أسفر الهجوم الروسي على أوكرانيا منذ فبراير/شباط الماضي، والعقوبات الغربية التي أعقبت ذلك، عن "استنزاف" لخزائن موسكو، الأمر الذي بات يضر بقدرة الرئيس فلاديمير بوتين على دعم الاقتصاد وتمويل الجيش في آن واحد، وفق ما أفادت صحيفة The Wall Street Journal الأمريكية.
إذ تشير البيانات الصادرة عن وزارة المالية الروسية، الجمعة، 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، إلى أن فائض الميزانية الحكومية في أكتوبر/تشرين الأول المنصرم؛ بلغ 128 مليار روبل، أو نحو 2.1 مليار دولار، بانخفاض عن فائض قدره 2.3 تريليون روبل في الفترة نفسها من العام الماضي.
عجز الميزانية قد يستمر لـ2025
ويتوقع المحللون في شركة كابيتال إيكونوميكس أن تسجل الميزانية عجزاً بنسبة 1.8% من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2022 ككل. ووسط توقعات بارتفاع عجز الموازنة إلى 2.5% من الناتج المحلي الإجمالي العام المقبل، وإلى 4% عام 2024.
كما تتوقع الحكومة الروسية نفسها استمرار العجز حتى عام 2025 على الأقل. ففي الوقت الذي يهدد فيه انخفاض أسعار الطاقة الإيرادات، تنمو النفقات بسرعة.
وعلى الرغم من أن وزارة المالية الروسية لم تنشر تفاصيل الإنفاق منذ فبراير/شباط، فإن أولغا بيتشكوفا، الخبيرة الاقتصادية في شركة Moody's Analytics، قدّرت أن مصروفات الدفاع الوطني والمساعدات الاجتماعية لمواجهة التضخم المرتفع والخطوات الأخرى الداعمة للاقتصاد تشكل الجزء الأكبر من هذه النفقات.
ستتأثر الميزانية أيضاً بالحظر الأوروبي الوشيك على النفط الروسي، وتحديد مجموعة السبع المزمع لسقف أسعار يهدف إلى تقليص عائدات الطاقة في موسكو. والميزانية متأثرة أيضاً بقوة الروبل، التي تقلل من قيمة العملة المحلية لعائدات الضرائب.
تكاليف قرار التعبئة
في الوقت نفسه، أدى قرار بوتين تجنيد مئات الآلاف من الرجال لحربه، إلى تعطيل الأعمال التجارية وتقليص المعروض من العمالة، وإضافة تكاليف جديدة لمعدات المجندين الجدد.
في السياق ذاته، قال البنك المركزي الروسي في أكتوبر/تشرين الأول الماضي إن التعبئة "ستحدّ من طلب المستهلكين والتضخم خلال الأشهر المقبلة". بينما أفاد الاتحاد الروسي للصناعيين ورواد الأعمال الأسبوع الماضي بأن استطلاعاً أُجري في أكتوبر/تشرين الأول شمل أكثر من 100 شركة، معظمها شركات كبيرة "أظهر انخفاضاً في القوى العاملة لديها بعد قرار التعبئة".
في حين يتوقع خبراء الاقتصاد، في معهد فيينا للدراسات الاقتصادية الدولية، أن تؤدي هذه التعبئة إلى "تفاقم الركود" في الربع الرابع من العام الجاري، وتقلُّص نمو الناتج المحلي الإجمالي للعام بأكمله بمقدار 0.5 نقطة مئوية.
إنفاق الحكومة يُرهق كاهلها
وتدعم الحكومة القوة الشرائية للروس العاديين بزيادة المستحقات الاجتماعية، مثل المعاشات التقاعدية ومساعدات العائلات التي لديها أطفال صغار. ونتيجة لذلك، استمرت نسبة الأسر التي تعتمد بشكل مباشر على مدفوعات الدولة؛ مثل المتقاعدين وموظفي القطاع العام والمتلقين للرعاية الاجتماعية؛ في الزيادة، وفقاً للمحللين.
وفي الوقت نفسه، سيُخفَّض إنفاق القطاع العام على البنية التحتية للسيطرة على عجز الميزانية، وفقاً لتقرير حديث صادر عن معهد بنك فنلندا للاقتصادات الناشئة.
يقول ليام بيتش، الخبير الاقتصادي في كابيتال إيكونوميكس: إن "المحصلة الإجمالية تشير إلى أن احتياجات الحكومة التمويلية ستزداد بدرجة أكبر بكثير العام المقبل، وهذا سيضغط عليها".