أبلغ الجيش الأمريكي (البنتاغون) الكونغرس الأمريكي بأن الصين تملك الآن منصات إطلاق الصواريخ الباليستية العابرة للقارات على اليابسة أكثر من الولايات المتحدة، وهو ما يثير الجدل حول الطريقة التي ينبغي لواشنطن أن ترد بها على التعزيزات النووية من جانب بكين، حسب ما نشرته صحيفة The Wall Street Journal الأمريكية.
قائد القيادة الاستراتيجية الأمريكية، التي تشرف على القوات النووية، أخطر لجنتي القوات المسلحة بمجلس الشيوخ ومجلس النواب في 26 يناير/كانون الثاني 2023، قائلاً: "إن عدد منصات إطلاق الصواريخ الباليستية العابرة للقارات على اليابسة، الثابتة والمحمولة، في الصين، يتجاوز عدد منصات إطلاق الصواريخ الباليستية العابرة للقارات في الولايات المتحدة".
مواجهة ثنائية لأمريكا
يأتي هذا الإخطار في وقت تواجه فيه الولايات المتحدة التحدي المتمثل في ردع القوى النووية الكبيرة لروسيا، وأيضاً الترسانة النووية المتزايدة للصين. وينخرط المشرعون الأمريكيون في نقاش محموم للغاية حول أفضل الطرق الممكنة للتصدي لبكين، التي تتضمن استجابة البنتاغون لبالون المراقبة الصيني الذي عبر إلى الأراضي الأمريكية، وكان يحلق فوق ولاية مونتانا، حيث ينتشر جزء من ترسانة الصواريخ الباليستية العابرة للقارات الخاصة بالجيش الأمريكي.
وفقاً للمسؤولين والخبراء غير الحكوميين في أمريكا، فإن كثيراً من منصات الإطلاق على اليابسة التي تملكها الصين لا تزال تتكون من صوامع فارغة. وأخطرت القيادة الاستراتيجية الكونغرس أيضاً بأن الولايات المتحدة تتفوق على الصين في عدد الصواريخ الباليستية العابرة للقارات المتمركزة على اليابسة، وأيضاً في عدد الرؤوس الحربية المثبتة في هذه الصواريخ.
لا يتضمن إخطار القيادة الاستراتيجية أية معلومات حول الصواريخ القابلة للإطلاق من الغواصات، والقاذفات بعيدة المدى، التي تملك الولايات المتحدة من ورائها ميزة حاسمة، وذلك حسب ما قال المسؤولون الأمريكيون.
لكن المشرعين الجمهوريين ذكروا أن منصات إطلاق الصواريخ الباليستية العابرة للقارات تنذر بحجم الطموح الصيني على صعيد الإمكانات العسكرية بعيدة المدى، وينصح هؤلاء المشرعون الولايات المتحدة بتوسيع قوتها النووية للتصدي للقوى الروسية والصينية.
قال النائب الجمهوري عن ولاية ألاباما، مايك روجرز، الذي يرأس لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب: "الصين تقترب بسرعة من التكافؤ مع الولايات المتحدة. لا يمكن أن نسمح بحدوث هذا. حان الوقت الآن بالنسبة إلينا لتعديل وضعية قوتنا وزيادة إمكاناتنا لمواجهة هذا التهديد".
وأوضح روجرز أن الحدود المفروضة على القوة بعيدة المدى بموجب معاهدة بين الولايات المتحدة وروسيا، تعرف بمعاهدة ستارت الجديدة، تمنع الولايات المتحدة من تعزيز ترسانتها لردع روسيا والصين. وتلك الاتفاقية، التي لا تعد الصين طرفاً فيها، من المنتظر أن تنتهي في 2026.
معارضة في أمريكا لسباق التسلح
فيما يقول أنصار الحد من التسلح إنه بدلاً من محاولة تجاوز القوى النووية للصين وروسيا، يمكن أن تجني الولايات المتحدة الكثير عن طريق محاولة المحافظة على حدود التسلح بموجب المعاهدة مع روسيا، ومحاولة جذب بكين إلى محادثات حول الحد من الأسلحة النووية.
وذكروا كذلك أن الولايات المتحدة تخضع لعملية تحديث رئيسية لقوتها النووية، وهو ما سيمنح واشنطن خيار إضافة مزيد من الرؤوس النووية إلى صواريخها وقاذفاتها في حال جرت عملية تعزيز الصين قوتها بوتيرة أسرع من المتوقع في ثلاثينيات القرن الحالي.
قالت روز جوتيمولر، المُحاضِرة في جامعة ستانفورد، التي تفاوضت على المعاهدة التاريخية في جانب الولايات المتحدة: "من مصلحتنا القومية أن نُبقي على الروس تحت حدود معاهدة ستارت الجديدة. نحتاج إلى إتمام عملية التحديث النووي الخاصة بنا بموجب الخطة، لا أن نراكم متطلبات جديدة".
ويدور النقاش بين الباحثين حول ما إذا كانت الصين تخطط لملء هذه الصوامع بصواريخ باليستية عابرة للقارات ذات رؤوس نووية، أو ما إذا كانت بعضها ستُترك فارغة، أو ما إذا كانت بعضها ربما ستُملأ بأنظمة تسليح تقليدية.
قال هانز كريستنسن، مدير مشروع المعلومات النووية في اتحاد العلماء الأمريكيين، إن صور الأقمار الصناعية التجارية لحقول الصوامع الصينية لا تعطي أية إشارات على أن الجيش الصيني يتدرب على تعبئة الصوامع الجديدة بصواريخ باليستية عابرة للقارات أو إجراء تدريبات في حقول الصوامع.
وأوضح: "إنهم يبنون عدداً ضخماً من الصوامع، لكننا لا نعرف كم عدد الصواريخ أو الرؤوس النووية التي سيضعونها فيها".
رغم ذلك، تشير الفرضية المتصورة بين غالبية المسؤولين الأمريكيين إلى أن جميع الصوامع سوف تُعبأ بصواريخ عابرة للقارات ذات رؤوس نووية خلال العقد القادم أو نحو ذلك.