في خطاب ألقاه في السفارة الفرنسية بواشنطن، الأربعاء 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، حذَّر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من "خطر أن تذهب أوروبا عموماً، وفرنسا تحديداً ضحيةً للتنافس التجاري الراهن بين واشنطن وبكين"، كما اعتبر خلال لقاء له مع أعضاء من الكونغرس، أن برنامج الولايات المتحدة للاستثمارات والإعانات لمساعدة الشركات المحلية يهدد "بتفتيت الغرب".
الرئيس الفرنسي ماكرون أشار، حسب ما نشرته وكالة الأنباء الفرنسية، أن التحالف مع الولايات المتحدة "أقوى من كل شيء"، داعياً واشنطن إلى الارتقاء بالعلاقات بين البلدين إلى مستوى ما نسجه التاريخ بينهما، كما استنكر الرئيس الفرنسي ما وصفه بالإجراءات الاقتصادية "شديدة العدوانية"، التي اتخذها نظيره الأمريكي جو بايدن لتعزيز قطاع الصناعة في الولايات المتحدة، وقال "إنها (الإجراءات الأمريكية) شديدة العدوانية بالنسبة لشركاتنا".
وحذَّر الرئيس الفرنسي من "خطر" أن تذهب أوروبا عموما، وفرنسا تحديداً ضحيةً للتنافس التجاري الراهن بين واشنطن وبكين، أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم.
ماكرون يطالب بالاحترام!
ويشير حديث الرئيس الفرنسي إلى برنامج الدعم الهائل للانتقال في مجال الطاقة، الذي وضعه بايدن، ويطلق عليه قانون خفض التضخم. ويشمل البرنامج منح إعانات سخية للسيارات الكهربائية والبطاريات والطاقة المتجددة، بشرط تصنيعها على الأراضي الأمريكية.
وأضاف ماكرون في اللقاء المخصص لمناقشة التغير المناخي: "ضعوا أنفسكم في مكاني.. لم يتصل بي أحد عندما كان قانون خفض التضخم يُناقش"، طالباً "الاحترام كصديق جيد".
وتنظر فرنسا بقلق إلى الحمائية التجارية غير المقيدة التي يُظهرها الرئيس الأمريكي.
ويعتزم بايدن خصوصاً تعزيز قطاع السيارات الكهربائية، بهدف استحداث مزيد من الوظائف الصناعية، وتحقيق الانتقال في مجال الطاقة، وإحراز تقدم في المنافسة التكنولوجية مع الصين.
وأشار الرئيس الفرنسي إلى أنه لا يعتقد "للحظة" بتغيير الإدارة الأمريكية للتشريع الذي يعتبره البيت الأبيض حاسماً، لكنه طالب بتعزيز التنسيق بين الولايات المتحدة وأوروبا.
وترى واشنطن أن قانون خفض التضخم سيكون مشروعاً "مربحاً للطرفين"، وترجح أن يُحفّز الاقتصاد الأوروبي أيضاً.
صفحة جديدة بالعلاقات
وبدأت زيارة الدولة التي يجريها إيمانويل ماكرون بنبرة دبلوماسية هادئة، حيث استقبلته بها كامالا هاريس، نائبة الرئيس، في مقر وكالة الفضاء "ناسا"، وأكدت أن "فرنسا حليف حيوي للولايات المتحدة"، وأثنت على التعاون "القائم على المبادئ الديمقراطية والقيم المشتركة".
ويعقد الرئيس الفرنسي اجتماعاً آخر، الأربعاء، حول الطاقة النووية المدنية مع فاعلين في القطاع.
ومن الجانب الأمريكي، يؤمل أن تؤدي الزيارة إلى طيّ صفحة الأزمة الدبلوماسية التي حدثت العام الماضي بين البلدين.
ففي سبتمبر/أيلول 2021، أعلنت الولايات المتحدة تحالف "أوكوس" الجديد مع أستراليا وبريطانيا، ما أثار غضب فرنسا، التي حُرمت جراء ذلك من عقد ضخم لبيع غواصات إلى كانبيرا، واستبعدت كذلك من الاستراتيجية الأمريكية في منطقة المحيطين الهادئ والهندي الاستراتيجية.
إضافة إلى قضية الحمائية التجارية، ينتظر أن يناقش جو بايدن وإيمانويل ماكرون قضايا دولية رئيسية الخميس، وأهمها الصين وأوكرانيا.