في وقت ازداد حجم النفط الذي تبيعه السعودية إلى أوروبا، أصبحت روسيا تستحوذ على حصة المملكة في السوق الآسيوية، في إعادة تشكيل لتجارة الطاقة يُتوقع أن يتطور بعد أن فرض الغرب عقوبات جديدة على مبيعات النفط الروسي.
موقع Middle East Eye البريطاني يقول إن متوسط النفط الذي صدرته السعودية إلى أوروبا عبر خط أنابيب سوميد المصري والموانئ السعودية وصل 798 ألف برميل يومياً بين أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني عام 2022، بزيادة قدرها 17%، مقارنة بـ 663 ألف برميل يومياً بين يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط، قبل الغزو الروسي لأوكرانيا، وفقاً لبيانات أَطلعت عليها شركة التحليلات Vortexa موقع Middle East Eye.
منافسة روسية سعودية
وفي الوقت الذي تفصل فيه أوروبا نفسها عن روسيا، المصدر الأكبر لاحتياجاتها من الطاقة منذ الأزل، يُقبل مشترون آخرون بنهم على إمدادات النفط الروسية المخفضة السعر ويقلصون مشترياتهم من الشرق الأوسط ففي أكتوبر/تشرين الأول، تفوقت روسيا على السعودية باعتبارها أكبر مورد للنفط الخام للهند وتعد الهند ثاني أكبر سوق للنفط السعودي بعد الصين، لكن حصتها السوقية تقلصت.
وقد صدّرت السعودية 708 ألف برميل يومياً من النفط الخام إلى الهند في الفترة من 11 أكتوبر/تشرين الأول إلى 4 ديسمبر/كانون الأول، أي في الفترة التي سبقت سقف سعر النفط الغربي، انخفاضاً بنسبة 27% عن فترة الـ 55 يوماً التي سبقت الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير/شباط،حين بلغ حجم الصادرات 969 ألف برميل يومياً، وفقاً لبيانات موقع tankertrackers.com التي اطلع عليها موقع Middle East Eye.
مهمة جديدة لروسيا
تتقلص واردات أوروبا من النفط الروسي منذ غزو أوكرانيا، لكن الحظر الذي فُرض عليه يوم الإثنين 5 ديسمبر/كانون الأول أبرز حاجة روسيا لبيعه إلى آسيا، وفقاً لما قاله محللون.
فيما يقول بن كاهيل، الباحث البارز في برنامج أمن الطاقة وتغير المناخ في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS)، لموقع Middle East Eye: "مهمة روسيا الكبرى الآن إعادة توجيه نفطها إلى الهند والصين وتركيا. ونتيجة لذلك، ستتغير منظومة تجارة النفط على مستوى العالم".
وقال جيم كرين، خبير الطاقة والباحث في معهد بيكر بجامعة رايس، لموقع Middle East Eye إن السعودية وروسيا "تبادلتا الأدوار" في السوق، وأضاف أن هذا التبديل قد يثير قلق الرياض.
وقال: "أوروبا ليست سوقاً واعداً، فهي ترغب في التخلص من الوقود الأحفوري بأسرع ما يمكن" وأضاف كرين: "لا تريد السعودية أن تفقد حصتها في أسواق النمو الكبيرة في آسيا وأن تبدلها بأسواق أوروبا الراكدة المتدهورة".
الإثنين، خفضت السعودية سعر بيع النفط في آسيا لشهر يناير/كانون الثاني، في إشارة إلى قلقها من ضعف الطلب في السوق، واحتمال زيادة تنافسها مع روسيا كذلك.
ولجذب المشترين في مواجهة سقف الأسعار الغربي، يتوقع بعض المحللين أن روسيا قد تضطر لخفض أسعارها. وحتى الآن، التزمت السعودية الصمت إزاء انخفاض الأسعار الروسية، ولكن إذا استمر هذا التوجه في أسواق مثل الهند، فقد يؤدي ذلك إلى صدام بين الرياض وموسكو.
فيما قال كاهيل: "السعودية وروسيا تتنافسان على كمية محدودة من الطلب في آسيا. والسعودية لن يسرها خسارة حصتها في السوق أمام روسيا".