رغم الاعتذار الذي قدّمته بشكل رسمي، ما زال التقرير الذي نشرته قناة Die Welt الألمانية شبهت من خلالها 3 لاعبين من المنتخب المغربي بـ"مقاتلي داعش"، يُثير الجدل وسط ألمانيا.
وفور بث القناة لهذا المقطع، انتشر هاشتاغ #zeigdeinfinger (أظهر أصبعك) بين المهاجرين واللاجئين، مندّدين بالمغالطات التي ينشرها بعض الإعلام الألماني ضد الدين الإسلامي.
ومن بين أبرز من تفاعل مع هذا الموضوع على مواقع التواصل الاجتماعي، معتصم الرفاعي، وهو عضو حزب الخضر الألماني وعضو مجلس الهجرة والاندماج في نورنبرغ الألمانية.
وكتب السياسي، من أصول سورية، تدوينة على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، قال فيها: قناة "فيلت" مثال رئيسي للإسلاموفوبيا! كما هو الحال دائماً، يتم التسامح في ألمانيا مع مثل هذه التقارير العنصرية، هذه الفضيحة ستطارد ألمانيا إلى الأبد.
"عربي بوست" تواصلت مع معتصم الرفاعي، الذي يُعتبر من بين السياسيين الأبرز في ألمانيا، وقال "مستاء للغاية من التسامح مع العنصرية تجاه العرب والمسلمين في الإعلام الألماني".
وقال المتحدث في تصريحه لـ"عربي بوست": "لا نرى أي رد فعل من السياسيين الألمان نهائياً، وهناك في ألمانيا من صار يريد أن يستخدم قضايا لتبرير عنصريتهم تجاه العرب والمسلمين".
وأضاف المتحدث "هناك ألمان معترضون على ما يحصل في ألمانيا، لكن للأسف لا يُسمع لهم صوت حالياً، وأعتقد أن السبب هو الخوف من وسائل الإعلام هذه، وهذا مزعج. هناك شيطنة للمسلمين والعرب، ويتم التساهل والتسامح مع هذه الأمور".
وأبرز المتحدث أن جزءاً كبيراً من المجتمع الألماني متساهل مع تمرير هذه الأفكار ومع كراهية العرب والمسلمين، وهو ما جعلني أقتنع أكثر بالانخراط في العمل السياسي، حتى السياسيين الموجودين بالبوندستاغ هم أشخاص تم اختيارهم لتمثيل صوت هذا الشعب، لكن لا نسمع تنديداً منهم بهذه التقارير العنصرية".
احتجاج الألمان
عنصرية الإعلام الألماني تجاه المسلمين، آخرها تغطية كأس العالم المقام في دولة قطر، لم تعد تُقلق العرب والمسلمين فقط، بل حتى المجتمع الألماني، الذي أصبح يرى ما يُنشر ويُكتب لا علاقة له بالمهنية.
وتفاعل عدد من الألمان على مواقع التواصل الاجتماعي مع التقارير الإعلامية المنشورة على الصحافة الألمانية، وأيضاً مع التقرير الذي يُشبه لاعبين من أسود الأطلس بمقاتلي داعش.
الألماني، فريديريك تودنهوفر، كتب تدوينة على حسابه في تويتر قال فيها: "الثابت الوحيد في كأس العالم من طرف ألمانيا هو الإسلاموفوبيا، تنتشر في كل مباراة تقريباً. أحياناً يوصف الزي القطري برداء الحمام، وأحياناً تناقش الأعلام، ثم الآن التعليق حول حركة السبابة".
وتساءل المواطن الألماني في تدوينته التي لاقت تفاعلاً على موقع تويتر: "كيف يمكنك أن تطالب بالتسامح من ناحية، ثم تكون أنت نفسك غير متسامح؟".
صفحات ألمانية رياضية أيضاً نشرت تدوينات منددة بالتقرير، منها صحيفة سوبر ليغ إنترناشيونال، ولقي منشورها تفاعلاً كبيراً، وأغلب التعليقات، استحضرت أن جل اللاعبين يقومون بنفس الحركة خلال المباريات، لكن لم يتم يوماً تأويلها بهذه الطريقة العنصرية.
أيضاً تفاعل الكثير من المغاربة والعرب والمسلمين في ألمانيا مع الهاشتاغ الذي انتشر بعد بث التقرير على قناة فيلت، منددين بهذا التحيز والاتهام غير المبرر، مستعملين صوراً لرياضيين قاموا بالحركة ذاتها حتى من المنتخب الألماني نفسه.
أين الاحترام المتبادَل؟
ولم يكن التحيز ضد المنتخب المغربي واتهامه، أول المواضيع التي فتح مونديال قطر النقاش حولها، فقد كان أبرز المواضيع التي أخذت حيزا كبيراً من النقاش بين الألمان، احتجاج منتخبهم على قطر و"فيفا"، بعد منع شارة "حب واحد" الداعمة للمثلية الجنسية.
وعبّر لاعبو المنتخب الألماني عن رفضهم لمنعهم من حمل شارة دعم المثليين الجنسيين عبر العالم، وذلك بغلق أفواههم في أول مبارياتهم في كأس العالم خلال التقاط صورتهم الرسمية في المباراة.
وسرعان ما انقلب هذا الاحتجاج ضدهم، فكثيرون اعتبروا أن مهمة المنتخب هي لعب كرة القدم والتركيز في التقدم في مراحل المسابقة العالمية دون الدخول في شنآن مع البلد المحتضن لها، والتعبير عن احترام اختلاف الثقافات.
الصحفي الألماني، ماركوس هاينتز، من بين من كتبوا رأياً حول الموضوع، خاصة بعد انتشار مقاطع ساخرة في الإعلام العربي من المنتخب الألماني، قائلاً في تغريدة على تويتر "العالم يسخر من ألمانيا والمنتخب الألماني، إنهم محقون في ذلك!".
وأضاف الصحفي الألماني في التغريدة نفسها "أي شخص يريد فقط إرضاء السياسة يجب ألا يضع أي قواعد للآخرين، من الأفضل أن يصمت".
كما كتب الباحث الألماني، أوليفر داستين: "كان فريق كرة القدم الوطني الألماني في يوم من الأيام رائداً، اليوم سخر من مضيفيه وأصبح مصدر إحراج". معتبراً أن المسؤول عن الوضع هو "أوليفر بيرهوف"، المدير الإداري الحالي للمنتخب ولاعبه السابق، داعياً إياه للاستقالة.