حذَّر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الجمعة 6 يناير/كانون الثاني 2023، من تأثر "دول كثيرة" بأزمة اقتصادية في حالة استمرار الحرب الروسية الأوكرانية، موجهاً خطابه للمصريين قائلاً: "أرى وأسمع أن الناس في مصر قلقة وخائفة.. من فضلكم، لا تخافوا، وأنا سعيد بخوفكم على مصر".
جاء ذلك خلال كلمة متلفزة أثناء حضوره جزءاً من قداس ليلة عيد الميلاد الرئيسي بالبلاد، والذي ترأسه بابا أقباط مصر تواضروس الثاني، من داخل كاتدرائية العاصمة الجديدة شرقي القاهرة.
وطمأن المصريين بأمرين قائلاً: "أولاً، ربنا موجود، وهو أعز وأكبر من الكل ويقدر يعمل كل حاجة لنا ونحن نعمل لنستحق ذلك، وثانياً إننا كحكومة ودولة حريصون على التعامل مع الأزمة الكبيرة الموجودة بالعالم".
وأضاف: "الأزمة الموجودة بالعالم (جراء حرب أوكرانيا) تأثيراتها ضخمة، والأحوال ستبقى بعدها مختلفة عما قبلها، والأزمة الاقتصادية ستؤثر في دول كثيرة لو الحرب استمرت هذا العام أو أكثر".
وعن الأوضاع بمصر، أضاف السيسي: "الحمد لله نسير بشكل جيد وإن كنا نعاني، ولكن لا نخاف ولا نقلق ولا نسمع للشائعات".
حيث قال في هذا السياق: "متديش ودنك لحد مش مسؤول، كل واحد يعرف على قده، موظف ومدير واللي بعده، لحد ما نوصل لأعلى منصب، يعني حد هيعرف زي قداسة البابا في شؤون الكنيسة؟ أكيد لا".
هبوط الجنيه المصري
يأتي ذلك في الوقت الذي قالت فيه وكالة Bloomberg الأمريكية، الأربعاء، إن الشركات المصرية خفضت الإنتاج وقلصت الوظائف، في ظل معاناتها مع تأثير الخفض الدراماتيكي لقيمة العملة المصرية، وهو قرار اتخذته السلطات المصرية للحصول على صفقة قروض من صندوق النقد الدولي.
ديفيد أوين، الخبير الاقتصادي لدى شركة "إس آند بي غلوبال ماركت إنتليجنس" (التي تقيس أداء اقتصاد القطاع الخاص غير النفطي)، قال إن "الإنتاج تراجع، وتراجعت الأعمال الجديدة تراجعاً حاداً، لكن بمعدلات أضعف، إذ تربط الشركات تراجع المبيعات، بشكل رئيسي بالضغوط التضخمية".
أوين أوضح أنه بينما تُحمِّل الشركات نسبةً أكبر من مصروفاتها على العملاء، فإن الشواغل حول التكاليف دفعتها إلى "تقليل عدد العمالة لديها، وخفض مخزونات المدخلات في ديسمبر/كانون الأول، مما أدى إلى زيادة إضافية في تراكمات العمل".
مصر، صاحبة أكبر تعداد سكاني في الشرق الأوسط، تأثرت تأثراً شديداً بالتداعيات الاقتصادية التي خلّفها الهجوم الروسي على أوكرانيا الذي بدأ في فبراير/شباط 2022، كما تآكلت الاحتياطيات الأجنبية، إلى جانب أن أزمة العملة الناتجة تسببت في تعطُّل بضائع بقيمة مليارات الدولارات في الموانئ.
كان الإنتاج في مصر محدوداً في شهر ديسمبر/كانون الأول 2022، بسبب الانخفاض الحاد في النشاط الشرائي، فضلاً عن ضعف السيولة ونقص الإمدادات بسبب ضوابط الاستيراد، وذلك وفقاً لاستبيان لشركة "إس آند بي غلوبال".
السلطات المصرية كانت قد خفضت قيمة الجنيه المصري مرتين في 2022، وتعهدت في أكتوبر/تشرين الأول 2022، بتبنّي سياسة سعر صرف مرنة للحصول على قرض من صندوق النقد الدولي بقيمة 3 مليارات دولار.
لكن إضعاف العملة رفع مستوى التضخم إلى أعلى مستوى له تقريباً منذ خمس سنوات، مما يضع مزيداً من الضغوط على كاهل المستهلكين. وتراجع الجنيه المصري، الأربعاء 4 يناير/كانون الثاني 2023، إلى أكثر من 26 للدولار، وكان الجنيه المصري قبل أقل من عام يجري تداوله داخل نطاق ضيق دون 16 جنيهاً للدولار، وفقاً لوكالة رويترز.
تعاني مصر من نقص حاد في العملة الأجنبية على الرغم من خفض قيمة الجنيه، والإعلان عن حزمة دعم من صندوق النقد الدولي، وأدى نقص الدولار إلى تقييد واردات مدخلات المصانع وتجارة التجزئة.
يُذكر أن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء بمصر ذكر في ديسمبر/كانون الأول 2022، أن التضخم بمصر قفز إلى أعلى مستوى في خمس سنوات عند 18.7% في نوفمبر/تشرين الثاني 2022.