ناقش المشاركون في الجلسة الثالثة من مؤتمر "التحولات في البيئة السياسية المؤثرة في القضية الفلسطينية بعد أوسلو"، الذي انطلق السبت 4 فبراير/شباط 2023، في إسطنبول، التي تنظمها مجموعة العمل من أجل فلسطين، "الواقع السياسي الفلسطيني وفرص التغيير".
المشاركون أكدوا أن واقع الحركة الفلسطينية في غاية في التردي والتصدع، بل وصل الأمر إلى أنها باتت غير قادرة على استثمار أي تحول إيجابي، بسبب طريقة عمل القيادة الفلسطينية وتردّي حال الكيانات الجمعية للشعب الفلسطيني، كما لفتوا إلى أن اتفاقية أوسلو تحولت إلى معضلة كبيرة.
إذ قال ماجد كيالي، كاتب وسياسي فلسطيني، إن التغيرات الدوليـة والعربيـة، ومـن ضمنها انهيار الاتحاد السوفييتي، والخروج مـن عالـم الحـرب البـاردة، وهيمنة الولايـات المتحـدة، وحرب الخليـج الثانيـة، وتصدع دول المشـرق العربـي تحـت الهيمنـة الإيرانية، أدت إلـى العديـد مـن التحولات منهـا انتهـاء الزمـن العربي والدولي لمنظمة التحرير الفلسطينية لصالح السـلطة، واختفاء مفهــوم الصراع العربي الإسرائيلي، بمــا فــي ذلــك مركزية القضيـة الفلسـطينية.
كما أكد كيالي أن فلســطين هــي المدخــل للسلام والحرب فــي المنطقــة، حيــث ذهبــت بعــض الأنظمة العربية أبعــد مــن التطبيـع، أي نحـو إقامـة منظومـة علاقات مـع إسـرائيل فـي الاقتصاد والبنى التحتية والأمن.
وتابع كيالي: الكفـاح المسـلح الفلسـطيني فـي الخـارج بعـد انتهـاء الحـرب البـاردة، والـذي بـات بعـد اتفاق أوسلو و11 سبتمبر 2001، ينطبق علـى الداخـل.
وواصل كيالي حديثه قائلاً إن هذه التحولات جعلت إســرائيل فــي مكانـة دوليــة متميزة، بسبب تطورها العلمي والتكنولوجي والاقتصادي، الأمر الــذي يمكــن ملاحظته فــي خروجهــا مــن العزلــة فــي آسـيا وإفريقيـا، ومـن تطـور العلاقات التي تجمعها مع روسيا والصين والهند، الأصدقاء التقليديين للشعب الفلسطيني.
واستكمل: "لكـن فـي نفـس الوقـت باتـت إسـرائيل تخسـر علـى صعيـد الـرأي العـام فـي أوروبـا والولايـات المتحـدة، وهـي تبـدو أكثـر مـن أي وقـت مضـى، دولـة اسـتعمارية 19 وعنصريـة، كما وضحت ذلـك تقارير منظمـات دوليـة مثـل هيومن رايتس ووتش، ومنظمة العفو الدولية، ولجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة".
معضلة أسلو
وحول أسلو، قال علي الجرباوي، أستاذ العلوم السياسية والدراسات الدولية في جامعة بيرزيت، إن الانتصار الذي حققته إسرائيل في حرب 1967 أوقعها في معضلة، رغم أنها استطاعت خلالها احتلال بقية فلسـطين، إلا أن السـرعة التـي انتهـت بهـا الحـرب، لم تمنحها المجال كما حدث في حرب 1948، لتفريغ الأراضي المحتلة حديثًا من أغلبية أهلها الفلسطينيين.
وتابع الجرباوي: "بعد الحرب انهمكـت إسـرائيل فـي البحـث عـن مواءمـة مناسبة تمكنهـا مـن الاستمرار في الاحتفاظ بالأراضي، لكن مع وقاية مستقبلها من تبعات تزايـد وجـود الفلسطينيين فـي فلسـطين".
وأضاف الجرباوي: "إن إسـرائيل وجدت ضالتهـا باعتمـاد نمـوذج مشوّه مـن الحكـم الذاتـي، وهو (الحكـم الذاتـي خـارج نطـاق السـيادة) وذلك لـ (حشر) المصير الفلسـطيني فيـه.
وواصل الخرباوي حديثه قائلاً: "إن هذا الحكم أتاح لإسرائيل الاستيلاء على القدس والضفة وحال دون قيام دولة فلسطينية"، لافتاً إلى أنه لسنوات طويلة حاولـت إسـرائيل جاهـدة إيجاد طرف فلسطيني أو عربي أو الاثنين معا ً لتمريـر هـذا المشـروع، إلـى أن تمكنـت مـن تمريـره فـي اتفاق أوسـلو علـى منظمـة التحرير الفلســطينية.
وتابع الخرباوي: "كانت المنظمــة تأمـل بأن يؤدي هذا الاتفـاق إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود 4 يونيو 1967 إلا أن ذلك لـم يحـدث، وبقـي الوضـع الفلسـطيني حتـى الآن عالقا في (المحشر)".
يُذكر أن مجموعة العمل من أجل فلسطين المنظمة للمؤتمر تشكلت قبل 3 سنوات، وتهدف إلى دراسة التحولات في المجتمع الفلسطيني في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة، والأراضي المحتلة عام 1948، والخارج.
تضم مجموعة العمل مركز الشرق للأبحاث الاستراتيجية، ومركز رؤية للتنمية السياسية، وتستمر فعاليات المؤتمر يومين، وتتضمن مناقشة 19 ورقة بحثية.