عُرف هذا الثنائي الفاسد باسم سفاحا صندوق الأدوات.. فمن خلال استخدام الأدوات الاعتيادية في أي سيارة أو في أي مرأب سيارات من أجل تعذيب الضحايا، اشتهر هذا الثنائي، لورانس بيتاكر وروي نوريس، بأنهما زوجٌ دموي من المغتصبين والسفاحين الذين ينفذون جرائمهم بطريقة سادية، فقد كانا يطاردان المراهقات حول منطقة لوس أنجلوس على مدار خمسة أشهر سوداء خلال سنة 1979.
السفاح المخادع وقصة النشأة
لورانس بيتاكر من مواليد 27 سبتمبر/أيلول سنة 1940، قامت عائلة بتبنّيه في أشهره الأولى، خلال أشهر مراهقته الأولى أُرسل إلى وحدة العدالة في ولاية كاليفورنيا الأمريكية بتهمة السرقة، فيما أطلق سراحه في سن 19.
على مدار الـ15 سنة المقبلة دخل بيتاكر السجن لأكثر من مرة بارتكابه جرائم اعتداء وسطو وسرقة كبرى. وحلل طبيبه النفسي في السجن شخصيته، واصفاً إياه بأنه مخادع للغاية "ولديه كمّ كبير من العدوانية الخفية".
أما بالنسبة لصديقه "روي لويس نوريس"، فقد وُلد في 5 فبراير/شباط عام 1948، وعاش مع عائلته على فترات، لكنه في أغلب الأوقات كان في رعاية الأسر الحاضنة. ويقال إن نوريس عانى من إهمال هذه الأسر، ومن الاعتداء الجنسي مرة واحدة على الأقل.
ترك "نوريس" المدرسة خلال المرحلة الثانوية، وانضم إلى البحرية الأمريكية ومكث في صفوفها لوقت قصير؛ لكنه سُرح منها بشرف بعد أن شخَّص الأطباء النفسيون العسكريون إصابته باضطراب الشخصية الفصامية الشديد.
رفيقا السجن والهوس المنحرف
سنة 1978 صار المجرمان رفيقين مقربين في السجن، إذ كانا يشاركان هوسهما المنحرف بالعنف الجنسي ضد النساء؛ إذ أخبر "بيتاركر" صديقه بأن الشيء الأشد إثارة بالنسبة له هو سحق النساء بالخوف والرعب، فيما ائتمنه بيتاكر على سره بأنه إذا اغتصب امرأة ما، فسوف يقتلها حتى لا يترك أي شهود وراءه.
تعهد كلا الرجلين بلمّ الشمل بعد الخروج من السجن، وخطط كلاهما لاغتيال مراهقة واحدة من كل مرحلة عمرية بين 13 عاماً و19 عاماً.
في نوفمبر/تشرين الثاني سنة 1978 أطلق سراح "بيتارك" فيما أطلق سراح "نوريس" بعد شهرين من صديقه؛ أي بداية سنة 1979، بعد شهر فقط من إطلاق سراحهما اغتصب "نوريس" امرأة وبعد ذلك، وفقاً للوعد الذي قطعاه، تلقى نوريس خطاباً من بيتاكر، وتقابل الثنائي وبدآ في تنفيذ خطتهما المنحرفة التي وضعاها في السجن.
من المؤكد أن خطف المراهقات دون إثارة ضجة لم يكن سهلاً، ولذا احتاجا إلى شاحنة ملائمة. اقترح بيتاكر اقتناء شاحنة صغيرة، وجلب نوريس الأموال، وفي فبراير/شباط عام 1979، اشترى بيتاكر شاحنة جي إم سي فاندورا موديل 1977. سمح لهما باب السيارة الجانبي الجرار بسحب الضحايا دون الاضطرار إلى فتح الباب كله.
