قضت محكمة عسكرية في بورما، الجمعة 30 ديسمبر/كانون الأول 2022، بالسجن سبع سنوات على الحاكمة المدنية الفعلية السابقة، أونغ سان سو تشي، بعد إدانتها بالفساد، وذلك في ختام محاكمة استمرت 18 شهراً، لسو تشي، الحائزة على جائزة للسلام، وأفضت إلى أحكام بسجنها 33 عاماً في المجموع.
محكمة في العاصمة نايبيداو تنظم جلساتها بشكل استثنائي في السجن، حيث تخضع سو تشي لحبس انفرادي، أدانت السياسية بخمس تهم فساد، وفقاً لما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية.
كذلك قضت المحكمة على الرئيس البورمي السابق، وين مينت، بالعقوبة نفسها، وسيستأنف كل منهما الحكم.
الوكالة الفرنسية نقلت عن مصدر قضائي- لم تسمه- قوله إن المعارِضة الشهيرة سو تشي بدت "بصحة جيدة"، وقد تنهي في السجن حياة تميزت بكفاحها من أجل الديمقراطية.
أوضح المصدر القضائي أن الحكم الذي صدر يوم الجمعة على سو تشي (77 عاماً) يتعلق بخمس تهم مرتبطة بقضية استئجار مروحية وصيانتها، تسببت في "خسائر للدولة"؛ نظراً لعدم احترامها القواعد.
من جانبها، قالت هتوي هتوي ثين، الأستاذة المشاركة في جامعة كيرتن الأسترالية، إن الاتهامات بالفساد "سخيفة"، مشيرة إلى أنه "لا يوجد أدنى أثر للفساد في قيادة أونغ سان سو تشي أو أسلوب حياتها".
وذكر مصدر للوكالة الفرنسية، طالباً عدم كشف هويته، أن "كل القضايا انتهت ولم تعد هناك اتهامات موجهة إليها".
كانت سو تشي قد أدينت منذ بدء الإجراءات القانونية، في يونيو/حزيران 2021، بجرائم عدة، من الفساد إلى التزوير الانتخابي وانتهاك أسرار الدولة وقيود مكافحة كوفيد.
يفتح انتهاء محاكمتها التي دانتها منظمات حقوق الإنسان، معتبرة أنها سياسية، مرحلة من عدم اليقين في ميانمار، مع احتمال إجراء انتخابات في 2023 وعد بها العسكريون لاكتساب شرعية.
كانت الانتخابات التشريعية التي جرت في 2015 و2020، قد دفعت حزب الرابطة الوطنية للديمقراطية، الذي أسسته أونغ سان سو كي في أواخر ثمانينات القرن الماضي، إلى السلطة.
برر الجيش انقلابه في 2021 بالقول إنه اكتشف ملايين الأصوات غير النظامية في الاقتراع الأخير، الذي اعتبره عدد كبير من المراقبين الدوليين حراً.
انتقدت الولايات المتحدة خطة الجيش إجراء انتخابات جديدة، لكن روسيا حليفته الموثوقة والمورد الرئيسي للسلاح إليه، رحبت بها، ودعا مجلس الأمن الدولي، في ديسمبر/كانون الأول 2022، إلى الإفراج الفوري عن سو تشي، في أول قرار يتخذه منذ عقود بشأن الوضع في ميانمار.
أقرت هذه الدعوة التي جاءت في لحظة وحدة نادرة، بفضل امتناع الصين وروسيا الداعمتين لنايبيداو عادة، عن التصويت.
ومنذ الانقلاب لم تُشاهد سو تشي سوى مرات قليلة في صور مشوشة، التقطتها وسائل الإعلام الحكومية في قاعة محكمة خالية، ويرى خبراء أنها يمكن أن تقضي جزءاً من عقوبة السجن في إقامة جبرية.
فيل روبرتسون، نائب مدير آسيا في المنظمة غير الحكومية هيومن رايتس ووتش، قال في تصريح للوكالة الفرنسية، إن الأحكام التي صدرت ضدها "مرادفة للسجن مدى الحياة" نظراً لسنها.
من جهته، رأى ريتشارد هورسي، الخبير في شؤون ميانمار في مجموعة الأزمات الدولية أنها "نهاية مهزلة قضائية، والسؤال الآن هو: ماذا سيفعل النظام مع أونغ سان سو تشي، في مسألة السماح لها بقضاء عقوبتها في الإقامة الجبرية، أو بمقابلة مبعوثين أجانب؟"، مضيفاً أنه "من غير المرجح أن يكون النظام على عجلة من أمره في إصدار قرارات من هذا النوع".
يأتي هذا فيما لا تزال سو تشي تتمتع بشعبية في بورما، وإن تضررت صورتها على المستوى الدولي بسبب عدم قدرتها على الدفاع عن أقلية الروهينغا المسلمة، التي وقع أفرادها ضحايا لانتهاكات ارتكبها الجيش في 2016 و2017، وتعتبرها واشنطن "إبادة جماعية".
غرقت ميانمار بعد الانقلاب في حالة فوضى، مع أعمال عنف يومية بين الجيش وميليشيات شكلت نفسها بنفسها، وهما يتبادلان الاتهامات بقتل مئات المدنيين.
كان قد قُتل أكثر من 2600 شخص في قمع المجلس العسكري للاحتجاجات، حسب منظمة غير حكومية محلية، واتهمت منظمات حقوقية عدة جيش ميانمار بشن غارات جوية على مدنيين، ما يشكل جرائم حرب، ويتحدث الجيش من جهته عن مقتل أربعة آلاف مدني.