اختبار لصمود التطبيع بين الرباط وتل أبيب.. كيف سيؤثر صعود اليمين المتطرف في إسرائيل على العلاقات مع المغرب؟

عربي بوست
تم النشر: 2023/01/22 الساعة 10:55 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/01/22 الساعة 10:55 بتوقيت غرينتش
وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة ومستشار الأمن القومي الإسرائيلي مائير بن شبات، في الرباط/ رويترز

يطفو اليوم على سطح العلاقات بين المغرب وإسرائيل تحدٍّ جديد سيواجه الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتشددة، يرتبط أساساً بالحفاظ على زخم التطبيع بين البلدين، خصوصاً أمام التطورات الأخيرة في الشرق الأوسط.

وعاد الزخم للعلاقات بين المغرب وإسرائيل منذ ديسمبر/كانون الثاني 2020، عندما وُثق لاستئناف العلاقات بين المغرب وإسرائيل، بالتوقيع على اتفاق ثلاثي بين الرباط وتل أبيب وواشنطن أمام العاهل المغربي الملك محمد السادس.

وشهدت هذه المدة من عودة العلاقات، تحقيق منجزات مهمة تميزت بتوطيد الروابط على المستويين الثنائي وثلاثي الأطراف في مختلف المجالات، سواء السياسية منها أو الدبلوماسية أو الاقتصادية والأمنية وحتى العسكرية.

محددات لاستمرار العلاقات

يقف المراقبون عند محددات رئيسة لاستمرار هذا التطبيع بين المغرب وإسرائيل، تفرض على الحكومة الإسرائيلية الجديدة أن تأخذ بعين الاعتبار موقف الملك محمد السادس تجاه الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وتأثير ذلك على العلاقات الإسرائيلية المغربية.

ويرى الكاتب والباحث في العلاقات الدولية، لحسن أقرطيط، أنه "ينبغي التمييز بين الاتفاق الثلاثي الذي وقعته المملكة المغربية مع إسرائيل والولايات المتحدة، والموقف المبدئي للمملكة، فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية التي تعتبرها قضية مركزية وأساسية".

فقد جاء "الاتفاق الثلاثي واتفاق أبراهام، في سياق جيو-سياسي محدد يستجيب لتحديات أمنية وعسكرية، ويفرض على هذه الدول ضرورة بناء تحالف إقليمي قوي يرد على التهديدات"، يوضح أقرطيط لـ"عربي بوست".

وقال: "لا يمكن الربط بين القضية الأمنية والقضية الفلسطينية التي تعد قضية مركزية بالنسبة للمغرب؛ أولاً بالنظر إلى أن المملكة كانت دائماً في مصاف الدول التي تدافع عن القضية الفلسطينية وفي مصاف الدول الراعية للمفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين".

التصعيد يختبر صمود التطبيع

غير أن التصعيد المُرتقب من الحكومة اليمينية الإسرائيلية المتطرفة، على غرار الخطوة الاستفزازية لوزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، باقتحامه باحة الأقصى، ستختبر، لا محالة، العلاقات مع الدول العربية المُطبّعة، ومنها المملكة المغربية.

وكان مصدر مأذون من وزارة الشؤون الخارجية المغربية، أعرب عن إدانة المملكة، من منطلق مواقفها الثابتة، اقتحام بن غفير، يوم الثلاثاء، 3 يناير/كانون الثاني الجاري، باحات المسجد الأقصى المبارك.

أستاذ العلاقات الدولية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، نبيل زكاوي، قال إن "العلاقات مع الحكومة الإسرائيلية اليمينية، ستشكل مصدر إحراج لحلفاء إسرائيل العرب، إذ سيضطرون إلى التعامل مع القوميين المتطرفين، بينما سيُفرض عليهم فعل أكثر من مجرد التعبير عن الالتزام بالقضية الفلسطينية".

ويتوقع زكاوي، في حديثه لـ"عربي بوست"، "ألا يعرقل اليمين الإسرائيلي المتطرف أو يفك الروابط المتنامية مع الدول المُطبّعة مع إسرائيل"، مشدداً على أن "التطبيع لا يمكن أن يكون شيكاً على بياض، لأنه سيفرض على الدول المطبعة رفض أن تكون العلاقات الأكثر ودية مع إسرائيل ضوءاً أخضر لها لتوسيع أراضيها، وهو ما سيفرض التفكير في مراجعة بنود اتفاقات التطبيع، أو تآكل الحماس العام لها على أقل تقدير".

الإعلان الثلاثي أداة ثمينة

في ظل هذه العلاقة القائمة اليوم بين المغرب وإسرائيل، ما فتئ المغرب يذكر بأن استئناف العلاقات مع إسرائيل يشكل مساهمة في السلام بالشرق الأوسط، إذ إن "الإعلان الثلاثي المشترك يمثل أداة ثمينة قادرة على المساعدة في المضي قدماً بعملية السلام في المنطقة"، كما أكد وزير الشؤون الخارجية، ناصر بوريطة.

