تسببت الكهرباء التي ترتفع بسرعة إلى جانب تضخم أسعار المواد الغذائية في السويد بخسائر فادحة جعلت البلد المزدهر والفخور بنظام رفاهيته الخاص ووفرة الطاقة الخضراء "يعاني من أزمة فقر"، بحسب تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية.
كانت التوقعات تفترض أن يكون هذا البلد أفضل تجهيزاً من باقي دول أوروبا لتحمُّل الضربات ضد أزمة تكلفة المعيشة في القارة، فالسويد هي خامس أغنى دولة عضو بالاتحاد الأوروبي.
ويمثل الغاز الطبيعي 2% فقط من طاقتها؛ مما يعزلها عن أسوأ موجات الخراب الاقتصادي التي أثارتها حرب روسيا على أوكرانيا، وتقل عادةً نسب الفقر فيها بكثير عن المتوسط الأوروبي.
مشكلة فقر
مع ذلك، فإن يوهان ريندفال، أحد العاملين في المتاجر الاجتماعية، قال لـ"الغارديان": "السويد تعاني أيضاً من مشكلة فقر. قد لا نتحدث عن ذلك كثيراً، لكنه موجود، وقد ساء الأمر بالتأكيد هذا العام".
وريندفال في وضع مثالي يؤهله لمعرفة ذلك، إذ يدير العامل السابق بصناعة التكنولوجيا، البالغ من العمر 39 عاماً، Matmissionen أو Food Mission، وهي سلسلة فريدة من المتاجر الاجتماعية في السويد توسعت بسرعة منذ يناير/كانون الثاني، وتضاعف عدد عملائها بأكثر من الضعف، لأنها توفر للأعضاء المؤهلين فرصة التسوق للحصول على الطعام "بسعر أقل".
تبيع متاجر Matmissionen الثمانية، المنتشرة في أنحاء السويد، المواد الغذائية التي تبرّع بها المنتجون وتجار التجزئة المُعرَّضة لخطر الهدر، عادةً بسبب عيوب التصنيع أو العبوات التالفة أو تاريخ صلاحية البيع القريب.
وتتبنى المنظمة ثلاثة أهداف؛ هي: الحد من هدر الطعام، وتدريب العمال الجدد- نحو 70% من الموظفين في مختلف برامج الإدماج بسوق العمل- وقبل كل شيء، بيع الطعام بأسعار منخفضة جداً للأشخاص الذين يحتاجون إليه.
إقبال على المتاجر الرخيصة
والعضوية في هذه المتاجر مفتوحة لأولئك الذين يقل دخلهم الشهري عن 11200 كرونة (نحو 1000 دولار أمريكي) في الرواتب أو المنح. وأسعار العضوية منخفضة للغاية: 5 كرونات (أقل من 50 سنتاً) لرغيف الخبز، و6 كرونات للكيلوغرام من الموز، و33 كرونة (3.21 دولار) مقابل 500 غرام من اللحم المفروم.
وهي عروض تشتد الحاجة إليها. فقد تقلَّص نظام الرعاية الاجتماعية في السويد باستمرار في السنوات الأخيرة؛ مما أدى إلى توسيع الفجوة بين الأغنياء والفقراء وترك المزيد والمزيد من الناس عرضة للتضخم الذي بلغ متوسطه نحو 8% هذا الخريف.
إضافة إلى ذلك، تضرّرت مداخيل الأسر من جراء فواتير الكهرباء التي تضاعفت في بعض الحالات. يأتي أكثر من 75% من الكهرباء في السويد من الطاقة الكهرومائية والنووية وطاقة الرياح، لكنها لم تفلت من آثار أسعار الطاقة على مستوى القارة بسبب الحرب في أوكرانيا.
فيما ارتفعت أسعار البنزين والمواد الغذائية أيضاً. فقد ارتفعت تكلفة الزبدة بنحو 25% هذا العام، واللحوم بنسبة 24%، والجبن بنحو 22%، وفقاً لمواقع مقارنة أسعار المستهلكين.
ويقول ريندفال إنَّ عضوية Matmissionen ارتفعت من 7200 شخص في يناير/كانون الثاني إلى أكثر من 14700 شخص بنهاية أكتوبر/تشرين الأول. وأكبر مجموعة من الوافدين الجدد، بنسبة نحو 40%، من العائلات التي لديها أطفال، سواءٌ الوالدان أو الأزواج.
وأضاف: "التضخم بهذه المعدلات يعني أننا نرى الكثير والكثير من الناس يأتون إلينا أكثر من أي وقت مضى. بدأ البعض يقول إنهم ليسوا مؤهلين للعضوية، لكن لا يمكنهم شراء الطعام الذي يحتاجونه في أي مكان آخر".
ووفقاً لمكتب الإحصاء المركزي السويدي، خلال آخر فترة تضخم كبرى بالبلاد في أوائل التسعينيات، كان نحو 7% من السكان يعيشون في فقر نسبي والذي يُعرَّف بأنه العيش على 60% من متوسط الدخل الأقل. وهذا العام، تُقدَّر هذه النسبة بأكثر من 14%.