وصفت منظمة "هيومن رايتس ووتش" إجراءات سلطات الاحتلال الإسرائيلي لإغلاق منزلَي عائلتين فلسطينيتين في الضفة الغربية المحتلة، بأنها ترقى إلى مستوى العقاب الجماعي وأنها "جريمة حرب"، وذلك بحسب تقرير نشرته المنظمة الدولية، الخميس، 2 فبراير/شباط 2023.
وتطال الإجراءات الإسرائيلية منزل أسرة الشاب خيري علقم، الذي استُشهد مساء الجمعة، 27 يناير/كانون الثاني المنصرم، بعد أن قتل 7 مستوطنين بعملية إطلاق نار بمستوطنة "النبي يعقوب" بالقدس، إلى جانب منزل أسرة الطفل محمود محمد عليوات، الذي نفّذ عملية إطلاق نار ببلدة سلوان في 28 من الشهر ذاته، أسفرت عن إصابة ضابط ومستوطن بجروح.
إجراء عقابي
يأتي هذا "الإجراء العقابي" الذي قالت السلطات الإسرائيلية إنها ستتبعه بهدم المنزلين، وسط تصعيد للعنف، أودى بحياة 35 فلسطينياً و6 إسرائيليين منذ 1 يناير/كانون الثاني 2023، وشمل مداهمات غير قانونية للجيش الإسرائيلي على المدن ومخيمات اللاجئين الفلسطينية، وهجمات فلسطينية على الإسرائيليين، وهجمات على الفلسطينيين وممتلكاتهم من قِبل مستوطنين إسرائيليين، الذين نادراً ما يواجهون أي عقاب على هذه الجرائم، بحسب تقرير المنظمة.
في السياق، قال عمر شاكر، مدير إسرائيل وفلسطين في هيومن رايتس ووتش: "الهجمات المتعمَّدة على المدنيين جرائم مستنكرة. ولكن مثلما لا يمكن لأي مظلمة تبرير الاستهداف المتعمد للمدنيين في نيفيه يعقوب، لا يمكن لهذه الهجمات بدورها أن تبرر عقاب السلطات الإسرائيلية المتعمد لعائلات الفلسطينيين المشتبه بهم عبر هدم منازلهم ورميهم في الشارع".
اقتحام جنين
يشار إلى أن الاحتلال الإسرائيلي تسبب باستشهاد 35 فلسطينياً، بينهم 8 أطفال خلال شهر يناير/كانون الثاني فقط، بما في ذلك اقتحام مخيم جنين صباح 26 من الشهر ذاته، ما أسفر عن استشهاد 10 فلسطينيين، بينهم طفلان وامرأة مسنة، فضلاً عن عشرات الجرحى، ضمن عملية عسكرية واسعة استمرت 4 ساعات.
بحسب "مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية" (أوتشا)، في العام 2022، قتلت القوات الإسرائيلية 151 فلسطينياً في الضفة الغربية، بينهم 35 طفلاً، في أعلى حصيلة سنوية منذ بدء الأمم المتحدة تسجيل الوفيات منهجياً في العام 2005.
وتستخدم القوات الإسرائيلية بشكل روتيني القوة المفرطة أو القوة القاتلة غير الضرورية ضد المدنيين الفلسطينيين، ونادراً ما تُحاسَب على ذلك، بحسب تقرير هيومن رايتس ووتش.
وأشارت إلى أن سلطات الاحتلال صعّدت من عقابها لمالكي العقارات الفلسطينيين بسبب "البناء غير القانوني" في القدس الشرقية، وهو ما يؤدي أصلاً إلى هدم ممتلكات ومنازل للفلسطينيين في ظل استحالة الحصول على تصاريح بناء.
تعزيز بناء المستوطنات
كما تخطط سلطات الاحتلال لـ"تعزيز" مستوطنات الضفة الغربية التي تشكل انتهاكاً للقانون الدولي، وقدمت مشروع قانون لإلغاء الجنسية أو الإقامة الدائمة لأي شخص يرتكب "عملاً إرهابياً"، والذي صادقت "الكنيست" الإسرائيلية عليه بالقراءة الأولى في 31 يناير/كانون الثاني.
ويحظر القانون الإنساني الدولي، بما فيه "أنظمة لاهاي" لسنة 1907 و"اتفاقية جنيف الرابعة"، العقاب الجماعي، بما يشمل الإيذاء المتعمّد لأقارب المتهمين بارتكاب جرائم، في جميع الظروف.
وتعاملت المحاكم في جميع أنحاء العالم مع العقاب الجماعي على أنه جريمة حرب، ومع ذلك، رفضت المحكمة العليا الإسرائيلية باستمرار الادعاء بأن ممارسة الحكومة الإسرائيلية للهدم العقابي للمنازل في الأراضي الفلسطينية المحتلة يرقى إلى مستوى العقاب الجماعي، وفقاً لـ"هيومن رايتس ووتش".
وقالت المنظمة إن السياسات التي اعتمدت عليها سلطات الاحتلال لقمع الفلسطينيين منهجياً تشمل الأنواع المختلفة من العقاب الجماعي، مثل الهدم العقابي للمنازل والقيود الكاسحة على التنقل ضد مناطق أو مجتمعات بأكملها، مؤكدة أن هذا القمع المنهجي، مقروناً بالأعمال اللاإنسانية المرتكبة ضد الفلسطينيين كجزء من سياسة للحفاظ على هيمنة اليهود الإسرائيليين على الفلسطينيين، يرقى إلى الجريمتين ضد الإنسانية المتمثلتين في الفصل العنصري والاضطهاد، بحسب النتائج التي توصلت إليها "هيومن رايتس ووتش".