بأي صورةٍ التقطتها من قبل. وصحيحٌ أن الصورة لفتت الكثير من الأنظار، لكنني لست سعيداً بذلك. هذه كارثة".
وفي أحدث إحصائية، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مساء السبت، ارتفاع وفيات الزلزال إلى 21 ألفاً و848، وإنقاذ 80 ألفاً و104 مصابين.