أبطل خبراء المفرقعات مفعول طرد ملغوم بالسفارة الأمريكية في مدريد، الخميس 1 ديسمبر/كانون الأول 2022، وهو سادس عبوة من نوعها يتم إرسالها إلى أهداف رفيعة المستوى في موجة دفعت إسبانيا إلى تشديد الأمن والتعهد بعدم التخلي عن دعم أوكرانيا.
بدأت الحملة بعبوة أُرسلت إلى رئيس الوزراء بيدرو سانشيز في 24 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي؛ الأمر الذي دفع مدريد إلى تشديد الأمن حول المباني العامة. ومنذ الأربعاء 30 نوفمبر/تشرين الثاني، أُرسلت عبوات مماثلة أيضاً إلى وزارة الدفاع وقاعدة جوية وشركة لتصنيع الأسلحة والسفارة الأوكرانية، حيث أصيب ضابط أمن بجراح طفيفة.
الطرود الملغومة انتقاماً من إسبانيا
فيما قالت وزيرة الدفاع الإسبانية مارغريتا روبلس، التي كانت تزور مدينة أوديسا الساحلية الأوكرانية الخميس، والتقت نظيرها الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف، إن الطرود الملغومة لن تمنع إسبانيا من دعم "القضية العادلة" لأوكرانيا.
أضافت المسؤولة الإسبانية: "ما يجب أن يكون في غاية الوضوح هو أن أياً من هذه الطرود أو أي عمل عنيف آخر لن يغير الالتزام الواضح والراسخ لإسبانيا ودول حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي بدعم أوكرانيا".
بينما اعترض مسؤولو الأمن الطرد الأخير في السفارة الأمريكية وتم تفجيره لاحقاً تحت سيطرة الشرطة الإسبانية. فيما انفجر، الأربعاء، طرد موجه إلى السفير الأوكراني بإسبانيا في سفارة بلاده أثناء فحص مسؤول أمني له، مما تسبب في إصابته بجروح طفيفة في يديه. وتم الآن تشديد الأمن حول السفارات أيضاً.
في وقت لاحق من الأربعاء أيضاً، تلقت شركة إنستالزا، وهي شركة لتصنيع الأسلحة في سرقسطة، شمال شرقي إسبانيا، والتي أرسلت أكثر من ألف من قاذفات صواريخ سي90 إلى أوكرانيا، عبوة أخرى. والخميس تلقت قاعدة جوية تضم مركز أقمار صناعية تابعاً للاتحاد الأوروبي ووزارة الدفاع الإسبانية والسفارة الأمريكية طروداً ملغومة.
أوكرانيا تتهم موسكو
بعد تفجير الطرد الذي تم إرساله إلى السفارة الأوكرانية، أمر وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا، جميع سفارات كييف في الخارج بتعزيز الأمن "بشكل عاجل". وبدا أن سفير أوكرانيا لدى إسبانيا، سيرهي بوهورلتسيف، يوجه أصابع الاتهام إلى روسيا.
فيما قال لمحطة (تي.في.إي) التلفزيونية الإسبانية، أمس: "لدينا تعليمات من الوزارة في أوكرانيا بأنه نظراً إلى الوضع الراهن، يجب أن نكون مستعدين لأي نوع من الحوادث… الأنشطة الروسية خارج البلاد".
أرسلت إسبانيا أو تعهدت بإرسال معدات عسكرية وإنسانية لدعم أوكرانيا في الصراع، بما يشمل قاذفات صواريخ أرض-جو، وبطارية مزودة بستة مدافع هاوتزر خفيفة، وذخيرة ودروعاً واقية من الرصاص، وأسلحة خفيفة، إضافة إلى تدريب طياريها على الدفاع الجوي في إسبانيا.
كما نشر حساب السفارة الروسية في إسبانيا على تويتر، الخميس، بياناً يدين "أي تهديد أو عمل إرهابي" فيما يتعلق بالرسائل الخمس الملغومة "الموجهة بشكل خاص إلى بعثة دبلوماسية".
ألسنة لهب مفاجئة
تسبب تسليم طرود ملغومة بأنحاء العاصمة الإسبانية في إغلاق الطرق وحدوث فوضى مرورية حول المباني الدبلوماسية والعامة الرئيسية.
في تصريحات قبل العثور على الطرد الأخير بالسفارة الأمريكية، قال نائب وزير الداخلية الإسباني إن المؤشرات الأولية توحي بأن إرسال الطرود الخمسة الأولى تم من داخل إسبانيا.
أضاف رافائيل بيريث وزير الدولة المسؤول عن الأمن، في مؤتمر صحفي، أن العبوات المصنوعة يدوياً أُرسلت في طرود بنية اللون غير متفجرة، بل تحتوي على مسحوق قابل للاشتعال وسلك تفجير يشعلان "ألسنة لهب مفاجئة". وكانت الطرود موجهة لرؤساء الجهات المرسلة إليها.
قال بيريث إن إحدى العبوات اشتعلت وأصابت فرد أمن بالسفارة الأوكرانية في مدريد، بينما أشعل أفراد الأمن ثلاثة طرود أخرى في بيئة محكومة وتُرك أحدها سليماً لفحصه.
مضى يقول: "يبدو أنها جميعاً مرسلة من داخل البلاد لكننا نستند في هذا التخمين إلى الفحص الأولي بالعين المجردة دون أن يكون لدينا بعدُ تقرير فني مستفيض".
كما أضاف أن الأمر لا يبدو أنه يستدعي انعقاد اللجنة الأمنية لتقييم الحاجة لرفع مستوى التهديد الإرهابي في إسبانيا، وهو حالياً عند ثاني أعلى مستوى بعد هجمات لمتشددين إسلاميين في أنحاء أوروبا على مدار السنوات العشر الماضية.
بينما قال مصدر قريب من التحقيق، إنه في حين أن تلك العبوات مصنوعة يدوياً، فإنها "ليست شيئاً يمكن لأي شخص أن يصنعه"، مضيفاً أن المحققين يحاولون حالياً تتبّع مصدر محتويات تلك الطرود.
فيما قال مصدر آخر يشارك في التحقيق القضائي، إن المظاريف الكبيرة جميعها تحمل الخط نفسه، ويبدو أنها جاءت من المرسل نفسه. وأضاف أنها تحتوي على "آلية إشعال كهربائية" ومادة مشابهة للبارود.