مع اقتراب انتهاء مسار المفاوضات الجارية بين حزب الليكود وأحزاب اليمين، بدأت تتضح الرؤية بخصوص الحكومة الإسرائيلية القادمة، وكيف ستُؤثر تسمية وزراء جدد من اليمين المتطرف على حياة الفلسطينيين.
وسام عفيفة الكاتب والمحلل السياسي قال لـ"عربي بوست" إن "الكل يترقب الشكل النهائي لهذه الحكومة والبرنامج السياسي الذي ستحمله فور تشكيلها، ولكن بالمجمل ستكون هذه الحكومة الأكثر تطرفاً في تاريخ الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة".
وأشار المتحدث إلى أن شكل الحكومة الإسرائيلية المرتقب الإعلان عنها الأسبوع المقبل يدفع للتكهن بأن ردة الفعل ستكون مرتفعة جداً، ليس أقلها تكرار ما شهدناه في معركة سيف القدس في مايو/أيار 2021.
وواجه نتنياهو ضغوطاً من معسكره في الليكود من جهة، ومن شركائه في الحكومة من جهة أخرى، دفعته لتقديم تنازلات تحديداً لحزب "الصهيونية الدينية" الذي يمثله قطبا المتطرفين في إسرائيل وهما بن غفير وسموتريتش.
ونجح نتنياهو على الأقل في اجتياز العقبة الأكبر التي اعترضت مشواره في تشكيل الحكومة الإسرائيلية، بعدما توصل لصيغة أولية مع بن غفير لينضم لحكومته المرتقبة على أن يرأس وزارة الأمن الداخلي.
كيف وُزعت الحكومة الإسرائيلية الجديدة؟
كشف تقرير لصحيفة معاريف أن الحكومة الإسرائيلية المرتقبة ستكون واحدة من أكبر حكومات في تاريخ إسرائيل، سيمثل الليكود الجزء الأكبر منها بـ18 وزيراً، بالإضافة لمنصب رئيس الحكومة.
وجاء في التقرير نفسه أن أهم الوزارات المتوقع أن تبقى بيد الليكود هي وزارة الدفاع التي ستمنح للواء يوآف غالانت بالإضافة للقضاء والخارجية والاستخبارات.
وفقاً للصحيفة فإن حزب عوتسما يهوديت الذي يمثله بن غفير سيحصل بدوره على ثلاثة مناصب وزارية أهمها الأمن الداخلي، ونائب وزير ستُمنح لأحد أعضاء حزبه رغم أن عدد أعضاء كتلته في الكنيست هم 6 نواب.
أما حزب شاس الذي يمثله آريه درعي فقد قبل بالصيغة التي قدمها الليكود والتي تنص على أن يُعين درعي في منصب القائم بأعمال رئيس الحكومة، بالإضافة لوزارة الداخلية والصحة والأديان والشتات والرفاه الاجتماعي.
أما حزب يهوديت هتوراة الذي يمثله يتسحاق غولدكنوبف فسيحصل بدوره على حقيبة الإسكان و3 مناصب نائب وزير ستمنح لنواب كتلته في الكنيست.
في حين تشير الترجيحات إلى أن يحصل زعيم الصهيونية الدينية بتسلئيل سموتريتش على 3 وزارات وهي المالية والاستيطان واستيعاب الهجرة، بالإضافة لمنحه صلاحيات واسعة للإدارة المدنية الإسرائيلية في الضفة الغربية.
اقتحام الأقصى وإعدام منفذي العمليات.. شروط بن غفير
استبق بن غفير برنامج الحكومة القادم ليعلن على الملأ، الأحد 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، أنه يعتزم اقتحام المسجد الأقصى المبارك خلال الشهر القادم.
وسيكون بذلك أول برنامج عمل يسعى بن غفير لفرضه في المنطقة بهدف تغيير الوضع القائم في القدس وفرض تقسيم زماني ومكاني في الأقصى؛ تكراراً للنموذج القائم في الحرم الإبراهيمي في الخليل.
سبق ذلك أن اشترط بن غفير على الليكود للانضمام للحكومة الإسرائيلية، نقل صلاحيات إدارة قوات حرس الحدود في الضفة الغربية لتكون تحت رئاسته في وزارة الأمن الداخلي بدلاً من بقائها ضمن دوائر وزارة الدفاع.
