نقلت الهند حشوداً "غير مسبوقة" من قواتها المسلحة إلى الحدود المتنازع عليها مع الصين بعد اشتباكات بين جنود البلدين، بينما وصفت وزارة بكين الوضع على طول الحدود بـ"المستقر إجمالاً"، وقالت إن المفاوضات بين الجانبين مستمرة، وفق ما ذكرته صحيفة The Times البريطانية الثلاثاء 20 ديسمبر/كانون الأول 2022.
حيث كانت مواجهات وقعت على طول الحدود منذ أكثر من عامين، وتقول الهند إنها جاءت بعد أن عبرت قوات صينية الحدود للاستيلاء على مواقع استراتيجية في منطقة "لاداخ" المتنازع عليها في عام 2020، فاشتعلت اشتباكات أسفرت عن مقتل 20 جندياً هندياً و4 جنود صينيين على الأقل.
حشد آلاف الجنود على طول الحدود
كشف وزير الخارجية الهندي، سوبرامانيام جايشانكار، أن دلهي تحشد آلاف الجنود على طول الحدود الجبلية الممتدة 3380 كيلومتراً بين البلدين، في أعقاب "انتهاك" القوات الصينية للحدود، ما أدى إلى اندلاع مناوشات مع القوات الهندية قبل 12 يوماً.
كما قال جايشانكار الإثنين 19 ديسمبر/كانون الأول: "لدينا اليوم انتشار للجيش الهندي على الحدود مع الصين أكثر مما كان لدينا في أي وقت مضى. وقد فعلنا ذلك لمواجهة الانتشار الصيني، الذي توسع بدرجة كبيرة في المنطقة منذ عام 2020".
فيما يعد الاشتباك ألأخير أول مواجهة كبيرة بين قوات البلدين منذ أكثر من عام، وتقول الهند إن الاشتباكات وقعت بعد دخول نحو 400 جندي صيني إلى بلدة تاوانج بولاية أروناتشال براديش، الواقعة على الطرف الشمالي الشرقي للهند، في 9 ديسمبر/كانون الأول. أما الصين فترى أن هذه المنطقة جزء من التبت وتزعم أنها تابعة لها.
كما زعم مسؤولون في نيودلهي أن قواتهم تصدَّت للتوغل الصيني في اشتباكات أسفرت عن إصابة جنود من الجانبين بجروح طفيفة. ومع ذلك، لا يزال الوضع متقلباً، فقد عززت الصين انتشارها العسكري ودفعت بوحدات من الدبابات وقوات المدفعية إلى الحدود.
قالت القوات الجوية الهندية الأسبوع الماضي إنها رصدت "نشاطاً جوياً" متزايداً للصين في المنطقة، ما استدعى إرسال طائرات مقاتلة هندية مرتين على الأقل هذا الشهر.
العلاقات بين الهند والصين
حسب الصحيفة البريطانية، أكَّد الاشتباك الأخير خطورة التقلبات التي تعتري العلاقات بين نيودلهي وبكين وفداحة التهديد الذي ينطوي على التصعيد العسكري المتجدد بين الجارتين النوويتين.
حيث قال سي أوداي بهاسكار، الضابط المتقاعد بسلاح البحرية الهندي، إن العلاقات بين البلدين كانت "مضطربة بالتأكيد"، لكن "حادثة [التغول في] أروناتشال براديش صدمة حقيقية لدلهي، فقد كانت الأخيرة تظن أن هذا القطاع من الحدود مستقر، إذ لم تكن فيه توترات كبيرة بشأن الدوريات أو التوغلات… ومن ثم كانت الهند تفترض أن الاضطرابات لن تطال هذه المنطقة".
بينما اتهمت المعارضة في نيودلهي حكومة ناريندرا مودي بالتقاعس عن مواجهة التهديد الصيني بما يستحق من جدية.
إذ قال راهول غاندي، زعيم حزب المؤتمر المعارض، الأسبوع الماضي، إن إدارة مودي كانت "نائمة في الوقت الذي كانت فيه الصين تستعد للحرب"، وإن الحكومة الهندية لا تزال في حالة إنكار بعد أزمة عام 2020 وما انطوت عليه من تقويض للأمن القومي.
في معرض الحديث عن اشتباكات 9 ديسمبر/كانون الأول، قال غاندي: "من الواضح جداً أن الصين تستعد للحرب. أما حكومتنا فتحاول التستر على ذلك وتتجاهل هذا التهديد الصريح".
200 ألف جندي هندي على أهبة الاستعداد
في المقابل، قالت الحكومة في نيودلهي إن لديها ما يقرب من 200 ألف جندي يتمركزون على طول الحدود مع الصين، وقد عمدت باطراد إلى نقل آلاف الجنود الآخرين إلى المنطقة منذ اشتباكات 2020. ونفى جايشانكار مزاعم المعارضة يوم الإثنين، مؤكداً أن الحكومة والجيش الهندي مستعدان لأي توغل صيني.
كما قال وزير الخارجية الهندي: "لو كنا في حالة إنكار، فلِمَ كان الجيش منتشراً هناك؟ لم يذهب الجيش إلى هناك لأن راهول غاندي طلب منهم الذهاب، وإنما لأن رئيس وزراء الهند أمرهم بذلك"، و"الجيش الهندي لن يسمح للصين بإحداث تغيير أحادي الجانب للوضع القائم على الحدود".
في غضون ذلك، قال بهاسكار، الضابط الهندي المتقاعد، إن جيش بلاده لديه صور ملتقطة بالأقمار الصناعية تظهر مجموعة من الجسور والثكنات والقواعد الجوية أقامتها الصين بالقرب من التبت على بعد نحو 190 كيلومتراً من الحدود. وذكرت وسائل إعلام محلية هندية أن الصين نشرت طائرات مقاتلة وطائرات مسيرة بعيدة المدى في المنطقة.
زعم بهاسكار أن الصينيين أنشأوا خط سكك حديدية لقطار فائق السرعة يمتد من منطقة لاسا في التبت إلى منطقة نينغتشي، التي تبعد أقل من 16 كيلومتراً عن الحدود في أروناتشال الهندية. وأشار إلى أن هذه التعزيزات الصينية جاءت تحسباً لأي تحركات هندية مفاجئة في المنطقة.
على الجهة الأخرى، تعمل نيودلهي أيضاً على تعزيز شبكة الطرق الواصلة إلى جانبها من الحدود لمساعدة القوات في الوصول إلى مناطق التوتر في أسرع وقت. وهي عازمة على إنشاء طريق جديد يمتد بطول 1770 كيلومتراً في أروناتشال براديش بالقرب من الحدود المتنازع عليها.