كشفت صحيفة Financial Times البريطانية، الأربعاء 8 فبراير/شباط 2023، أن الإمارات وافقت على منح بنك روسي رخصةً مصرفيةً نادرةً، في خطوة تخاطر بتفاقم المخاوف بين الدول الغربية بشأن ظهور الدولة الخليجية كملاذ مالي محتمل لموسكو.
يأتي هذا بعد أن حذّر أكبر مسؤول عن العقوبات في وزارة الخزانة الأمريكية، خلال جولة إلى تركيا والشرق الأوسط، هذا الأسبوع، لدول وشركات، من أنها قد تفقد القدرة على دخول أسواق دول مجموعة السبع، إذا تعاملت مع كيانات خاضعة للقيود الأمريكية، في إشارة منه إلى روسيا.
وقالت الصحيفة البريطانية إن الإمارات وافقت على منح رخصة لبنك (إم.تي.إس) الروسي، فيما كشف مسؤولون، ومسؤولون تنفيذيون اطلعوا على الأمر، أن قرار البنك المركزي بإصدار ترخيص مصرفي للمقرض الذي لا يخضع لعقوبات غربية، سيلبي الطلب المتزايد على الخدمات المالية من المغتربين الروس.
قال أحد الأشخاص المطلعين على القرار: "الأمر كله يتعلق بحالة العمل [و] عدد الروس الذين يعيشون هنا الآن"، ويشار إلى أن عشرات الآلاف من الروس استقروا في الإمارات، وخاصة في دبي، هرباً من القيود المالية في أوروبا، أو لتجنب التجنيد العسكري الذي دعت إليه روسيا، والمُقرض الروسي هو أول بنك أجنبي منذ عدة سنوات يحصل على ترخيص في الإمارات العربية المتحدة.
وأثار وجود أصول، مثل اليخوت المملوكة لحكم القلة الروسية الخاضع للعقوبات، مخاوف بشأن الروابط المالية غير المشروعة الأعمق بين الإمارات العربية المتحدة وروسيا، فيما رفض المسؤولون في أبوظبي هذه المخاوف، قائلين إنها تسعى لوقف التدفقات المالية من الكيانات الروسية الخاضعة للعقوبات، مع رفض التمييز ضد الشركات والأفراد غير الخاضعين للعقوبات.
قال أحد الأشخاص المطلعين على عمليات MTS إن الترخيص سيسهل الوصول إلى الحسابات المصرفية للروس، ويفتح قناة جديدة لتدفق الأموال إلى الإمارات العربية المتحدة. وقال المصدر إن إيليا فيلاتوف، رئيس البنك، زار الإمارات الأسبوع الماضي، في الوقت الذي يستعد فيه المقرض لطرح خدماته في الأشهر المقبلة، وانتشرت أخبار عن وصول وشيك للبنك في المجتمع الروسي في الإمارات العربية المتحدة. وقال أحد المصرفيين: "الجميع يحاول تعقبهم هنا، هذا سيغيّر قواعد اللعب".
الإمارات تتجاهل تحذيرات أمريكا
فيما أصبحت الولايات المتحدة والدول الأوروبية قلقة بشأن التفاعل المالي لدولة الإمارات العربية المتحدة مع روسيا، منذ فرض العقوبات على موسكو بسبب حربها على أوكرانيا. أثار بريان نيلسون، وكيل وزارة الخزانة الأمريكية لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، مسألة ترخيص البنك الروسي في زيارة إلى أبوظبي، الأسبوع الماضي، إذ قال شخص مطلع على المناقشات: "لقد نقل مخاوف واسعة النطاق بشأن الارتباط المالي مع روسيا، حتى عبر البنوك غير الخاضعة للعقوبات".
فيما التقى نيلسون بنظرائه الحكوميين والمؤسسات المالية، للتعبير عن تصميم الولايات المتحدة على فرض عقوباتها بقوة، وفقاً لبيان وزارة الخزانة قبل رحلته. وأضاف البيان أن "السلطات القضائية المتساهلة" تخاطر بفقدان الوصول إلى الأسواق المتقدمة، لممارسة الأعمال التجارية مع الكيانات الخاضعة للعقوبات، أو الفشل في تنفيذ العناية الواجبة الفعالة.
موقع Middle East Eye البريطاني، قال في وقت سابق، إن العقوبات غير المسبوقة التي فرضتها أمريكا وحلفاؤها على روسيا، أدت إلى عزل موسكو فعلياً عن الاقتصاد العالمي، واندفع عامة الشعب الروسي إلى سحب مدخراتهم من البنوك، وتحويل أموالهم من الروبل إلى عملة أجنبية.
بالموازاة مع ذلك، ولكي تحمي روسيا احتياطياتها، سنَّت ضوابط على رأس المال، ومنعت المواطنين من مغادرة البلاد وهم يحملون أكثر من 10 آلاف دولار من العملات الأجنبية.
هذا الوضع الاقتصادي المتدهور والشائعات المنتشرة حول احتمال فرض موسكو للأحكام العرفية، دفع العديد من الروس بالفعل إلى الفرار إلى الدول المجاورة مثل: فنلندا وجورجيا وأرمينيا.
كذلك توجه أثرياء روس إلى الإمارات، فكثيراً ما تُصور دبي نفسها بأنها الملاذ الآمن في أوقات الاضطرابات، و90% من سكانها مواطنون أجانب، وقد اجتذبت في الماضي العائلات الثرية وأصحاب الأعمال الفارين من الحروب في سوريا والعراق ولبنان.
بحسب الموقع البريطاني، فإن المتحدثين بالروسية يمثلون جزءاً صغيراً، ولكنه مميز في الإمارات، ويبلغ عددهم حوالي 100 ألف، منهم 40 ألف روسي و15 ألف أوكراني.