لم يكتفِ النظام السوري بتهجير ملايين السوريين وإرغامهم على ترك منازلهم وممتلكاتهم؛ بل صادر مؤخراً آلاف الشقق السكنية العائدة لمهجرين ونازحين ولاجئين، بدعوى عدم استكمال دفع الأقساط المستحقة عليهم لصالح الدائنين، وفق ما ذكرته وكالة الأناضول، الأربعاء 1 فبراير/شباط 2023.
الوكالة نقلت عن مصادر محلية قولها إن النظام بدأ ببيع تلك الشقق بعد نزع ملكيتها عن أصحابها، الذين لم يستكملوا أقساطها بعد أن اضطروا إلى مغادرتها جراء الحرب؛ حيث اضطر ملايين السوريين إلى ترك بيوتهم، نتيجة العمليات العسكرية التي شنها النظام في مختلف أنحاء البلاد.
مصادرة النظام السوري مساكن المهجّرين
تحول هؤلاء إلى نازحين في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، أو لاجئين في الدول الأخرى، ولم يتمكنوا من العودة حتى الآن؛ بسبب استمرار الظروف التي دفعتهم للمغادرة.
المصادر أوضحت أن الشقق التي صادرها النظام تقع ضمن مجمعات سكنية كبيرة، في عدد من المدن السورية، وأبرزها حلب ودمشق. وقسم من تلك الشقق مسكون فعلاً، وقسم آخر كان من المقرر أن يكون جاهزاً في وقت قريب حينذاك.
في كلتا الحالتين، كان أصحاب تلك الشقق قد دفعوا الدفعة المقدمة، وبدأوا بالفعل بدفع الأقساط قبل أن يضطروا لمغادرة البلاد، جراء العمليات العسكرية للنظام ضد معارضيه.
النظام السوري، الذي صادر هذه الوحدات السكنية، يقوم ببيعها بأسعار مخفضة؛ حيث يتقاضى من المشترين دفعات مقدمة، ويقوم بتقسيط المبلغ المتبقي على سنوات طويلة.
يأتي إجراء النظام هذا، في ظل أزمة اقتصادية حادة تعيشها المناطق التي يسيطر عليها، وحاجة النظام للأموال بعد عجزه عن تمويل تأمين الحاجيات الأساسية للمواطنين، وعلى رأسها مشتقات النفط.
تجريد السوريين من أملاكهم
المحامي عبد الناصر حوشان، عضو مجلس نقابة محامي حماة الأحرار (تجمع معارض للنظام)، قال في حديث للأناضول إن النظام السوري اتبع سياسة ممنهجة في تجريد السوريين من أملاكهم، وخاصة بعد اندلاع الثورة لمعاقبة الثائرين وأهاليهم.
كما أشار حوشان إلى أن "من أدوات هذه السياسة إصدار تشريعات جديدة أو تعديل قوانين سابقة، الهدف منها استغلال التهجير القسري والنزوح وحالة التشتت التي يعيشها السوريون، والتي تسببت بفقدان وظائفهم وموارد رزقهم".
بينما أشار حوشان إلى "اضطرار المواطنين إلى مغادرة مناطقهم جراء الحرب وحرمانهم من الاستفادة من أملاكهم وأعمالهم التي تركوها خلفهم، ووصول قسم كبير منهم إلى حالة باتوا عاجزين فيها عن تأمين لقمة العيش".
قال أيضاً: "كل ذلك يندرج ضمن أسباب القوة القاهرة والظروف الطارئة، التي تعفي المدين من تنفيذ الالتزامات التي تزيد في إرهاقه، وهو ما ينص عليه القانون السوري القائم".
"عمل غير مشروع"
حسب المحامي السوري، فإن "ما يقوم به النظام السوري من الاستيلاء على هذه الشقق، بحجة عدم تسديد الأقساط، مخالف للقانون ويعتبر جريمة سلب أملاك الغير، وهو عمل غير مشروع".
كما تابع قائلاً: "ومرد ذلك إلى أن النظام هو سبب التهجير القسري ومنع الناس من العودة إلى ديارهم والانتفاع من أموالهم وأملاكهم وتسديد ما عليهم من التزامات مستحقة، أي إن النظام هو من تسبب لهم بالعجز عن قصد مسبق واستغله لعقابهم وحرمانهم من حقوقهم".
منذ 2018، بدأ نظام الأسد تحركات لمصادرة الأراضي والمنازل؛ حيث صدر القانون رقم 10 الذي يطالب اللاجئين بإثبات ملكيتهم لعقارات يمتلكونها، والحضور شخصياً، أو سيتم سحب الملكية منهم.
أصدرت حينها منظمة "هيومان رايتس ووتش" بياناً أوضحت فيه أن هذا القانون سيحرم الكثير من اللاجئين من أملاكهم.
فيما كانت الشبكة السورية لحقوق الإنسان أفادت في تقاريرها، خلال الأشهر الماضية، بأن النظام السوري أعلن في ريفي إدلب وحماة عن مزادات جديدة لأراضي النازحين واللاجئين بهدف السيطرة عليها.
كما أشارت الشبكة السورية لحقوق الإنسان إلى أن ما لا يقل عن 440 ألف دونم هي مساحة الأراضي الزراعية التي استولى عليها النظام السوري في ريفي حماة وإدلب.