قالت صحيفة The Guardian البريطانية في تقرير نشرته، الأحد 18 ديسمبر/كانون الأول 2022، إن الحرب الروسية على أوكرانيا تسببت في نهب المتاحف الأوكرانية والتي تضم بين جنباتها أسلحة ذهبية رائعة وحلياً يعود تاريخها إلى العام 800 قبل الميلاد والتي كانت تخص محاربين يطلق عليهم اسم السكوثيين.
النهب الذي طال المتاحف الأوكرانية لم ينَل من الأسلحة الذهبية الرائعة فقط، بل طال أيضاً ملايين المصنوعات اليدوية الأخرى التي لا تُقدَّر بثمن. قال سيرهي تيليزينكو، من المعهد الوطني للآثار في كييف، والذي كان يراقب موجة الدمار، إنه أدرك أنه ستكون هناك خسائر بعد الغزو، "لكنني لم أستطع تخيل الحجم".
إنقاذ بعض التحف النادرة من المتاحف
تمكنت بعض المتاحف من نقل مجموعاتها إلى بر الأمان في الوقت المناسب. وهي تشمل متحف أوديسا الأثري ومتحف ميليتوبول الذي يضم أهم مجموعة من الذهب السكوثي في هذه الأثناء، كانت إيرينا شرامكو، مديرة متحف خاركيف الأثري، وزملاؤها يقضون لياليهم بالقرب من كنوزهم من العصر البرونزي والسكوثي.
حيث قالت ريجينا أوهل من المعهد الألماني للآثار في برلين، التي كانت تقدم المال والمواد لزملائها الأوكرانيين: "هذا هو الحال في جميع أنحاء أوكرانيا. اعتقدوا أنهم يستطيعون حماية الأشياء بشكل أفضل إذا كانت أقرب".
رغم ذلك، فإن سرعة الاحتلال الروسي في شرق البلاد، على وجه الخصوص، تعني أن العديد من المتاحف لم يكن لديها الوقت لتنفيذ خطط الإخلاء الخاصة بهم. وقال تيليزينكو إن متاحف التاريخ المحلية في منطقة دونيتسك وروبيجن في لوهانسك دُمِّرَت ولم يعرف مصير مجموعاتها.
في حين تعرَّض متحف التقاليد المحلية في ماريوبول، والذي كان يحتوي أيضاً على مجموعة مهمة من الذهب السكوثي، لقصف شديد في الربيع، وفي أبريل/نيسان 2022 أعلنت وسائل الإعلام الروسية أن حوالي ألفيّ قطعة منه انتقلت إلى مدينة دونيتسك المحتلة. وهي تشمل لوحات لا تُقدَّر بثمن.
نقل التحف إلى شبه جزيرة القرم
من جهة أخرى، تدعي المخابرات الأوكرانية أن الكثير من المواد المأخوذة من متاحفها وجدت طريقها إلى شبه جزيرة القرم. استشهد تيليزينكو بتقارير تفيد بأنه في أواخر أكتوبر/تشرين الأول 2022، وصل موظفو متحف الدولة في تشيرسونيز في سيفاستوبول، القرم، إلى متحف خيرسون الإقليمي للتقاليد المحلية لإزالة مجموعته.
في حين أنه ورغم صعوبة تأكيد هذا التقرير، فقد دُعِمَ من خلال مصادر في الدولة وكذلك عمليات التبادل في المنتديات الافتراضية التي روقِبَت من خارج أوكرانيا. ووثِّقَت الكثير من عمليات التدمير فوتوغرافياً، ونُشِرَت الصور على موقع إلكتروني أنشأته الحكومة الأوكرانية لتسجيل "جرائم الثقافة".
صور للمواقع الأثرية المتضررة
من جهة أخرى، يحتوي الموقع على صور للمواقع الأثرية المتضررة. قال تيليزينكو إن بعض الدمار سبق الصراع الحالي. وقال إن القوات الروسية بدأت في بناء هياكل دفاعية على مجموعة من تلال الدفن التي تعود إلى العصر البرونزي بالقرب من القرية في دوفهي بمنطقة لوهانسك في عام 2017. وقال عن الموقع الذي يعود تاريخه إلى 5000 عام: "هناك العديد من مثل هذه الحالات، لأن الأطراف المتحاربة تستخدم ميزات التضاريس للدفاع عن النفس".
من جهته، أكد عالم الآثار ميخايلو فيديكو من جامعة بوريس غرينشينكو كييف هذا: "إنهم يبحثون عن الدفاع، غالباً في الأماكن التي فعل فيها الناس نفس الشيء منذ مئات وآلاف السنين". وأشار إلى أن الأسوار التي يصل ارتفاعها إلى تسعة أمتار، والتي بناها أمراء كييف في القرن العاشر لصد اللصوص الشرقيين، نجحت في صد الدبابات الروسية بعد أكثر من 12 قرناً.
كما قال سام هاردي، رئيس أبحاث التجارة غير المشروعة في منظمة إدارة التراث الخيرية الدولية، إن فقدان سلامة المواقع القديمة كان أخطر من فقدان القطع الأثرية التي لا تُقدَّر بثمن.