يبذل الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، قصارى جهده للابتعاد عن أعين الجمهور، بعد أن تحولت الحرب الروسية في أوكرانيا إلى "أزمة" للكرملين، ما أثار شائعات عن صحته وحالته الذهنية، فيما كشفت تقارير أنه قد يخطط للفرار إلى أمريكا الجنوبية، حسب ما نشرته صحيفة The Times البريطانية.
يأتي ذلك فيما أعلن الكرملين أن بوتين لن يشارك في مباراة هوكي الجليد المعتادة، التي كان يخوضها كل عام مع مجموعة مختارة من الحلفاء والحراس الشخصيين في الساحة الحمراء بقلب العاصمة الروسية موسكو.
من جهة أخرى، ألغى بوتين خلال الأيام الماضية "مؤتمره الصحفي السنوي" الذي يجمع له عشرات الصحفيين الروسيين والأجانب، و"جلسته الحوارية مع الناس"، وهي جلسة أسئلة وأجوبة كان يعقدها بوتين قبيل كل عام جديد، وتستمر أكثر من 4 ساعات.
وكان كلا الحدثين يبثَّان على الهواء مباشرة عبر التلفزيون الرسمي الروسي، ويمثلان مكونين أساسيين بين تدابير الكرملين التي يسعى بها بوتين إلى تقديم نفسه في صورة الأب القوي الراعي للأمة.
اختفاء بوتين عن الأنظار
علاوة على ذلك، فإن بوتين يبدو أنه ينوي إلغاء الخطاب السنوي عن حالة الأمة، والذي كان يقدم أمام نواب مجلس الدوما (مجلس النواب)، ومجلس الاتحاد (مجلس الشيوخ)، الروسييْن. وينص الدستور الروسي على إلزام الرئيس بأن يقدم بنفسه تقريراً عن حالة البلاد إلى البرلمان مرة على الأقل سنوياً. إلا أنه بالنظر إلى ضيق الوقت، فإن الكرملين قال إنه من الممكن تأجيل الفعالية إلى العام المقبل. ولم يوضح ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم الرئيس الروسي، أسباب التأجيل.
في معرض التعليق على ذلك، قالت ييكارتينا شولمان، أستاذة العلوم السياسية الروسية: "كل هذه الأمور تبدو مريبة بعض الشيء. [فهذه الفعاليات] كلها ضرورية لبثِّ الشعور بالاستقرار. والناس بالفعل في حالة ذهنية سيئة".
ويُقال إن مستشاري بوتين قلقون من أن يواجه أسئلة محرجة من الجمهور بشأن الحرب في جلسته الحوارية السنوية. ومع ذلك، قالت شولمان إن امتناعه عن تقديم خطابه المعتاد قبل نهاية الشهر سيكون علامة على أن "الأمور لا تجري على ما يُرام"، وكذلك الأمر إذا لم يظهر عشية رأس السنة الميلادية لتحية الشعب في خطاب متلفز على نحو ما تجري التقاليد المعتادة من الزعماء في روسيا.
كان موقع The Project، وهو موقع روسي معارض حظره الكرملين، قد زعم أن بوتين زار طبيباً متخصصاً في أمراض السرطان 35 مرة خلال 4 سنوات. وقال الموقع في أبريل/نيسان إن علاج بوتين يُشرف عليه مجموعة من الأطباء، منهم جراح أورام متخصص في معالجة سرطان الغدة الدرقية. وفي يوليو/تموز من هذا العام، شوهد بوتين وهو يعرج أثناء نزوله من الطائرة خلال زيارة لإيران، وبدا أنه يتجنب التحامل على ساقه اليمنى.
"ملاذات آمنة لبوتين"!
فيما قال عباس جالياموف، كاتب خطابات بوتين السابق، إن إخفاقات الجيش الروسي في أوكرانيا دفعت الكرملين إلى الشروع في إعداد ملاذات آمنة لبوتين لكي يلجأ إليها إذا تعرضت روسيا لهزيمة مذلة، واضطر إلى الفرار من البلاد.
واستشهد بمصدر من الكرملين للزعم أن بوتين سيهرب إلى الأرجنتين أو فنزويلا إذا تعرض حكمه لتهديد خطير، وأن خطة الهروب تحمل الاسم الرمزي "سفينة نوح".
وكتب جالاموف في منشور على تطبيق تليغرام: "لم تستبعد حاشية بوتين احتمال خسارته الحرب، وتجريده من السلطة، واضطراره إلى الرحيل بسرعة إلى مكان آخر"، ويُزعم أن إيغور سيتشين، رئيس شركة "روسنفت" النفطية الحكومية، هو من يشرف على ترتيبات الهروب المحتمل إلى فنزويلا.
ويستدل أصحاب هذه المزاعم بأن سيتشين، أحد أقرب حلفاء بوتين، وأن له علاقات وثيقة بالزعيم الفنزويلي نيكولاس مادورو. ومع ذلك، لا يعرف سوى أقل القليل عن الخطة المزعومة لإجلاء بوتين إلى الأرجنتين إن انهار نظامه.
فيما تساءل مارك غالوتي، الخبير البريطاني في شؤون الكرملين، عن كيفية تمكُّن جالياموف، الذي يعيش في إسرائيل، من الوصول إلى هذا النوع من المعلومات بالغة السرية، [لكنه] استدرك بأن الأمور من هذا القبيل تحدث أحياناً. وقال في حديثه إلى بودكاست In Moscow's Shadows إنه إن كان جالياموف يقول الحقيقة، فربما عرّض مصدره للخطر.
في المقابل، قالت وسائل الإعلام الموالية للكرملين إن بوتين مشغول بالحرب، وليس لديه الوقت للإجابة عن أسئلة الصحفيين والجمهور. وذكرت تقارير أخرى أن بوتين قرر إلغاء مؤتمره الصحفي السنوي لأن قوات الأمن الروسية تشك في أن أوكرانيا قد تشن هجوماً عسكرياً كبيراً قبيل المؤتمر.