يتوجه قائد الجيش الجزائري، السعيد شنقريحة، إلى باريس قبل نهاية يناير/كانون الثاني 2023، بينما من المتوقع أن يزور مسؤول كبير في الخارجية الفرنسية الجزائر العاصمة كذلك خلال الأيام القادمة، وذلك في تحضير لزيارة الرئيس الجزائري المرتقبة للجزائر، بحسب ما قاله موقع Africa Intelligence الاستخباراتي الفرنسي، 18 يناير/كانون الثاني 2023.
وأعلنت الرئاسة الجزائرية، الأحد 15 يناير/كانون الثاني، عن زيارة مرتقبة لرئيس البلاد عبد المجيد تبون، لفرنسا في مايو/أيار، هي الأولى من نوعها له منذ وصوله إلى الحكم في 2019.
زيارة هي الأولى منذ 17 عاماً
بحسب الموقع الاستخباراتي، فإنه من المقرر أن يصل رئيس الأركان شنقريحة إلى باريس في أواخر يناير/كانون الثاني، حيث سيلتقي نظيره الفرنسي تييري بوركهارد، وستكون تلك الزيارة أول زيارة رسمية لفرنسا بواسطة أحد قادة الجيش الجزائري منذ أكثر من 17 عاماً.
ومن المتوقع أن يناقش المسؤولان البارزان الوضع في منطقة الساحل ويرسما تفاصيل زيارة تبون الرسمية لفرنسا في مايو/أيار، وهي الرحلة التي ناقشها تبون مع ماكرون هاتفياً في الـ15 من يناير/كانون الثاني.
وتشمل التحضيرات زيارةً من الأمينة العامة لوزارة الخارجية آن ماري ديسكوت، للجزائر في 25 يناير/كانون الثاني، بصحبة عدد من كبار مسؤولي الوزارة، حتى تلتقي نظيرها المُعيّن حديثاً عمار بلاني.
ومن المنتظر أن تؤدي الزيارة إلى طي صفحة التوترات بين باريس والجزائر. إذ أغلق شنقريحة المجال الجوي الجزائري في وجه الطيران الحربي الفرنسي خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول عام 2021، وذلك بعد شهور من إدلاء ماكرون بتصريحات "أُسيء فهمها" أمام الجالية الجزائرية في باريس.
ويُذكر أن آخر زيارة لرئيس أركان جزائري إلى فرنسا جرت في عام 2006، عندما كان أحمد قايد صالح رئيساً لأركان البلاد. وساهمت الزيارة في تقريب البلدين آنذاك، مع فتح أبواب السوق الجزائرية أمام صناعة الدفاع الفرنسية. وتفاوضت الجزائر في تلك الفترة على شراء فرقاطة فريم الشبحية، واختبرت مقاتلات الرافال، وطلبت شراء قمر صناعي من الشركة الأوروبية للصناعة الجوية الدفاعية والفضائية.
ماكرون لن يطلب الصفح
وتميزت فترة حكم تبون بعدة هزات في العلاقات مع فرنسا بسبب ملفات الحقبة الاستعمارية (1830/1962) وكذا قضايا الهجرة.
في أحدث تصريح له، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الأسبوع الماضي، إنه لن يطلب "الصفح" من الجزائريين عن استعمار فرنسا لبلدهم، مشدداً على أن "عمل الذاكرة والتاريخ ليس جردة حساب.. (وأنه) يعني الاعتراف بأن في طيّات ذلك أموراً ربما لا تُغتفر".
وفي مقابلة مطولة أجراها معه الكاتب الجزائري كامل داود، ونشرتها أسبوعية "لوبوان" الفرنسية، مساء الأربعاء 11 يناير/كانون الثاني 2023، أعرب ماكرون عن أمله في استقبال نظيره الجزائري عبد المجيد تبّون، في باريس هذا العام، لمواصلة العمل معاً على ملف الذاكرة والمصالحة بين البلدين.
أضاف ماكرون: "لست مضطراً إلى طلب الصفح، هذا ليس الهدف. الكلمة ستقطع كلّ الروابط"، مشيراً إلى أن "أسوأ ما يمكن أن يحصل هو أن نقول: (نحن نعتذر) وكلّ منّا يذهب في سبيله"، وشدّد على أن "عمل الذاكرة والتاريخ ليس جردة حساب، إنّه عكس ذلك تماماً".
فيما لفت إلى أن عمل الذاكرة والتاريخ "يعني الاعتراف بأن في طيّات ذلك أموراً لا توصف، أموراً لا تُفهم، أموراً لا تُبرهَن، أموراً ربّما لا تُغتفر".
يُذكر أن مسألة اعتذار فرنسا عن ماضيها الاستعماري بالجزائر (1830-1962)، في صميم العلاقات الثنائية والتوترات المتكررة بين البلدين.
وفي 2020، تلقّت الجزائر بفتور تقريراً أعدّه المؤرخ الفرنسي بنجامان ستورا بناءً على تكليف من ماكرون، دعا فيه إلى القيام بسلسلة مبادرات من أجل تحقيق المصالحة بين البلدين، وخلا التقرير من أية توصية بتقديم اعتذار أو بإبداء الندم، وهو ما تطالب به الجزائر باستمرار.