وبموجب هذا الاتفاق سيكون بن غفير مسؤولاً مباشراً عن 22 كتيبة لشرطة حرس الحدود تتكون من ألفي جندي، لها كامل الحق والصلاحيات في إطلاق النار وتنفيذ الأوامر العسكرية بما فيها تهجير الفلسطينيين من مدنهم وقراهم بذرائع البناء غير المرخص أو لإقامة مستوطنات جديدة.
ولم يتردد وزير الدفاع الحالي بيني غانتس، أن يصف هذا الاتفاق بين نتنياهو وبن غفير بأنه مقدمة لتنفيذ ضم فعلي للضفة الغربية لإسرائيل دون خطط موضوعية.
واعتبر غانتس أن هذا الاتفاق سيجلب ضغطاً دولياً على إسرائيل وقد يؤدي لتفكيكها، كما سيترتب عليه تداعيات أمنية وإدارية خطيرة للغاية، وفق وصفه.
كما يطالب بن غفير الذي سيتولى حقيبة الأمن الداخلي بتطبيق عقوبة الإعدام بحق منفذي العمليات من الفلسطينيين، كرؤية يراها السبيل الوحيد لوقف العمليات الفدائية.
بالإضافة لذلك يشترط بن غفير إجراء تعديل في تعليمات إطلاق النار لمجرد الاشتباه، وعدم الاكتفاء بسياسة الاعتقال، التي أثبتت فشلها، وفق مزاعمه.
التهجير وزيادة المستوطنات.. خطة سموتريتش
يمثل القطب الثاني في الصهيونية الدينية بتسلئيل سموتريتش أحد أكثر السياسيين الإسرائيليين تطرفاً بجانب بن غفير، وهم من تلاميذ مائير كاهانا مؤسس حركة كاخ المتطرفة.
ويشترط سموتريتش في مفاوضاته مع نتنياهو منحه صلاحيات الإدارة الأمنية الإسرائيلية في الضفة الغربية، وهي الإدارة المسؤولة عن خطط البناء في المستوطنات وإخطارات هدم بيوت للفلسطينيين.
ويسعى سموتريتش لتطبيق نظام أبارتهايد بحق الفلسطينيين، إذ يتضمن برنامجه الانتخابي 3 ركائز وهي: زيادة عدد المستوطنات، واستقطاب مليون مستوطن حتى 2030، وزيادة عمليات هدم منازل الفلسطينيين.
وقال تقرير لصحيفة "هآرتس" إن الإدارة المدنية الإسرائيلية كانت مسؤولة بنسبة 70% عن أوامر هدم المنازل بحق الفلسطينيين من منتصف 2019 وحتى نهاية 2021، ما يضعها بمثابة الحاكم الفعلي في الضفة الغربية.
الشاباك يحذر من الحكومة الجديدة
حذر رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك)، رونين بار خلال لقائه بنتنياهو من أن المنظومة الأمنية تنظر بقلق لشكل الحكومة الإسرائيلية، لأن وجود بن غفير وسموتريتش في أعضائها سيؤدي لتصعيد في الضفة وقد يصل لحد انهيار السلطة الفلسطينية.
وترى المنظومة الأمنية الإسرائيلية أن عدم انجراف الحالة الأمنية السائدة في الضفة لانتفاضة ثالثة هو بفضل التعاون والتنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية والشاباك والجيش الإسرائيلي، وهذا يتطلب من أعضاء الحكومة الإسرائيلية خفض نبرة التصريحات ضد رئيس السلطة محمود عباس.
من جهته، أشار الصحفي آفي يسسخاروف في مقال إلى أن فرص انهيار الوضع الأمني في الضفة بسبب سياسات الاستيطان وتغيير تعليمات إطلاق النار التي يُنادي بها بن غفير وسموتريتش، ستجبر الجيش على تحمل تكلفة مادية وبشرية هائلة موازية لتلك التي تحملتها الدولة خلال عملية السور الواقي في عامي 2002-2003.
من جانبه، يرى وسام عفيفة الكاتب والمحلل السياسي أن "تواجد أقطاب اليمين في الحكومة الإسرائيلية التي يُشكلها بنيامين نتنياهو القادمة سيزيد من فرص اشتعال المنطقة".
وأضاف المتحدث في تصريح لـ"عربي بوست" أن "المساس بالأقصى أو العودة لسياسة الاغتيالات لناشطي وكوادر المقاومة سيجبر غزة وتحديداً حركة حماس على التدخل لوضع حد لهذا التغول الإسرائيلي".