مدد مجلس الأمن الدولي، الإثنين 9 يناير/كانون الثاني 2023، العمل بآلية إيصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود من تركيا إلى شمال غربي سوريا 6 أشهر، بعدما وافق أعضاء المجلس الـ15 بالإجماع، على قرار تمديد العمل بالآلية لغاية 10 يوليو/تموز المقبل.
يتيح القرار إيصال المساعدات الإنسانية إلى نحو 4 ملايين شخص، عبر بوابة "جيلوة غوزو" الحدودية، في حين تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن 15.3 مليون سوري سيكونون بحاجة لحماية ومساعدات إنسانية خلال 2023، وهو أعلى رقم منذ بدء الصراع في عام 2011.
ويتم إرسال مساعدات دولية إلى مناطق شمال غربي سوريا بموجب مشروع قرار وافق عليه مجلس الأمن في عام 2014. ويجري إرسال الأغذية والأدوية في الوقت الراهن فقط عبر بوابة "جيلوة غوزو" الواقعة بولاية هطاي الحدودية جنوبي تركيا.
ويلزم صدور تفويض من المجلس المؤلف من 15 عضواً، لأن سلطات النظام السوري لم توافق على العمليات الإنسانية، التي تقدم المساعدات بما يشمل الأغذية والأدوية والمأوى للمناطق التي تسيطر عليها المعارضة في سوريا منذ 2014.
تجنّب الصراع المعتاد!
من جانب آخر، كان من اللافت أن القرار صدر هذه المرة بدون "صراع" بين الدول الغربية وروسيا التي تعارض إيصال المساعدات إلى الداخل السوري عبر منافذ غير خاضعة لحليفها النظام السوري.
بحسب رويترز، فإن مجلس الأمن تجنب صراعاً معتاداً بخصوص الموافقة على تقديم المساعدات إلى سوريا عبر تركيا، بعد أن صوّت المجلس ثلاث مرات في يوليو/تموز 2022 الماضي، قبل أن يوافق في النهاية على التمديد بعد يومين من انتهاء التفويض.
في السياق، قال دبلوماسيون لـ"رويترز" الأسبوع الماضي، إن أعضاء المجلس وافقوا بشكل غير رسمي على نص بالموافقة على تمديد تقديم المساعدات لمدة ستة أشهر أخرى.
بدوره، وصف سفير روسيا لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، تمديد قرار تقديم المساعدات عبر تركيا بأنه "قرار صعب"، قائلاً إن موقف بلاده لم يتغير. حيث تقول روسيا التي تدعم الرئيس السوري بشار الأسد في الحرب التي بدأت عام 2011، إن تقديم المساعدات يمثل انتهاكاً للسيادة السورية.
وقال نيبينزيا: "لا يعكس القرار تطلعات الشعب السوري الذي ينشد من مجلس الأمن احترام وحدة الأراضي السورية وسيادتها، إلى جانب جهوده الفعالة في المجال الإنساني".
تركيا ترحب وأمريكا تطالب بالمزيد
في المقابل، أكدت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، الإثنين، الحاجة إلى تمديد تقديم المساعدات لمدة عام عندما ينظر مجلس الأمن في الأمر مرة أخرى في يوليو/تموز المقبل.
وقالت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس-غرينفيلد، أمام مجلس الأمن: "هذا القرار يمثل الحد الأدنى"، مضيفةً أن التمديد لمدة 12 شهراً كان ضرورياً للسماح لمجموعات الإغاثة "بالشراء والتوظيف والتخطيط" بصورة فعالة.
من جانبها، رحبت الخارجية التركية بالقرار الأممي، مشيرة في بيان، إلى أن الآلية "تلعب دوراً حيوياً في إيصال المساعدات لقرابة 4.1 مليون سوري شمال غربي البلاد".
كما شدد البيان على ضرورة أن "تواصل آلية الأمم المتحدة وظائفها في إطار مستدام ودون انقطاع، وذلك لتحقيق استجابة دولية فعالة للأزمة الإنسانية في سوريا والحفاظ على الاستقرار الإقليمي"، مؤكداً "مواصلة تركيا جهودها في هذا الاتجاه، بالتعاون مع المجتمع الدولي".
"شريان حياة للملايين"
وأصدر مجلس الأمن في عام 2014، تفويضاً يسمح بنقل المساعدات إلى المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في سوريا عبر العراق والأردن ونقطتين بتركيا. لكن روسيا والصين قلصتاهما بعد ذلك إلى نقطة حدودية واحدة فقط عبر تركيا.
وتقول روسيا إنه ينبغي توصيل مزيد من المساعدات من داخل سوريا، لكن معارضي الأسد يخشون من وقوع الأغذية والمساعدات الأخرى في أيدي الحكومة.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في ديسمبر/كانون الأول الماضي، إن شحنات المساعدات من داخل سوريا "لا تزال غير قادرة على استبدال حجم أو نطاق" عملية الأمم المتحدة التي قال إنها شريان حياة للملايين.
فيما قال ستيفان دوغاريك، المتحدث باسم الأمم المتحدة، بعد التصويت: "الأمم المتحدة تلتزم باتباع كل السبل لتقديم المساعدات والحماية عبر أكثر الطرق أماناً ومباشرة وفعالية".