حذَّر مديرو مدارس في بريطانيا من أن مجموعات إجرامية تستغل أزمة تكلفة المعيشة لتجنيد الأطفال الذين يعانون الجوع والبرد في عصابات المقاطعات المنتشرة في البلدات والمدن بجميع أنحاء البلاد، وفق ما ذكرته صحيفة The Guardian البريطانية.
الصحيفة نقلت في تقرير لها، السبت، 10 ديسمبر/كانون الأول 2022، عن الخبراء قولهم إن تفاقم أزمة المعيشة سهّل على العصابات المتمرسة استمالة تلاميذ المدارس بوجبات الطعام الجاهز ومعاطف التدفئة، ثم إعدادهم وتدريبهم على إدارة توزيع المخدرات من المدن إلى غيرها من مناطق البلاد.
"معركة خاسرة" لحماية الأطفال
يأتي ذلك، فيما تشهد البلاد تناقصاً في الدعم الموجّه للشباب والخدمات العامة في المناطق المحلية في بريطانيا، وتزايد العقبات أمام توظيف العدد الكافي من موظفي الخدمة الاجتماعية بالمدارس بسبب انخفاض الأجور، ما دفع مديري المدارس إلى القول إنهم يخوضون معركة خاسرة لحماية الأطفال المعرّضين للخطر خارج الحرم المدرسي.
فيما قالت سارة كننغهام، مديرة مدرسة Diversify، وهي مؤسسة خيرية مقرها في بلدة روثرهام، وتدير ورشاً لمكافحة استمالة أطفال المدارس في أنحاء بريطانيا، لصحيفة The Observer: "لدينا أطفال لا تستطيع أسرهم تحمل تكاليف الوجبات المدرسية، وهم يعانون البرد في الشوارع، فيأتيهم شخص ما بحذاء رياضي جذَّاب، ويعرض عليهم وجبات البرجر ومعطفاً للتدفئة. هذه هي الطريقة التي يُجنَّد بها هؤلاء الأطفال في كثير من الأحيان".
كما أشارت كننغهام إلى أن مدارس عديدة في بريطانيا خفَّضت عدد الموظفين الذين يُشرفون على الأطفال في ساحات اللعب أثناء وقت الغداء بسبب الضغوط المالية، فبات يسهل على العصابات التقرُّب من الأطفال خلال ذلك الوقت.
بينما قالت إن مؤسستها الخيرية لديها صور لأفراد عصابة وهم يمررون طروداً إلى الأطفال عبر أسوار المدرسة أثناء استراحة الغداء. ولفتت كننغهام إلى أن "الكثير من الآباء يضطرون إلى العمل ساعات أطول، ولا يستقبلون الأطفال عند خروجهم من المدارس.
"وجبات جاهزة" من أفراد العصابات
على الجانب الآخر، فإن أفراد العصابات ينتظرون الأطفال خارج بوابات المدرسة في بريطانيا بالوجبات الجاهزة، ولمواجهة ذلك "فإن لدينا فريقاً من 12 متطوعاً جنَّدتهم العصابات من قبل، نستعين بهم لتوعية الأطفال بأن الهدايا المجانية سرعان ما تتحوّل إلى وسيلة لاستدراجهم إلى عوالم إجرامية مظلمة".
قال جو كالوري، رئيس قسم الأبحاث والسياسات في شركة Crest لاستشارات مكافحة الجرائم والعدالة الجنائية، إن العصابات المتمرسة في خطوط توزيع المخدرات عبر المقاطعات تستغل الاستنزاف الواقع بمؤسسات الخدمات العامة في جميع أنحاء البلاد، وتراجع الخدمات المقدمة لمساندة الشباب في المناطق المحلية، وتخفيض فرق دعم المراهقين لدى سلطات المناطق، وتناقص موظفي الخدمات الاجتماعية بالمدارس.
كما أشار كالوري إلى أن الشرطة في بريطانيا ومؤسسات خدمة الأطفال في المناطق خارج المدن الكبرى، ليس لديها في معظم الأحيان التمويل الكافي ولا الخبرة اللازمة للوفاء بالتدابير اللازمة لمواجهة العصابات والعنف.
بينما قال مدير مدرسة ثانوية في شمال يوركشاير: "سمعنا في الاجتماعات المحلية عن تعرّض الشباب للتهديد والخطف بالسيارات في عطلة نهاية الأسبوع. وجميع المدارس ستجد لديها طلبة تعرضوا لبعض العنف أو النشاط الإجرامي المرتبط بعصابات المقاطعات".
أما الخبير شاي دويل (ليس اسمه الحقيقي) الذي كتب كتاباً عن سنوات عمله شرطياً سرياً في عصابات الجريمة المنظمة بمانشستر، فقال إن "هذه العصابات ترى الأطفال سلعاً سهلة الاستغلال. وكلما تفاقمت أزمة تكاليف المعيشة، زاد عدد الأطفال المعرضين للخطر على أيدي هذه العصابات".
كما حذَّر دويل من أن مدارس كثيرة لا تريد الاعتراف بأن لديها مشكلة تتعلق بتعرض العصابات لطلابها، أو أن بعض التلاميذ يتاجرون بالمخدرات؛ "يجب إلزام مدارس المقاطعات بإجراء تدريبات لتوعية جميع المعلمين وموظفي الخدمة الاجتماعية، لا سيما في ظل فداحة المخاطر التي يتعرض لها الأطفال حالياً".