نشرت صحيفة The Times البريطانية تفاصيل جديدة حول أعضاء المجموعة اليمينية المتطرفة التي تقودها امرأة تبلغ من العمر 75 عاماً، والتي تواجه اتهامات بالخيانة العظمى في ألمانيا، بتهمة التخطيط لاختطاف وزير الصحة والإطاحة بالحكومة الألمانية.
وأوضحت الصحيفة أن هذه المؤامرة قادت إلى اتهامات موجهة من النيابة العامة الاتحادية في ألمانيا ضد مُعلمة متقاعدة تعرف فقط باسم إليزابيث آر وأربعة رجال آخرين. إذ أُلقي القبض على جميع الأعضاء في العام الماضي بعد حيازة بندقيتين كلاشنيكوف وأربعة مسدسات غلوك.
فيما تتضمن الاتهامات الموجهة إلى هذه المجموعة التحضير لـ"مشروع خيانة عظمى"، والتحضير لارتكاب أعمال عنف خطيرة تهدد الدولة، وجرائم تتعلق بالأسلحة، وتمويل الإرهاب.
"الجدة الإرهابية" وخطة الانقلاب في ألمانيا
زعيمة المجموعة، التي تدعى إليزابيث آر، التي تطلق عليها وسائل الإعلام الألمانية لقب "الجدة الإرهابية"، دبرت خطة مكونة من ثلاث مراحل، تتضمن جناحاً عسكرياً وإدارياً للسيطرة على البلاد، وذلك حسبما أوضح مكتب المدعي العام.
كانت الخطوة الأولى هي التسبب في انقطاع الكهرباء على نطاق واسع في البلاد، يعقبه اختطاف وزير الصحة كارل لاوترباخ، الذي تعرض لانتقادات لاذعة من معارضي القيود التي فرضتها الحكومة للتصدي للجائحة.
وبعد ذلك، كانت المجموعة سوف تنتدب ممثلاً يقلد شخصية المستشار الألماني أولاف شولتز، أو الرئيس الاتحادي الألماني، فرانك فالتر شتاينماير، ويدلي ببيان متلفز يُبلغ فيه الأمة أن الحكومة قد خُلعت، وأن دستور عام 1871 قد أُعيد. وبعد ذلك كان سيُعقد "مجلس تأسيسي" لاختيار قائد.
ويُزعم أن إليزابيث آر، التي تنحدر من ولاية ساكسونيا، دفعت باتجاه التعجيل بتطبيق الخطة بعد اعتقالها في أكتوبر/تشرين الأول، وصفها جيرانها بأنها منعزلة وغريبة الأطوار، وتضطلع بأعمال البستنة في الليل باستخدام كشاف. وقالت مصادر أمنية إنها على علاقة بحركة مواطني الرايخ.
تطلق هذه المجموعة على نفسها اسم "يونايتد باتريوتس" (الوطنيون المتحدون)، وتسعى وراء أهداف حركة مواطني الرايخ نفسها: تنصيب نظام سلطوي للحكومة على طراز الإمبراطورية الألمانية في القرن التاسع عشر.
فيما قال مكتب المدعي العام الاتحادي في بيان: "بحلول منتصف يناير/كانون الثاني على أبعد تقدير، شكّل المتهمون مجموعة بهدف إثارة ظروف تشبه الحرب الأهلية في ألمانيا عن طريق العنف والاستعداد للقتل، ومن ثم الإطاحة بالحكومة الاتحادية والديمقراطية البرلمانية".
يُدعى أحد أعضاء المجموعة سفين بي، وينحدر من مدينة فالكنزيه القريبة من برلين. وأوضحت الصحيفة أن سفين، البالغ من العمر 54 عاماً، يعمل محاسباً، وكان أحد أفراد جيش ألمانيا الشرقية. أدلى سفين باعترافات كثيرة، قال فيها إنه اعتقد أن قطاعات من الشرطة والجيش الألماني سوف تدعم المؤامرة، وأوضح أنه خطط للحصول على تأييد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لـ"حكومة الرايخ الألماني الجديدة". وقال محامي سفين بي إن موكله لا يعرف إذا كانت الحكومة الروسية على علم بالخطة أم لا.
يُعرف الأعضاء الآخرون بأسمائهم الأولى فقط، وهم مايكل إتش وتوماس كيه وتوماس أوز. تنوعت المهام الموكلة إلى المتآمرين الخمسة، وتضمنت شراء أسلحة ومتفجرات من دول يوغوسلافيا السابقة، وتجنيد أعضاء جدد. وقد تفككت المؤامرة بعد أن حاولوا شراء أسلحة من ضابطٍ متخفٍّ.
تشير تقديرات المكتب الاتحادي لحماية الدستور، الذي يعد النسخة الألمانية من المكتب الخامس البريطاني، إلى وجود 23 ألف شخص ينتمون إلى حركة مواطني الرايخ في ألمانيا خلال عام 2022، بعد أن أفادت تقديرات سابقة في 2021 إلى أنهم يصلون إلى 21 ألف عضو. ويصف المكتب الاتحادي لحماية الدستور 2100 عضو منهم بأنهم يُحتمل أن يكونوا عنيفين.
انضم منكرو مرض كوفيد والمؤمنون بنظريات المؤامرة إلى صفوف الحركة في السنوات الأخيرة، ما خلق مزيجاً من قضايا اليمين المتطرف التي تتعامل معها السلطات بحذر شديد، لأسباب ليس أقلها حيازة بعضهم للأسلحة.
بعد سنوات من التقليل من شأن حركة مواطني الرايخ، أعلن بعضهم تأسيس ممالك صغيرة، وأصدروا جوازات سفر خاصة بهذه الممالك، وبدأت السلطات في استهدافهم بعد تبادل إطلاق النار مع الشرطة في عام 2016. وتأتي هذه الاعتقالات في إطار حملة مداهمات أوسع ضد اليمين المتطرف في ألمانيا، وهي حملة أثارتها جرائم قتل مرتبطة بالأعراق وهجمات إرهابية، ويقول محللون أمنيون إن ائتلاف يسار الوسط الجديد تحت قيادة شولتز، اتخذ موقفاً أشد صرامة من الحكومة السابقة التي قادها المحافظون، والتي كانت على رأسها المستشارة السابقة أنغيلا ميركل.