قبل أيام من انطلاق فعاليات قمة مؤتمر الأمم المتحدة للتغيّر المناخي "كوب 27″، وفي خطوةٍ تصعيدية، رفع الناشط علاء عبد الفتاح من مستوى إضرابه عن الطعام، المستمرّ منذ نحو 6 أشهر.
ووفق ما أعلنت شقيقته، منى سيف، فقد توقف علاء عبد الفتاح عن تناول السعرات الحرارية الـ100 التي كان يحصل عليها في اليوم، ابتداءً من 6 نوفمبر /تشرين الثاني، وسيُضرب عن شرب الماء تماماً.
وكان فريق مكتب (دفاع) المحامي المصري خالد علي تقدّم، أمس الثلاثاء 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، ببلاغٍ إلى النائب العام -حمل رقم 51452- بشأن توقف علاء عبد الفتاح عن الإضراب الجزئي، الذي دام أكثر من 200 يوم، ودخوله إضراباً شاملاً عن الطعام خالٍ من الشراب.
وتضمن البلاغ أن علاء عبد الفتاح بدأ -من يوم الأحد 6 نوفمبر/تشرين الثاني- إضراباً شاملاً عن الطعام والشراب، على النحو التفصيلي في الخطاب الذي تسلّمته والدته، الدكتورة ليلى يوسف، أثناء تواجدها أمام السجن يوم 31 أكتوبر/تشرين الأول.
علاء عبد الفتاح من أبرز نشطاء ثورة 25 يناير 2011، التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك، ويقضي عقوبة بالسجن خمس سنوات، تنفيذاً للحكم الصادر بحقه في القضية التي تجمعه بالمحامي الحقوقي محمد الباقر، والمدوّن محمد "أوكسجين" إبراهيم؛ المحكومين بالسجن أربع سنوات، بتهم "نشر أخبار كاذبة من شأنها التأثير على الأمن القومي للبلاد".
وكانت قوات الأمن قد ألقت القبض على علاء -الذي يحمل الجنسية البريطانية أيضاً- يوم 28 سبتمبر/أيلول 2019 بعد أداء المراقبة الشرطية بقسم شرطة الدقي.
وفي الوقت الذي طالب فيه مكتب الدفاع عن علاء عبد الفتاح بسرعة تحرك النيابة ووضعه تحت الملاحظة والإشراف الطبي، أطلقت شقيقته هاشتاغ #علاء_في_خطر على تويتر، في محاولةٍ منها للفت انتباه الرأي العام العالمي إلى قضية أخيها.
شقيقة علاء عبد الفتاح ترفع الصوت
وصلت شقيقة علاء عبد الفتاح إلى مدينة شرم الشيخ في مصر يوم الإثنين 7 نوفمبر/تشرين الثاني، من أجل المشاركة في حملةٍ تهدف إلى إطلاق سراحه أثناء حضور رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، قمة المناخ "كوب 27″، مع زعماء العالم الآخرين.
وقالت سناء سيف، شقيقة عبد الفتاح، بعد وصولها إلى شرم الشيخ: "أنا هنا كي أبذل قصارى جهدي لمحاولة إلقاء الضوء على قضية أخي وإنقاذه".
وأضافت سناء، التي كانت تقود اعتصاماً في الآونة الأخيرة أمام مبنى وزارة الخارجية البريطانية في لندن: "أنا قلقة للغاية. أنا هنا للضغط على جميع القادة القادمين، خاصةً رئيس الوزراء ريشي سوناك".
وأكدت سناء، في لقاءٍ معها عبر قناة Sky News الأمريكية، صباح الأحد 5 نوفمبر/تشرين الثاني، أنه "على رئيس الوزراء أن يفهم مدى إلحاح الأمر، لأنه سيكون قد فات الأوان بعد مؤتمر المناخ".
من جهتها دعت مفوضة الحكومة الألمانية للدفاع عن حقوق الإنسان، لويزة أمتسبرغ، إلى إطلاق سراح السجناء السياسيين في مصر، مشدّدة على أن "تولي مسؤولية عالمية يعني أيضاً -بصفة خاصة- تولي المسؤولية عن حماية حقوق الإنسان".