سفاحا صندوق الأدوات وأكبر عملياتهم الاجرامية
صنع لورانس بيتاكر وروي نوريس صندوق أدوات مخصصاً لغاية التعذيب. ابتاع الرجلان شريطاً بلاستيكياً وكماشة وحبلاً وسكاكين ومعول ثلج، بجانب كاميرا تصوير فورية وجهاز تسجيل، ثم صار سفاحَي صندوق الأدوات مستعدين للانغماس في حالتهما السادية.
حسب "All That's Interesting" خلال ثلاثة أشهر اختطف المجرمان 4 مراهقات تتراوح أعمارهن ما بين 13 و17 سنة، إذ اغتصباهن ومن ثم قتلاهن لكي لا تستطيع إحداهن تقديم شكوى ضدهما.
كان الرجلان يقودان الضحايا نحو طريق الطوارئ الجبلي، حيث يلحقان بهن أشد أشكال الألم باستخدام مجموعة متعددة من الأغراض الموجودة في صندوق أدوات الشاحنة، لكن صرخات الفتيات لم تلقَ أي صدى في الأخاديد الجبلية.
اشتدت درجة الانحراف الثنائي مع الضحية الثانية أندريا هول، التي اصطحباها حتى الجبال. خرق بيتاكر أذنها بمعول ثلج، ثم حاول وضع المعول في الأذن الأخرى وضغط على مقبضه داخل أذنها حتى انكسر.
ظلت أندريا على قيد الحياة بأعجوبة بعد ما فعله بها، لكنه في النهاية خنقها، وبعد أن أنهى الثنائي من تعذيبهما لها، ثم ألقيا جثتها عند سفح الجبلي.
استمر المجرمان في تنفيذ خططهما الإجرامية ضد الفتيات؛ إذ يقومان باغتصابهن وتعديبهن ومن ثم قتلهن وتبقى أشد جرائمهن تلك التي قاما بها هي تلك التي في ليلة الهالوين، إذ تناوب المجرمان على اغتصاب فتاة في 16 من عمرها ومارسا عليها أبشع أنواع التعذيب.
فيما سجل المجرمان جريمتهما على شاكلة شريط فيديو؛ لكي يستمتعا بمشاهدته لاحقاً، في وقت متأخر من ليلة الهالوين عام 1979، تركت شيرلي المطعم الذي تعمل فيه بعد انتهاء دوامها وتوجهت في سيارة أحد زملائها لحضور حفلة.
وبينما كانت الفتاة وزميلها في محطة وقود، قررت السير أو التجول نحو منزلها بدلاً من الذهاب إلى الحفلة، ولعلها ركبت الشاحنة بعد أن تعرفت على بيتاكر، لأنه كان زبوناً في المطعم. قُيدت شيرلي وكمّم فمها مباشرةً بعد أن شغل بيتاكر جهاز التسجيل.
بعد اغتصابها ضرب نوريس الفتاة بالمطرقة على رأسها، ومن ثم خنقها بأسلاك الكماشة الموجودة في صندوق السيارة، فيما كانت الضحية تتوسل إليهما من أجل عدم قتلها.
إذ سمعت لاحقاً عبر جهاز التسجيل تقول: "افعلاها.. اقتلني فحسب"، بعدما قتلاها، تركاها في حالة سيئة جداً فوق عشب الحديقة الأمامية لأحد المنازل القريبة.
إلقاء القبض والتسجيل المروّع للضحية
أفصح "نوريس" عن جرائم الاغتصاب والاغتيال التي ارتكبها خلال حديثه مع أحد المجرمين كان مسجوناً معه، بما فيها جريمتهما الأخيرة، التي تعتبر الضحية الوحيدة من ضحاياهما التي ثم العثور على جثتها.
وكشف نوريس عن سر آخر بأنهما اغتصبا امرأة أخرى، لكنهما أطلقا سراحها لاحقاً. أبلغ هذا الرجل الشرطة عبر محاميه، وطابق المحققون بين ادعاءات نوريس وعديد من البلاغات التي قُدمت عن مراهقات مختفيات خلال نفس المدة التي امتدت لخمسة أشهر.
