زعمت شبكة CNN الأمريكية، الأحد 4 ديسمبر/كانون الأول 2022، أن بكين أنشأت أكثر من 100 موقع مما يُعرف بمراكز الشرطة الخارجية، في جميع أنحاء العالم، لمراقبة المواطنين الصينيين بالمنفى والتضييق عليهم وإعادتهم قسراً في بعض الحالات.
واعتمدت الصين على الترتيبات الأمنية الموقعة مع بعض الدول في أوروبا وإفريقيا لنشر هذه المراكز على نطاق واسع.
"دوريات المراقبة والاستدراج"
إذ قالت منظمة Safeguard Defenders الحقوقية، التي تتخذ من مدريد مقراً لها، إنها حصلت على دليل يشير إلى أن الصين تُدير 48 مركز شرطة آخر في الخارج، بعد أن كانت المجموعة كشفت في سبتمبر/أيلول، أن الصين لديها 54 مركزاً من هذا القبيل.
جاء تقرير المنظمة تحت عنوان "دوريات المراقبة والاستدراج" (Patrol and Persuade)، وتكشف فيه عن اتساع نطاق الشبكة الصينية، ودور البرامج الشرطية المشتركة بين الصين وعدة دول أوروبية، منها إيطاليا وكرواتيا وصربيا ورومانيا، في انتشار المراكز الصينية انتشاراً يفوق بكثيرٍ ما عُرف عند بداية الكشف عنها.
المنظمة زعمت في تقريرها، أن عملاء سريين يعملون بموقع مجهز ليكون مركز شرطة صينياً في إحدى ضواحي باريس، قد اختطفوا مواطناً صينياً وأعادوه قسراً إلى الوطن.
وكانت المنظمة كشفت عن منفيين صينيين آخرين أعيدوا قسراً من أوروبا، أحدهما أُعيد من صربيا والآخر من إسبانيا.
تعمل منظمة Safeguard Defenders على استقصاء الوثائق الصينية الرسمية مفتوحة المصدر لاستخراج الأدلة التي تشير إلى ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان، وقالت المنظمة إنها توصَّلت إلى 4 سلطات شرطية مختلفة تتبع وزارة الأمن العام الصينية، وتنشط في 53 دولة على الأقل، وتتظاهر بالعمل على مساعدة المغتربين لتلبية احتياجات الصينيين في الخارج، لكي تمارس نشاطها بجميع أنحاء العالم تقريباً.
بكين تنفي
على الجانب الآخر، نفت بكين أنها تدير مراكز شرطة سرية خارج أراضيها، وقالت وزارة خارجيتها لشبكة CNN في نوفمبر/تشرين الثاني: "نأمل أن تتوقف الجهات ذات الصلة عن المبالغة لإثارة الأجواء وبث التوتر. واستخدام هذه الأمور ذريعة لتشويه سمعة الصين أمر غير مقبول".
وزعمت الصين أن هذه المرافق ليست إلا مراكز إدارية أنشئت لمساعدة المغتربين الصينيين وتيسير أمورهم، مثل تجديد رخص القيادة وغيرها من الوثائق، خاصة بعد أن تعذَّر على بعض المغتربين العودة إلى الوطن بسبب إجراءات الإغلاق المرتبطة بمكافحة كورونا.
حيث قالت وزارة الخارجية الصينية بعد نشر التقرير السابق لمنظمة Safeguard Defenders، إن هذه المراكز يعمل بها متطوعون، إلا أن هذا التقرير يزعم أن إحدى الشبكات التي تحرَّت عنها قد وظفت 135 شخصاً في أول 21 مركزاً تابعاً لها. وحصلت المنظمة على عقدٍ مدته 3 سنوات لعامل وُظِّف بأحد هذه المراكز في مدينة ستوكهولم السويدية. ويزعم تقرير المنظمة أن الصين قد أنشأت هذه المراكز الخارجية قبل جائحة كورونا بعدة سنوات.
تشير القوانين الدولية إلى أن الأنشطة القنصلية السرية التي تعمل خارج نطاق البعثات الدبلوماسية للدول أنشطة غير عادية ومخالفة للقانون في معظم الأحيان، ما دامت الدولة المضيفة لم توافق صراحة عليها. ومن ثم، فقد أدى الكشف عن هذه التقارير إلى تحقيقات في ما لا يقل عن 13 دولة مختلفة حتى الآن، وأثار قدراً من الخلافات الدبلوماسية المحتدمة بين الصين ودول عدة، منها كندا، التي تقيم فيها جالية صينية كبيرة.
اتهام دول أخرى
ومع ذلك، فإن الصين ليست الدولة الوحيدة المتهمة باستخدام وسائل أو مرافق تعمل خارج نطاق القضاء لمطاردة مستهدفين أو لأغراض الاضطهاد السياسي في الخارج.
فروسيا، على سبيل المثال، اتُّهمت في مناسبتين باستخدام مواد كيميائية ومُشعة قاتلة لمحاولة اغتيال جواسيس سابقين. وتورطت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية في فضيحة ترحيل قسري لمشتبه بهم في ارتكاب جرائم إرهاب، من شوارع إيطاليا إلى معتقل غوانتانامو (في كوبا) بعد 11 سبتمبر/أيلول.