قال الدبلوماسي الأمريكي المخضرم هنري كيسنغر، الأحد 18 ديسمبر/كانون الأول 2022، إن الوقت قد حان من أجل إحلال سلام قائم على التفاوض في أوكرانيا، للحد من مخاطر نشوب حرب عالمية مدمرة أخرى، إلا أن حكومة كييف رفضت مقترحاته واعتبرتها ترقى إلى "مهادنة المعتدي". وأكدت أنه لا يمكن التوصل إلى اتفاق يتضمن التنازل عن أراض.
في حين عقد كيسنغر (99 عاماً)، الذي لعب دوراً بارزاً في الانفراجة السياسية للحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي عندما كان وزيراً للخارجية في عهد الرئيسين الجمهوريين ريتشارد نيكسون وجيرالد فورد، عدة لقاءات مع فلاديمير بوتين منذ انتخابه رئيساً لروسيا لأول مرة في عام 2000.
لا نهاية قريبة لحرب روسيا في أوكرانيا
في المقابل، لا تلوح في الأفق نهاية للصراع الذي أشعل فتيله غزو بوتين لأوكرانيا في 24 فبراير/شباط 2022، والذي أودى بحياة عشرات الآلاف وشرد الملايين. وتسيطر روسيا الآن على حوالي خُمس مساحة أوكرانيا.
من جانبه، يقول الكرملين إن على كييف الاعتراف بضم موسكو لمناطق في جنوب وشرق أوكرانيا. وتقول أوكرانيا إنه يتعين أن تغادر كافة القوات الروسية أراضيها بما في ذلك شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا في عام 2014. وتقدمت كييف بطلب للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، بعد أن أعلنت موسكو ضم بعض الأراضي الأوكرانية في سبتمبر/أيلول.
في مقال بمجلة "ذا سبيكتاتور" البريطانية تحت عنوان "سُبل تجنب حرب عالمية أخرى"، قال كيسنغر إن "الوقت قد حان للبناء على التغييرات الاستراتيجية التي تحققت بالفعل، ودمجها في هيكل جديد نحو تحقيق السلام من خلال المفاوضات". وتابع قائلاً في المقال: "يجب أن تربط عملية السلام أوكرانيا بحلف شمال الأطلسي. خيار التزام الحياد لم يعد له مغزى".
شبه جزيرة القرم تظل محل مفاوضات
كما قال كيسنغر إنه اقترح في مايو/أيار 2022 وقفاً لإطلاق النار تنسحب روسيا بموجبه إلى الخطوط الأمامية التي كانت عليها قبل بدء غزوها لأوكرانيا في 24 فبراير/شباط 2022، لكن شبه جزيرة القرم سيبقى محل "مفاوضات".
في سياق متصل، فقد اندلع الصراع في شرق أوكرانيا عام 2014 بعد الإطاحة برئيس أوكراني موال لروسيا وقيام روسيا بضم شبه جزيرة القرم، فيما خاض انفصاليون مدعومون من روسيا قتالاً ضد القوات المسلحة الأوكرانية في شرق البلاد.
من جانبه، قال ميخايلو بودولياك، مساعد الرئيس الأوكراني على تطبيق تليغرام: "السيد كيسنغر لا يفهم أي شيء.. لا طبيعة هذه الحرب ولا تأثيرها على النظام العالمي".
أضاف: "الخطة التي يدعو إليها وزير الخارجية السابق، ولكنه يخشى أن يقولها بصورة واضحة، بسيطة.. مهادنة المعتدي بالتضحية بأراض من أوكرانيا مقابل ضمانات بعدم الاعتداء على دول أوروبا الشرقية الأخرى".
تابع: "يجب على جميع مؤيدي الحلول البسيطة أن يعوا أمراً ظاهراً للعيان، وهو أن أي اتفاق مع الشيطان، أي سلام سيئ على حساب الأراضي الأوكرانية، سيكون انتصاراً لبوتين ووصفة نجاح للمستبدين حول العالم". ولم يتسنّ الاتصال بأي من مسؤولي الكرملين للحصول على تعليق اليوم الأحد.
إجراء استفتاء دولي
من جانبه، فقد اقترح كيسنغر إجراء استفتاء تحت إشراف دولي للبت في أمر الأراضي التي أعلنت روسيا ضمها في حالة ما إذا ثبتت استحالة العودة إلى المشهد الذي كانت عليه الأوضاع في عام 2014.
كما حذر كيسنغر من أن الرغبة في أن تبدو روسيا دولة "عاجزة" أو حتى السعي إلى تفكيكها قد تطلق العنان للفوضى. ولم تُظهر أوكرانيا أو أي دولة غربية تأييداً لأي من المسارين.