قالت صحيفة The Times البريطانية، الإثنين 12 ديسمبر/كانون الأول 2022، إن الولايات المتحدة تتأخر عن الصين في مجال "المعلومات الاستخباراتية مفتوحة المصدر"، (أي المعلومات المتوفرة للعامة)، مشيرةً إلى أن هذا التأخر يجعل واشنطن وحلفاءها عرضة لخطر عدم التنبؤ بالتهديد العسكري أو "التحرك العداوني" من بكين.
لفتت الصحيفة إلى أن أعمال التجسس التقليدية القائمة على عملاء موجودين على الأرض، وعلى جمع المعلومات الاستخباراتية من المصادر السرية، بدأت تفقد مكانتها سريعاً لصالح البيانات والمعلومات المتوفرة للعامة، من خلال ما بات يُعرف بـ"استخبارات المصادر المفتوحة".
تُشير بعض التقديرات إلى أن نسبة 80% من المعلومات التي تجمعها الوكالات حالياً تأتي من "استخبارات المصادر المفتوحة"، بما في ذلك وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية.
أدت الحرب في أوكرانيا، على سبيل المثال، إلى زيادةٍ سريعة في منشورات الشبكات الاجتماعية التي ترصد مواقع القوات، بينما نشرت شركات الأقمار الصناعية الخاصة صوراً لتحركات القوات الروسية، وأدلة على جرائم الحرب.
يقول بعض ضباط الاستخبارات السابقين إن تغيير طريقة جمع المعلومات الاستخباراتية يمثل تحدياً متزايداً بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها، مثل بريطانيا، إذ تُنفق الولايات المتحدة نحو 90 مليار دولار على التجسس سنوياً.
كذلك تحوّل اهتمام المجتمع الاستخباراتي الأمريكي بعيداً عن الحرب الممتدة منذ عقدين في الشرق الأوسط وأفغانستان، بعد تولّي الرئيس جو بايدن للسلطة، ليبدأ التركيز على مواجهة الطموحات الصينية من أجل تحقيق قوة وهيمنة عالميتين أكبر من ذي قبل.
من جانبه، قال بول كولبي، الضابط السابق بوكالة الاستخبارات المركزية، لصحيفة Wall Street Journal الأمريكية: "اعتادت وكالة الاستخبارات المركزية على العمل بمختلف الطرق، وبناءً على متطلبات الوقت الراهن".
تقول صحيفة The Times إنه على الجانب المقابل، يُعتقد أن الصين لديها نحو 100 ألف شخص يعملون على الاستخبارات مفتوحة المصدر بالفعل، كما أنشأت الشركات الخاصة وحداتها الخاصة لمراقبة مواقع مثل تويتر، وفيسبوك، ويوتيوب.
تحاول تلك الشركات أن تحظى بأفضلية تجارية على منافسيها لكونها أول العارفين بأمر التغييرات المتوقعة في الوضع الأمني العالمي.
بدورهم، يرى المشرعون الأمريكيون أن دولاً مثل الصين تتصدر القوائم على صعيد جميع استخبارات المصادر المفتوحة، بينما قال التقرير الذي نشرته مجموعة Mitre، إن استخدام منافسي أمريكا العالميين لاستخبارات المصادر المفتوحة "يتفوق على استخدامنا لتلك المصادر، ويتفوق على قدرتنا على تسخير استخبارات المصادر المفتوحة لخدمة احتياجات الأمن القومي".
تجاوز القوانين
تُشير الصحيفة البريطانية، إلى أن الحزب الشيوعي الصيني الحاكم، لا يلتزم بالقواعد، و"لا يحترم حقوق الملكية الفكرية أو حقوق الإنسان كما تفعل الحكومات الغربية. فضلاً عن أن موقفه العدواني من بعض القضايا الجيوسياسية أثار المخاوف من أن الولايات المتحدة أصبحت متخلفةً عن الركب".
في هذا الصدد، قال جيسون ماثيني، رئيس منظمة Rand Corp: "ليست لدينا جهود مماثلة. بينما أصبح هذا المشروع ضخماً بحق في الصين".
تُدرك وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية حاجة أمريكا لاحتضان استخبارات المصادر المفتوحة، إذ كتبت جينيفر إيوبانك، نائبة مدير الوكالة لشؤون الابتكار الرقمي، في منشورٍ على "لينكدإن": "شهد جمع استخبارات المصادر المفتوحة في الوكالة عملية تحول دراماتيكية في السنوات الأخيرة". وأوضحت أن المعلومات المتوفرة للعامة ستكون مصدر الاستخبارات الرئيسي للوكالة مستقبلاً.
بحسب الصحيفة، فإن حجم المعلومات المفصلة التي تصل من مناطق الصراعات، مثل الصراع الأوكراني، تمثل تحدياً ضخماً، لكنها توفر فرصة أفضل للتنبؤ بتطور الأحداث العالمية.
في حين قال إيفان سميث، المحلل الدفاعي السابق، لموقع Real Clear Politics الأمريكي: "لا شك أن استغلال التقنيات المعاصرة، وتوفير برنامجٍ تدريبي تحليلي قوي لكميات المعلومات المتوفرة المهولة، هي أمور ستساعدنا في رؤية الأشياء التي لم تكن تصلنا في السابق".
أضاف سميث: "بينما تواصل الولايات المتحدة مراقبة الصراعات العالمية، من المؤكد أن الحاجة لاستخبارات المصادر المفتوحة والقيمة التي تقدمها ستنمو نمواً كبيراً في السنوات المقبلة".