يؤكد الكاتب والباحث في العلاقات الدولية، لحسن أقرطيط، أن "المغرب بحكم العلاقة التي تربطه بإسرائيل، لعب دوراً كبيراً في حل مجموعة من القضايا"، مذكراً بأن "الاتفاق الثلاثي وُقّع في عهد بنيامين نتنياهو الذي يترأس الحكومة الحالية، وهو يدرك أنه اتفاق حيوي جداً لإسرائيل، وبأنها مطالبة بضرورة الحفاظ عليه".

ولا يتردد المتحدث ذاته في القول: "إن عودة نتنياهو لترؤس الحكومة، سيساهم في تنزيل ما اتفق عليه، وستكون هناك خطوات جديدة لتنزيل هذا الاتفاق الثلاثي بين المغرب وإسرائيل والولايات المتحدة".

التزامات على عاتق البلدين

لم يكن الإعلان المشترك المشار إليه، مجرد توقيع على اتفاق وفقط، بل هو في الأساس خارطة طريق للتعاون بين الدول الثلاث المُوقّعة، ما يعني أن "طبيعة العلاقات المغربية الإسرائيلية تؤطرها مجموعة من الاتفاقيات التي تغطي مجالات مختلفة، اقتصادية وسياحية وزراعية وأمنية…، لتعزيز التعاون والتفاهم حول القضايا والمصالح والتحديات المشتركة"، يسجل أستاذ القانون والعلوم السياسية بالكلية متعددة التخصصات بالناظور، محمد أبركان.

واعتبر أبركان، في تصريحه لـ"عربي بوست"، أن "هذه الاتفاقيات تضع التزامات دولية على عاتق كلا البلدين، لا يمكن التنصّل منها بسهولة نتيجة تغير لون الحكومات وتشكيلاتها الحزبية"، مشيراً إلى أن "عودة بنيامين نتنياهو، لرئاسة الحكومة الإسرائيلية، لن يكون لها أي تأثير سلبي على تطوير علاقات إسرائيل مع المغرب".

بل إن العكس هو الحاصل، بالنظر إلى أن "مجالات التنسيق والتعاون بين البلدين ستزداد توسعاً، خاصة فيما يتعلق بالتحديات الأمنية والعسكرية المتشابكة في منطقة الساحل والصحراء وشمال إفريقيا، والتي تشكل مصدر تهديد مشترك لأمن ومصالح كلا البلدين"، يردف أستاذ العلوم السياسية بكلية الناظور.

ويعتقد الأستاذ نفسه، أنه للأسباب المذكورة، "سيكون نتنياهو مستعداً لاتخاذ موقف إيجابي لصالح المغرب بخصوص قضية الصحراء المغربية لدعم مبادرة  المغرب للحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية للمغرب".

اتفاقية أبراهام في المغرب

في هذا السياق، وتوطيداً للعلاقات المغربية الإسرائيلية من جهة، والعلاقات بين الدول العربية وإسرائيل بموجب "اتفاقية أبراهام"، يرتقب أن تعقد "قمة منتدى النقب" الثانية في المغرب في مارس المقبل،  وفق ما أعلن سابقاً وزير الخارجية الإسرائيلي الجديد إيلي كوهين.

وتحضيراً لهذه القمة، يجري اجتماع اللجنة التوجيهية لمنتدى النقب، اليوم الثلاثاء 10 يناير الجاري في أبوظبي، بحضور وفود رفيعة المستوى من المغرب والبحرين ومصر وإسرائيل. 

لا يشك أستاذ القانون والعلاقات الدولية بجامعة عبد الملك السعدي بطنجة، عبد الله أبو عوض، أن "الدبلوماسية المغربية تعتمد على تدبير التحولات العالمية، بما يتوافق مع مصالحها في قضية وحدتها الترابية".

وقال في اتصاله بـ"عربي بوست": "أن تكون قمة النقب الثانية للدول الموقعة على اتفاقية أبراهام في المغرب، تُحقق توافق هذه الدول على الاستراتيجيات السياسية والاقتصادية المغربية الراهنة".

تكمن أهمية ذلك، "في أن تكون بإحدى الحواضر بالصحراء المغربية، لأنها ستعكس الاعتراف العملي للدول المشاركة بالوحدة الترابية، واقتناعها حقيقة بالحل المغربي المشروع، والتشجيع المستدام والضامن للمناطق الجنوبية".

كما تبرز أيضا قضية الصحراء والتي تستدعي من إسرائيل الاعتراف بسيادة المغرب على صحرائه؛ بالنظر إلى أن هذه القضية رئيسة في العلاقات الخارجية للمملكة.

تحميل المزيد