أنشأت روسيا مركزاً جديداً لتجارة النفط في مدينة سبتة الخاضعة للسيادة الإسبانية، حيث تتبادل هناك ناقلات النفط لتقليل تكاليف الشحن، والتحايل على العقوبات الغربية، وتقديم الخدمات اللوجستية بسلاسة إلى عملائها المتبقين، لا سيما عند نقله إلى الصين، بحسب تقرير لوكالة Bloomberg الأمريكية، الأحد 29 يناير/كانون الثاني 2022.
الوكالة أشارت إلى أن النفط الروسي لا يزال يتدفق إلى السوق العالمية بكميات كبيرة، ولم تكد تنخفض إمداداته عن مستويات ما قبل الحرب، على الرغم من عقوبات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي التي فرضت على الكرملين بيع النفط بأسعار منخفضة.
التقرير أوضح أن موسكو نادراً ما استخدمت المياه القريبة من سبتة كمحطة توقف لنفطها قبل غزو أوكرانيا، فقد كانت موسكو تشحن النفط الخام مباشرة إلى المصافي الأوروبية بواسطة ناقلات صغيرة. لكنها بدأت بعد العقوبات في التردد على المناطق البحرية القريبة من المدينة واستخدامها لتكون قاعدة لعمليات النقل بين السفن، ثم انتظمت في الاعتماد عليها.
مسار النفط الروسي
وحول المسار الذي يتخذه النفط الروسي في هذا الطريق، لفتت الوكالة الأمريكية، إلى أن روسيا تشحن النفط الخام في ناقلات صغيرة الحجم تسمى "أفراماكس" من محطات التصدير في بحر البلطيق، مثل "بريمورسك" و"أوست لوغا". وتكون السفن معززة لاختراق الجليد في القطب الشمالي خلال فصل الشتاء، ونقل الخام نحو سبتة.
وبالقرب من سبتة، تتوقف الناقلات الصغيرة التي تحمل نحو 700 ألف برميل في المرة الواحدة، حتى وصول ناقلة النفط العملاقة، فتقترب منها، وتبدأ عملية نقل البراميل من السفن الصغيرة إلى الناقلة.
ويقتضي تحميل ناقلة النفط العمودية ثلاث عمليات من هذا النوع، لنقل نحو مليوني برميل. ثم تبدأ الناقلة العملاقة رحلتها بالالتفاف حول قارة إفريقيا، للوصول إلى آسيا.
ووفقاً للوكالة فقد تمكّنت روسيا منذ ديسمبر/كانون الأول من إرسال 6 ناقلات نفط عملاقة عبر هذه الطريق، ويتولى نقل النفط في البداية 15 ناقلة نفط من طراز أفراماكس.
وتشير بيانات تتبع الناقلات الصادرة من شركة Vortexa Ltd. إلى أنَّ بعضها من قدامى السفن المشاركة في نقل النفط بالسوق السوداء، فقد كانت تشحن الخام الإيراني والفنزويلي.
ويبدو أن روسيا والصين قد بدأتا في زيادة محطات التبادل في سبتة، فهناك ناقلتان عملاقتان تنتظران الآن وصول الناقلات الصغيرة بالقرب من المدينة.
لا تنتهك موسكو بذلك القانون الدولي، فمعظم الناقلات ترسو على بعد نحو 19 كيلومتراً بحرياً من الشاطئ، وهو الحد الأقصى للمياه الإقليمية. وتشير بيانات التتبع من وكالة Bloomberg إلى أن الروس يلتزمون المعايير الدولية بإبقاء منارات السفن مضاءة.
أهمية سبتة
ولجأت روسيا إلى المياه حول سبتة لثلاثة أسباب رئيسية، وهي أن روسيا وإن تمكنت من إنفاق مئات الملايين من الدولارات على بناء أسطول من ناقلات أفراماكس (مجهولة الملكية)، فإنها لا تزال عاجزة عن توفير ما يكفي من قوارب الجليد اللازمة لنقل شحنات النفط عبر بحر البلطيق إلى الصين أو الهند.
بالإضافة إلى ذلك، يقلل هذا الطريق من التكلفة بقدرٍ كبير، فنقل الكميات الكبيرة من النفط عبر الناقلات العملاقة أرخص بكثير من نقلها طوال الطريق على ناقلات أفراماكس الصغيرة. ويكلف استئجار ناقلة النفط العملاقة أقل من 20 ألف دولار في اليوم، أما ناقلة أفراماكس فيكلف استئجارها 55 ألف دولار في اليوم.
كما تقع سبتة في مكان مناسب تماماً لنقل النفط بين السفن، فهي تطل على مياه البحر المتوسط من الداخل، ومن ثم فهي محمية من الرياح العاصفة وبرودة الشتاء الشديدة في شمال المحيط الأطلسي.
وهي قريبة من جبل طارق بما يكفي لناقلات النفط العملاقة لشحن النفط والعودة بسرعة إلى المياه المفتوحة حول إفريقيا دون إضاعة للوقت، وهو ما يختلف عن موقع جزيرة كالاماتا البحرية (اليونانية)، التي تستخدمها روسيا أيضاً، لكنها أوغل بكثير في مياه البحر المتوسط.