بعد مرور ثلاثة أيام على زلزال تركيا وسوريا المدمر، لا تزال السمة البارزة حالياً هي حالة الترقب الممزوجة بالخوف والأمل بين الناجين، انتظاراً لمعرفة مصير أبنائهم وعائلاتهم الذين لا يزالون تحت أنقاض منازلهم المدمرة.
يقول عبد الرحيم سواده، وهو أحد الناجين في بلدة الأتارب، إن ابنه أحمد توفي مع زوجته التي وضعت طفلها قبل يوم واحد من الزلزال، بالإضافة إلى حماته وأطفاله الستة داخل منزلهم. لكن لا يزال هنالك طفلان مفقودان تحت الأنقاض لا يعرفون مصيرهما.
وأضاف: "لا أستطيع النوم ولا تناول الطعام في انتظار سماع أخبار عن مصيرهما. وكأننا نعيش في كابوس لا ينتهي".
وكانت مناطق واسعة من جنوب تركيا وشمال سوريا تعرضت لزلزال بقوة 7.7 درجة على مقياس ريختر، فجر يوم الإثنين 6 فبراير/شباط الماضي، والذي خلّف حتى ساعة إعداد هذا التقرير 1780 وفاة، وما يزيد عن 3000 مصاب.
ويختلف حجم الدمار من منطقة إلى أخرى، ولعلّ أبرز المناطق التي كان لها النصيب الأكبر من الخسائر كل من "جنديرس" شمالي حلب، و"الأتارب" غربي حلب، و"بسنيا" غربي إدلب. بالإضافة إلى قرى عزمارين وسرمدا والدانا بريف إدلب الشمالي، والتي قتلت فيها عائلات بأكملها.
ينامون في أراضٍ غير مجهزة
ولا تزال هناك عائلات تنتظر مصير أبنائها العالقين تحت الأنقاض ولا تعرف مصيرهم، وتعيش على أمل سماع خبر مفرح ينتشلها من حالة اليأس والإحباط الملازمة لها، وهي تنام بجوار منازلها المدمرة وسط بردٍ شديد، وكأنها تطلب الموت لتلتحق بأحبائها الذين وافتهم المنية، رافضة التوجه إلى أي مأوى.
عبّر الشاب محمد حج محمد، من بلدة جنديرس شمالي حلب، وهو مهجر من بلدة عينجارة غربي حلب، عن سعادته لأنه حصل على خيمة يُقيم بداخلها هو وعائلته المكونة من 4 أشخاص، بالإضافة لحصوله على طعام مُقدم من بعض المتبرعين من أهل الخير.
وأضاف: "كثرة أعداد الأشخاص في مراكز الإيواء خفَّف قليلاً من ألمي، لأن معظم الموجودين في المركز فقدوا أولادهم ومنازلهم، أمّا أنا فقد تصدع منزلي واستطعت التوجه إلى الأرض الزراعية المقابلة لمنزلي. والحمد لله الذي نجانا من هذه الكارثة، ولكنني خائف من التوجه إلى منزلي لاسيما أنه بناء قديم وباتت الشقوق كبيرة على جميع جدرانه".
ويقيم عدد كبير من المتضررين في الشمال السوري في مراكز الإيواء التي أنشأتها المجالس المحلية في المنطقة، فيما حوّل آخرون حافلاتهم إلى ملاذٍ آمنٍ لهم بعدما تمكنوا من الفرار من المناطق المكتظة التي كانوا يقيمون فيها والوصول إلى الأراضي الزراعية والساحات الفارغة البعيدة عن المباني.
ويختلف حال العائلات من مدينةٍ لأخرى في شمال سوريا؛ ففي بلدة عزمارين القريبة من الحدود التركية الواقعة قرب مدينة "سلقين" شمالي إدلب، تكاد العديد من العائلات تنتظر إخراج ذويها من تحت الركام.
لكن في بسنيا والدانا وسرمدا الواقعة شمالي وغربي إدلب، يبدو الوضع مختلفاً باعتبار أن الدمار في كلتا المدينتين كان أقل مقارنة بعزمارين وجنديرس والأتارب.
مخاوف من زلزال جديد
يقول المتطوع في الدفاع المدني السوري محمد حج حسين، إن آلاف العائلات في شمال سوريا اتخذت من حافلاتها مكاناً آمناً وهي تركنها في أراضٍ زراعية بعيدة عن الأبنية السكنية تخوفاً من زلزال مشابه، لا سيما أن وسائل التواصل تضج بالأخبار التي لا صحة لها، في وقت يخوف معظم السكان من أي ردّة فعل في ظل الخوف الذي أصابهم عقب الزلزال الأول.
ومع تردي الأحوال الجوية، تجد العديد من فرق الإنقاذ المحلية نفسها عاجزة عن تأمين مراكز إيواء تؤمن لهم الدفء أو تشعرهم بالأمان في مبانٍ قويّة وتتحمل حدوث الزلزال، وهو ما دفع "الدفاع المدني السوري والمجالس المحلية في شمال سوريا، بالإضافة إلى المكاتب الإعلامية للفرق التطوعية على كافة أنواعها إلى إطلاق نداء استغاثة إلى العالم.
من جانبه، أكد مدير الدفاع المدني السوري رائد الصالح، أن مدن وبلدات شمال غربي سوريا، بحاجة ماسة إلى مساعدات عاجلة لإغاثة منكوبي الزلزال، مضيفاً أنه لم تدخل أية مساعدات للشمال السوري رغم مرور ثلاثة أيام على الزلزال المدمر الذي ضرب سوريا وتركيا وأودى بحياة الآلاف.
وأكد الصالح أن الأمم المتحدة لم تكن بمستوى الحدث، ولم تقدم المساعدات اللازمة للمتضررين شمال غربي سوريا، مشيراً إلى أن مشافي شمال سوريا لم تعد تستوعب الإصابات.
وأنهى بالقول: "نحتاج لتدخل دولي فوري شمال غربي سوريا. كل ساعة تأخير تكلّف أكثر من 50 وفاة".