يستعد مستثمرو الأسواق الناشئة للتسلل، مرة أخرى، إلى سوق الدين المحلي في مصر، حيث يغريهم الجنيه الأرخص والعائدات القياسية بالمقارنة مع أقرانها، بحسب تقرير لشبكة Bloomberg الأمريكية، الجمعة 19 يناير/ كانون الثاني 2023.
إذ أدى انتقال مصر إلى سعر صرف أكثر مرونة إلى إحياء الاهتمام بديونها بالعملة المحلية، وهو أسوأ أداء في الأسواق الناشئة العام الماضي، وفقاً لمؤشرات Bloomberg، وبذلك بعد أن سحب المستثمرون 22 مليار دولار من السوق على مدى 6 أشهر عام 2022، وفقاً لوزير المالية محمد معيط.
الآن، أصبحت جميع سندات الخزانة في البلاد تقريباً في أكبر خَصمٍ لها على الإطلاق، مقارنة بديون الأسواق الناشئة، مع اتساع العوائد على البلدان النامية الأخرى إلى أعلى مستوى مسجل هذا الأسبوع.
ويُعَدّ جذب المستثمرين الأجانب إلى سوق الدين المحلي أمراً بالغ الأهمية بالنسبة لأكبر دولة في العالم العربي من حيث عدد السكان، والتي استُبعِدَت لمدة عام تقريباً من أسواق رأس المال الخارجية.
من جهته، قال جوردون باورز، المحلل المقيم في لندن في شركة Columbia Threadneedle لإدارة الأصول في لندن: "بعد أن احتفظت بمركز أقل وزناً لمعظم 2022، رأيت أخيراً الظروف لدخول السوق المحلية مرة أخرى".
تقلُّب الجنيه
انخفض الجنيه المصري إلى مستوى قياسي منخفض بلغ 32.1 مقابل الدولار هذا الشهر، وسط أسوأ أزمة للعملات الأجنبية في البلاد منذ سنوات.
وتقول شركة Columbia Threadneedle إن الجنيه بالفعل مقوم بأقل من قيمته بنسبة 25%، عند قياسه بسعر الصرف الفعلي الحقيقي، وهو مقياس لتنافسية العملة مقابل الشركاء التجاريين.
لكن الشركة تقول أيضاً إن العملة قد تنخفض أكثر. يتوقع دويتشه بنك أن يضعف الجنيه بنسبة تتراوح بين 10% إلى 33% مقابل الدولار قبل أن يستقر.
وتضرّرت مصر بشدة من التداعيات الاقتصادية للغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير/شباط الماضي، وهي واحدة من أكبر مستوردي القمح في العالم. حتى ذلك الحين، كانت وجهة رئيسية لتمويل الأموال الساخنة المتقلبة بسبب أعلى معدلات الفائدة في العالم عند تعديلها وفقاً للتضخم.
ورغم ذلك، بدأت السلطات مؤخراً في التشكيك في اعتماد الأمة على هذا النوع من التدفقات، ومع تفاقم الأزمة العام الماضي، أدخلوا ما وصفوه بنظام سعر الصرف "المرن بشكل دائم".
وتبعت ذلك سلسلة من عمليات تخفيض قيمة العملة، مما ساعد مصر في الحصول على قرض بقيمة 3 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي. ومع انسداد خيارات الاقتراض الأخرى، تعهد الحلفاء الخليجيون أيضاً بتقديم أكثر من 20 مليار دولار من الودائع والاستثمارات؛ لمساعدة دولة يرون أنها حيوية للأمن والاستقرار الإقليميين.
كانت آخر مرة استغلت فيها مصر أسواق السندات الدولية في مارس/آذار 2022، عندما أصدرت أوراقاً مالية مقومة بالين الياباني، وكانت آخر صفقة ديون بالدولار في سبتمبر/أيلول 2021. وتمتلك البلاد 39 مليار دولار من سندات اليوروبوند المستحقة، وفقاً لبيانات جمعتها شبكة Bloomberg الأمريكية.
ومع تجاوز معدل التضخم 21% في ديسمبر/كانون الأول، قد يضطر البنك المركزي المصري إلى رفع أسعار الفائدة بشكل أكبر لجذب مزيد من الاستثمار الأجنبي وفقاً لماثيو فوغل، رئيس الأبحاث السيادية في شركة FIM Partners ومقرها دبي.
في غضون ذلك، تقلصت الفجوة بين السعر الرسمي للجنيه والسعر في السوق السوداء، والتي ظهرت في الوقت الذي كافح فيه المصريون للعثور على الدولار عبر القنوات الرسمية.