اتجه عدد من شركات التكنولوجيا الكبرى إلى تسريح موظفين على نطاق واسع، من بينها ألفابيت، الشركة الأم لـ"جوجل"، لكن لا تزال شركة أبل صامدة، لأنها زادت التوظيف بمقدار أبطأ بكثير من الشركات الأخرى خلال أزمة كورونا، بالإضافة إلى تخفيض الامتيازات التي تُمنح للموظفين لديها.
صحيفة "وول ستريت جورنال" أشارت السبت، 21 يناير/كانون الثاني 2023، في تقرير، إلى أنه لا توجد شركة مؤكد أنها ستتجنب التسريحات الكبيرة في بيئة اقتصادية متقلبة مثل البيئة الحالية، معتبرة أن "أبل ليست محصنة بوجه تحديات الأعمال التي أصابت عمالقة التكنولوجيا الآخرين".
أسباب صمود أبل
التقرير أكد أن وضع أبل أفضل من العديد من المنافسين حتى الآن، لأنها زادت التوظيف بمقدار أبطأ بكثير من الشركات الأخرى أثناء كورونا.
وبعد أن امتنع متحدث باسم شركة أبل عن التعليق لـ"وول ستريت"، توقع الباحث توم فورتي، أن تقلل أبل عدد الموظفين، لكنها ربما تفعل ذلك بهدوء من خلال تناقص الموظفين، عبر عدم استبدال العمال الذين يتركون مناصبهم.
الباحث أضاف أنه "يمكن للشركة أن تتحرك في اتجاه إجراء تخفيضات أو تعديلات أخرى على الامتيازات الشائعة للموظفين في قطاع التكنولوجيا. فمثلاً لا تقدم أبل وجبات غداء مجانية للموظفين في حرمها، على عكس شركات التكنولوجيا الكبرى الأخرى مثل جوجل وميتا".
آخر عمليات تسريح
ووفقاً للصحيفة، فقد حصلت آخر جولة كبيرة من عمليات تسريح العمال في شركة أبل خلال عام 1997، عندما عاد المؤسس المشارك ستيف جوبز إلى الشركة، والتي خفضت التكاليف بعد ذلك عن طريق فصل 4100 موظف، حسب وول ستريت جورنال.
وحتى الآن، أظهرت الأعمال الأساسية لشركة أبل أنها مرنة في مواجهة الانكماش الأوسع في السوق.
نمت القوة العاملة في أبل بنحو 20%، لتصل إلى ما يقرب من 164 ألف موظف بدوام كامل، منذ نهاية السنة المالية، في سبتمبر/أيلول 2019 حتى مارس/آذار 2022.
لكن، خلال الفترة عينها تقريباً، تضاعف عدد الموظفين في أمازون، وارتفع عدد العاملين في مايكروسوفت بنسبة 53%، وزادت ألفابيت التوظيف بنسبة 57%، وتضخّم عدد الموظفين في شركة ميتا بنسبة 94%.
وبحسب وول ستريت جورنال، لدى أبل نحو 65 ألف موظف بيع بالتجزئة، يعملون في أكثر من 500 متجر، ويشكلون نحو 40% من إجمالي القوى العاملة في الشركة.
تسريح العمال في شركات تكنولوجية
والجمعة، أعلنت ألفابيت، عن تسريح موظفين على نطاق واسع، مع خطة لإلغاء نحو 12 ألف وظيفة، وهي أكبر جولة لتسريح العمال من الشركة.
قرار الشركة جاء في أعقاب موجة من عمليات التسريح الكبيرة للعمال في أمازون، ومايكروسوفت وميتا.
وشهدت صناعة التكنولوجيا أكثر من 200 ألف تسريح للعمال منذ بداية عام 2022، وفقاً لموقع Layoffs.fyi، وهو موقع إلكتروني يتتبع التخفيضات في العمالة عند ظهورها في التقارير الإعلامية وإصدارات الشركات.
ووفقاً لـ"فرانس برس"، عزت جوجل إلغاء الوظائف على مستوى العالم استجابة "للواقع الاقتصادي" المتغير، لتكون بذلك آخر شركة أمريكية عملاقة للتكنولوجيا تجري إعادة هيكلة على نطاق واسع.
وأتت هذه الخطوة بعد يومين من إعلان مايكروسوفت أنها ستستغني عن نحو 10 آلاف موظف في الأشهر المقبلة، بعد خطوات مماثلة اتخذتها ميتا وأمازون وتويتر، في وقت يواجه فيه قطاع التكنولوجيا تباطؤاً اقتصادياً كبيراً، وفق فرانس برس.
من جانبه، قال الرئيس التنفيذي للمجموعة سوندار بيتشاي، في رسالة بالبريد الإلكتروني للموظفين "على مدى العامين الماضيين شهدنا فترات من النمو الهائل، لمواكبة هذا النمو ودعمه وظّفنا عدداً من الأشخاص؛ استجابة لواقع اقتصادي مختلف عن الواقع الذي نواجهه اليوم".
بيتشاي أضاف: "لقد أجرينا مراجعة صارمة عبر مجالات المنتج والأدوار الوظيفية، لضمان توافق موظفينا وأدوارنا مع أولوياتنا القصوى كشركة".
وتابع : "قررنا تقليص القوة العاملة لدينا بنحو 12 ألف وظيفة".
وفي نهاية سبتمبر/أيلول 2022، بلغ مجموع الموظفين لدى ألفابيت حول العالم نحو 187 ألف شخص. وتُمثل نسبة الموظفين الذين سيتم الاستغناء عنهم حاليا 6% من إجمالي القوة العاملة لديها.
من جانبهم، قال محللون إن مجموعات التكنولوجيا الكبرى أنفقت أكثر ممّا كان يجب، إذ لم تلحظ تباطؤاً في الأفق.
إذ أوضح دانيال إيفز، من شركة Wedbush Securities للاستثمارات، أن تسريح الموظفين يعكس إنفاقاً غير مسؤول في قطاع التكنولوجيا، الذي ينعم بـ"نمو مفرط".
كما أضاف: "الحقيقة أن الشركات القوية في مجال التكنولوجيا وظّفت بشكل مفرط وبوتيرة غير مستدامة، وأصبح الاقتصاد الكلي القاتم يفرض عمليات التسريح هذه في الفضاء التكنولوجي".
وأعلنت شركتا HP وعملاق الحوسبة السحابية Salesforce أيضاً الاستغناء عن أعداد كبيرة من الموظفين هذا الشهر.