وافقت تل أبيب مؤخراً على تمويل مشتريات "مواد استراتيجية" بقيمة ملايين الدولارات، للمساهمة في جهود الحرب الأوكرانية، وذلك تحت ضغطٍ من الولايات المتحدة الأمريكية، في معلومات كشفت عنها صحيفة Haaretz الإسرائيلية 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2022.
حيث علمت الصحيفة من ثلاثة مسؤولين دبلوماسيين أوروبيين أن الولايات المتحدة تواصلت مع الحكومة الإسرائيلية قبل بضعة أسابيع، وضغطت عليها من أجل المشاركة في جهود الناتو والغرب الموجّهة ضد روسيا.
وأفاد المسؤولون الأوروبيون بأن الولايات المتحدة كانت تريد من تل أبيب إمداد أوكرانيا ببطاريات مضادة للطائرات، لكن المحادثات التي جرت بين الحكومتين، والمداولات بين قادة الاحتلال وأجهزته الأمنية، تمخضت عن الموافقة على تمويل المواد الاستراتيجية بدلاً من ذلك.
وقال المسؤولون إن رئيس الوزراء يائير لبيد ووزير دفاعه بيني غانتس صدّقا على القرار.
بناءً عليه، جرى تحويل مبلغ يُقدر بملايين الدولارات إلى دولةٍ عضو بحلف الناتو، وتشارك بشكلٍ مكثف في جهود إمداد أوكرانيا بالمعدات العسكرية. واشترت تلك الدولة المواد الاستراتيجية ثم شحنتها إلى أوكرانيا.
تحدثت المصادر المذكورة إلى الصحيفة بشرط السرية، كما طلبوا عدم تحديد نوعية المواد الاستراتيجية.
علاوةً على ذلك، علمت الصحيفة أن وزارة الدفاع خففت قيودها مؤخراً؛ حتى تسمح لدول الناتو بإمداد أوكرانيا بأنظمة أسلحة تحتوي على مكونات إسرائيلية الصنع، مثل أجهزة الاستشعار الكهربائي-البصري وأنظمة التحكم في إطلاق النار.
كما كشفت مصادر أمريكية في وقتٍ سابق، أن دولة الاحتلال كانت تساعد أوكرانيا بالمعدات الاستخباراتية والمعرفة الفنية. لكن وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف، نفى ذلك الأمر خلال مقابلةٍ له مع Haaretz.
وطلبت حكومة الاحتلال من جميع الأطراف المشاركة في صفقة المواد الاستراتيجية ألا تكشف عن الصفقة علانية؛ تجنباً لغضب بوتين.
المسيّرات الإيرانية غيرت المعادلة
تُشير هذه التطورات الأخيرة إلى أن دولة الاحتلال بقيادة لبيد تحوّلت قليلاً عن موقفها الأولي الذي تبناه رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت، الذي قرر "الوقوف على السياج".
يبدو أن الدافع إلى تغيير المواقف، من جانب حكومة لبيد، يرجع إلى قرار إيران تسليح روسيا بالطائرات المسيرة. حيث قال ريزنيكوف إن إيران باعت 300 طائرة مسيرة على الأقل لموسكو، التي تستخدمها لاستهداف المدنيين ومواقع البنية التحتية الرئيسية في أوكرانيا.
وأوضح المسؤولون الأوروبيون أن قرار شراء المواد الاستراتيجية ليس سوى اتفاقية سارية لمرة واحدة. وأصبح يتعيّن الآن على الحكومة الجديدة بقيادة بنيامين نتنياهو أن تقرر ما إذا كانت ستكرر الترتيب نفسه أم لا.
يُذكر أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ووزير دفاعه انتقدا دولة الاحتلال في عدة مناسبات بسبب "حيادها الظاهري" في الحرب. كما طالبا دولة الاحتلال بتقديم بعض أنظمة الدفاع الجوي على الأقل ومنها نظام القبة الحديدية، ومنظومة مقلاع داود، ومنظومة سبايدر المتنقلة، وصواريخ باراق.
وتواصلت الصحيفة مع متحدثٍ باسم وزارة خارجية إسرائيل للتعليق على القصة، لكنه تجنب الإجابة عن الأسئلة المرتبطة بالمواد الاستراتيجية. وأدلى بدلاً من ذلك بتصريحٍ مفصل يقول إن وزارته قادت "جهود مساعدات إنسانية غير مسبوقة وواسعة النطاق استجابةً لاحتياجات أوكرانيا الطارئة والعاجلة. وتضمنت الجهود مستشفى ميدانياً لرعاية اللاجئين، وإمدادات للطاقة محلياً باستخدام مولدات عملاقة، وأكثر من مليون ونصف المليون حاوية ماء، وأنظمة لتنقية المياه، ومئات الآلاف من عبوات الطعام، وأكثر".
مركبات عسكرية إسرائيلية
يأتي ذلك بعد أن تداولت صفحات متخصصة في متابعة تطورات الحرب بأوكرانيا، على مواقع التواصل الاجتماعي، صوراً لعربات مدرعة إسرائيلية الصنع من طراز "جايا أمير MRAP"، لدى الجيش الأوكراني بالقرب من خيرسون، وفق ما ذكره موقع the cradle، الأحد 13 نوفمبر/تشرين الثاني، بينما لم يصدر أي تأكيد رسمي من كييف وموسكو لوجود تلك المدرعات الإسرائيلية في أوكرانيا.
حيث نشر حساب على موقع تويتر يركز على التطورات العسكرية في أوكرانيا، صوراً للمركبات الإسرائيلية التي أنتجتها شركة "غايا" الخاصة، مشيراً إلى أن "هذه هي المرة الأولى التي يرى فيها الجيش الأوكراني مركبات إسرائيلية الصنع".
لاحقاً أصدرت تل أبيب نفيها لإرسال مركبات عسكرية إلى أوكرانيا، مرجحة وصول تلك المركبات عن طريق طرف ثالث ربما أوروبي إلى كييف.