كذلك قُدم بلاغ في 30 سبتمبر/أيلول يفيد بأن امرأة شابة استُدرجت إلى سيارة جي إم سي واغتُصبت على يد رجلين في منتصف الثلاثينيات من العمر. وعُرضت على هذه المرأة ضحية الاغتصاب صورٌ لوجوه أشخاص مشتبه بهم واستطاعت التعرف على بيتاكر ونوريس.
أُلقي القبض على نوريس لانتهاك شروط إطلاق سراحه في 20 نوفمبر/تشرين الثاني، بينما أُلقي القبض على بيتاكر لاتهامه بالاغتصاب في النزل الذي كان يمكث فيه في نفس يوم اعتقال نوريس.
أنكر نوريس في البداية كل الاتهامات، وبعد أن واجه الأدلة اعترف بارتكاب خمس جرائم قتل. وسعى نوريس لعقد صفقة إقرار بالذنب للاعتراف ضد بيتاكر، فاصطحب المحققين إلى جبال سان غابرييل، حيث عُثر أخيراً على جمجمتي ليا لامب وجاكلين جيليام. وكان معول الثلج لا يزال مستقراً في جمجمة جاكلين، بينما أظهرت جمجمة ليا تعرضها لضربة قوية.
أقر روي نوريس بالذنب، وهو ما أنقذه من عقوبة الإعدام، وفي 7 مايو/أيار عام 1980، حُكم عليه بالسجن لـ45 عاماً، مع إمكانية الإفراج المشروط بداية من عام 2010. بدأت محاكمة لورانس بيتاكر في 19 يناير/كانون الثاني عام 1981.
اعترف نوريس بالتاريخ المشترك بينهما، والجرائم الخمس التي ارتكباها. ومن خلال عرض الأدلة المصورة، اعترف شاهد من النزل الذي كان بيتاكر يمكث فيه بأن السفاح عرض عليه صوراً لفتيات عاريات في حالة بائسة، وقيل له إن واحدة منهن قُتلت.
اعترفت فتاة أخرى تبلغ من العمر 17 عاماً بأن بيتاكر شغَّل تسجيل اغتصاب، كان على ما يبدو لجريمة اغتصاب جاكلين، وذلك بحسب سجلات المحكمة.
وبعد ذلك، شغلت المحكمة التسجيل الصوتي الذي استمر لـ17 دقيقة لجريمة اغتصاب وقتل شيرلي ليدفورد أمام هيئة المحلفين، وبكى عديد من الأشخاص، ووضعوا رؤوسهم بين أيديهم. ودخل المدعي العام ستيفن كاي في حالة بكاء شديدة، لكن بيتاكر جلس في هذه الأثناء مبتسماً.
اعترف نوريس بأن بيتاكر كان يسلي نفسه بتشغيل التسجيل الصوتي أثناء القيادة في الأسابيع التي سبقت اعتقالهما. وفي 5 فبراير/شباط، اعترف بيتاكر بنفسه، لكنه أنكر ارتكاب جرائم الاغتصاب والقتل، وذكر أنه كان يدفع المال للفتيات لممارسة الجنس والحصول على إذن منهن لالتقاط الصور.
في 17 فبراير/شباط، أدانت هيئة المحلفين بيتاكر لارتكابه خمس جرائم قتل من الدرجة الأولى، إضافة إلى العديد من الاتهامات، وفي 19 فبراير/شباط، حُكم عليه بالإعدام. وبينما كان على قائمة المحكوم عليهم بالإعدام.
توفي بيتاكر في سجن سان كوينتن في 13 ديسمبر/كانون الأول عام 2019. وتوفي نوريس في السجن في 24 فبراير/شباط عام 2020.