في 24 فبراير/شباط من هذا العام شنت روسيا على أوكرانيا حرباً لا تزال تلقي بظلالها على البلدين حتى اليوم، تأثرت بها قطاعات عديدة مثل الطاقة والزراعة والصناعات الحربية، لكن الغريب أن صناع المحتوى في روسيا أيضاً كانوا من أكبر المتضررين من الحرب.
منذ اللحظات الأولى للحرب قامت السلطات الروسية بمكافحة الشبكات الاجتماعية الأجنبية، حظرت تويتر، واتهمت شركة ميتا التي تضم فيس بوك وإنستغرام وواتس آب بأنها منظمة إرهابية، ما تسبب في أزمة حقيقية لصناع المحتوى والمعلنين في روسيا.
يقول مالك جبران، صانع محتوى مقيم في روسيا، لـ"عربي بوست": "بالنسبة للمشاكل التي تواجهنا كمنشئي محتوي في الوقت الراهن فهي كثيرة؛ من بينها أنه تم حظر منصات مثل فيس بوك وإنستغرام، وأصبح الوصول إلى الجمهور أمراً صعباً، نقوم دائماً بالبحث عن بدائل لحل المشكلة، مثل استخدام الـVPN، لكن الأمر ليس سهلاً".
يضيف: "هناك منصات تعمل مثل يوتيوب وتيك توك، ولكن لا يمكن عمل إعلانات أو الترويج للفيديوهات عليها من داخل روسيا"، مضيفاً: "تيك توك يعمل ولكن لا تظهر كل الفيديوهات عند كل المستخدمين، أحياناً تدخل على صفحة أحد المشاهير فلا تجد سوى فيديو أو اثنين، كذلك لا يمكنك تحميل فيديوهات على تيك توك إلا بطرق معينة يستخدمها البعض وليست ناجحة دائماً".
انخفاض جمهور صناع المحتوى بأكثر من 70%
في 7 مارس/آذار تم تعطيل تنزيل مقاطع الفيديو الجديدة للمستخدمين الروس، إضافة إلى انخفاض جمهور الروس للمنصات الأجنبية مثل فيس بوك وإنستغرام منذ بداية الحظر التي انخفض جمهورها من الروس من 9 ملايين مستخدم (يومياً) في فبراير/شباط إلى 1.9 مليون في يوليو/تموز، وذلك وفقاً لميدا سكوب معهد الأبحاث الروسي.
انخفاض الجمهور من الروس لم يكن فقط في فيس بوك، بل شمل منصة إنستغرام التي لا يستخدمها الروس فقط للتواصل، ولكن أيضاً كأداة لترويج أعمالهم، انخفض الجمهور اليومي للخدمة من 37.8 مليون في فبراير/شباط إلى 10.6 مليون في شهر يوليو/تموز الماضي، ما كان له تأثير سلبي على رواد الأعمال، وواجهت العديد من الشركات الروسية فقدان العملاء، واضطر البعض منهم إلى تقليص إنتاج المحتوى.
يشدد ممثلو السلطات الروسية على أنه من الضروري على المواطنين الروس الانتقال من الشبكات الاجتماعية الأجنبية إلى نظائرها الروسية.
ووفقاً لدراسات استقصائية روسية فإن أشهر 5 شبكات اجتماعية ومراسلين بين الروس تشمل خدمتين محليتين: VKontakte و Odnoklassniki، إضافة إلى Rutube الذي يصل عدد مستخدميه إلى حوالي 25 مليون مستخدم، وعلى الرغم من ذلك لا نستطيع القول إنه البديل الفعلي لـ YouTube.
يذكر أن يوتيوب تم حجبه في الصين وتركمانستان وكوريا الشمالية وإيران وإريتريا، ويخشى العديد من الروس، خصوصاً صناع المحتوى، من انضمام بلادهم إلى قائمة هذه الدول.
كانت هناك اقتراحات من قبل المسؤولين الروس لحظر موقع يوتيوب، أكبر وأشهر موقع استضافة فيديوهات في العالم وفي روسيا، ولكن حتى الآن لا يوجد توافق في الآراء بينهم حول هذه المسألة.
البدائل المحلية غير ناجحة
في السياق يقول أوليغ إيفانوف، وهو مواطن روسي لـ"عربي بوست": "لا أستطيع أن أقول إن الشبكات الاجتماعية الروسية البديلة قد نجحت، وهذا واضح بشكل خاص على إنستغرام، فقد تم بالفعل الإعلان عن العديد من البدائل الروسية رفيعة المستوى، ولكن الآن من الصعب حتى تذكر أسمائها".
يضيف إيفانوف: "ينطبق الشيء نفسه على محاولات إنشاء نظير لـ"تيك توك""، مشيراً إلى أنه "يمكن عمل شيء مشابه تقريباً في الشكل، ولكن الشيء المختلف هو عدم وجود جمهور ومحتوى".
خلال الأشهر الستة الماضية، فقد المدونون الروس ما يصل إلى 90٪ من دخلهم، وذلك وفقاً لتقديرات خبراء في مجال الاتصالات.
يرجع ذلك إلى عدة عوامل؛ من بينها حظر إنستغرام وفيس بوك (المملوكيْن لشركة ميتا، المعترف بها كمنظمة متطرفة في روسيا)، وتعطيل تحقيق الدخل على يوتيوب، ووقف تحميل أي محتوى روسي إلى تيك توك، ورحيل بعض كبار المعلنين الغربيين.
من جهته يقول أندريه، صانع محتوى، لـ"عربي بوست": بالنسبة ليوتيوب، وهو الأهم بالنسبة لنا، أغلقت الأرباح في روسيا تماماً، ولا يمكن استلام أي أرباح مقابل الإعلانات في روسيا، وللتوضيح بالنسبة لصناع المحتوى في روسيا لا يمكنهم تحقيق الأرباح من فيديوهاتهم في روسيا، لأن خاصية الإعلانات غير مفعلة، ولكنها تعمل خارج روسيا.
بمعنى أن أي صانع المحتوى يمكن أن يحقق الربع من مستخدم خارج روسيا، أما من مستخدم داخل روسيا فلا، ما اضطر الكثير من صناع المحتوى لمغادرة الأراضي الروسية".