أظهرت وثائق مسربة نشرتها صحيفة The New York Times، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان واثقاً "تمام الثقة" بأن جيشه سوف يجتاح الأراضي الأوكرانية من دون مقاومة يُعتد بها، مشيرةً إلى أن الأوامر الصادرة إلى القوات الروسية كانت تتحدث عن الانتشار بضواحي كييف، بعد 13 ساعة فقط من بدء الهجوم.
تُظهر الوثائق أن الخطط المتوقعة كانت تتضمن عبور وحدة من "فوج الدبابات 26" الحدود مع أوكرانيا، وتجاوز نهر دنيبرو، ثم التغول إلى منطقة تبعد نحو 400 كيلومتر داخل الأراضي الأوكرانية في غضون 24 ساعة، بحسب ما أوردته صحيفة The Times عن الوثائق، الأحد 18 ديسمبر/كانون الأول 2022.
تقول الأوامر التي وردت للقوات الروسية، إن القوات المتقدمة "لن تصحبها قوات مساندة أو معدات للتعزيزات" [لأنها لن تحتاج إليها].
إلا أن الواقع أظهر أن الجيش الروسي سرعان ما تعثر تقدمه في الأراضي الأوكرانية، وصارت أرتال دباباته وعرباته المدرعة أهدافاً سهلة لقوات الدفاع الأوكرانية، التي وإن كانت أقل عدداً، فإن ذلك جعلها أكثر خفة وأيسر حركة.
كانت أوكرانيا في بداية الحرب، قد تمكنت من تدمير رتل روسي من المدرعات قوامه أكثر من 30 ألف جندي، ممن كانت الأوامر الصادرة إليهم تقضي بالتقدم إلى مدينة "تشيرنيهيف" الأوكرانية، على بعد نحو 145 كيلومتراً من كييف.
لم تكتفِ أوكرانيا بذلك، فبعدما عرقلت المراحل الأولى من الهجوم الروسي، بدأت في استهداف الجنرالات الروس الذين اضطروا إلى زيارة الخطوط الأمامية للإشراف على تنفيذ الأوامر.
وقال مسؤولون أوكرانيون إن القيادة الروسية زودت جنودها بأزياء موكب النصر وحصص إعاشة تكفي عدة أيام، استناداً إلى ضمان الانتصار في المعركة وحسمها خلال ذلك.
كذلك أرسلت روسيا ضباط الحرس الوطني في شاحنات عادية لقوات الأمن الروسية على افتراض أن الجيش الروسي سيحتاج إليهم للسيطرة على الحشود بعد الاستيلاء على كييف.
بحسب الصحيفة الأمريكية، فإنه لما كان الكرملين يتوقع نصراً سريعاً في المعركة، طُلب من وسائل الإعلام من قبل الحكومة الروسية إعداد مقالات مسبقة للاحتفال بالنصر المؤزر المتوقع.
وصلت الأمور إلى حد أن وكالة الأنباء الحكومية الروسية RIA Novosti أخطأت بنشر مقال منها في اليوم الثالث من الحرب، جاء فيه أن "أوكرانيا عادت إلى أحضان روسيا"، و"يمكننا القول إن الهيمنة الغربية على العالم انتهت إلى غير رجعة". ثم سرعان ما حُذف المقال من الموقع بطبيعة الحال.
أما الآن وبعد 10 أشهر على بدء الحرب الروسية على أوكرانيا، فقد تبدلت الأحوال، وكشف استطلاع رأي عُرضت نتائجه على الكرملين أن التأييد الشعبي للهجوم على أوكرانيا بدأ في التراجع، إذ قال واحد فقط من كل 4 روس إنه يؤيد بقاء الجيش في أوكرانيا.
على الرغم من طول الحرب، لا تزال أوكرانيا تُبدي استعداداً لمواجهة الهجوم الروسي، إذ قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الأحد 18 ديسمبر/كانون الأول 2022، إن حماية حدود بلاده "أولوية دائمة" وإن أوكرانيا مستعدة لكافة السيناريوهات الدفاعية المحتملة مع روسيا وحليفتها روسيا البيضاء (بيلاروسيا).
جاءت تصريحات زيلينسكي عشية زيارة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى روسيا البيضاء، وسط حديث عن هجوم محتمل جديد قد تشنه موسكو وتوقعات بأنه قد ينطلق من روسيا البيضاء.
وجه زيلينسكي نداءً جديداً للدول الغربية لتزويد بلاده بدفاعات جوية فعالة، وذكر أن قواته تسيطر على بلدة باخموت في الشرق؛ حيث تدور معارك من بين الأعنف في البلاد.
يُذكر أن العملية العسكرية الروسية، تبعها رفض دولي وعقوبات اقتصادية على موسكو التي تشترط لإنهاء عمليتها تخلي كييف عن خطط الانضمام إلى كيانات عسكرية، وهو ما تعده أوكرانيا "تدخلاً" في سيادتها.