كما شددت المفوضة الحكومية الألمانية على الناشط علاء عبد الفتاح كمثال، وقالت إن إطلاق سراحه وإطلاق سراح باقي المعتقلين سيشكل "إشارة مهمة بأن مصر تتعامل مع هذه القضية على محمل الجد".
تأثير حملات الحشد الدولية
وفي الوقت الذي تُسابق فيه حملات الحشد الدولية الوقت، للعمل على الإفراج عن الناشط السياسي المصري البريطاني المعتقل، سبق أن أثمرت حملات تضامن وضغط دوليين سابقة الإفراج عن عددٍ من المعتقلين بين إيران ومصر والسعودية.
نازانين زاغاري راتكليف: عاملة إغاثة بريطانية-إيرانية كانت مُحتجزة في طهران لنحو 6 سنوات، بعدما أُلقي القبض عليها في مطار الإمام الخميني، أثناء سفرها مع ابنتها في أبريل/نيسان 2016.
اتهمتها السلطات الإيرانية بالتجسّس، والعمل مع منظمات تحاول الإطاحة بالنظام، وواجهت الموظفة لدى مؤسسة "طومسون رويترز" اتهامات بنشر "دعاية ضد النظام" أيضاً.
ورغم نفيها هذه الادعاءات، موضحةً أنها كانت في إيران لزيارة أسرتها، فإن راتكليف واجهت حكماً بالسجن لمدة 5 سنوات في سبتمبر/أيلول 2016. وذكرت أنها أُجبرت على التوقيع على اعترافٍ قسري في المطار، بحضور ممثل عن الحكومة البريطانية.
أُفرج عن راتكليف في مطلع العام 2022، في اليوم الذي أعلنت فيه الحكومة البريطانية أنها حلّت نزاعاً مع الحكومة الإيرانية عمره 40 عاماً، حول دَينٍ غير مُسدّد.
لجين الهذلول: الناشطة السعودية الأبرز التي اعتُقلت عام 2018 بعد إدانتها في 28 ديسمبر/كانون الأول 2020، بارتكاب "الإرهاب"؛ لكن حُكم عليها بالسجن خمس سنوات فقط وثمانية أشهر، وهي مدةٌ أقل بكثير من الأعوام العشرين التي سعى إليها الادِّعاء، وهو الحكم الذي تم النطق به بعد 950 يوماً من الاحتجاز.
جاء اعتقال الهذلول مفاجئاً، بعد قرار السلطات السماح للنساء السعوديات بقيادة السيارة، لا سيما أنها كانت من أبرز الأصوات النسوية المطالبة بذلك.
أُفرج عن لجين الهذلول في 10 فبراير/شباط 2021، بعدما أعلنت شقيقتها لينا الهذلول أن السلطات السعودية أخلت سبيل شقيقتها بعد أكثر من 3 سنوات من الاعتقال، مع فرض قيود على السفر. وقد جاء الإفراج نتيجةً لحملات ضغط دولية قادتها عائلة الهذلول، بالتزامن مع ضغوط دولية.
آية حجازي: ناشطة مصرية-أمريكية أسّست جمعية "بلادي" لرعاية "أطفال الشوارع"، وكانت تعتني بمجموعةٍ منهم وتوفر لهم احتياجاتهم.
اعتقلتها السلطات المصرية في الأول من مايو/أيار 2014، مع زوجها، في قضيةٍ عُرفت باسم قضية "الاتجار بالبشر".
سُجنا نحو ثلاث سنوات في السجن، بعدما وجّهت إليهما النيابة العامة -مع ستة آخرين- تهم "إدارة وتأسيس جماعة بغرض الاتجار بالبشر والاستغلال الجنسي للأطفال وهتك العرض والخطف بالتحايل والإكراه، وإدارة كيان يمارس نشاطاً من أنشطة الجمعيات من دون ترخيص".
أُفرج عن آية حجازي وزوجها في أبريل/نيسان 2017 بعد تبرئتهما، إثر حملة دعمٍ واسعة قادتها الولايات المتحدة الأمريكية -بقيادة ترامب- للإفراج عنها. وقد غادرت مصر على الفور، بعد إطلاق سراحها، باتجاه الولايات المتحدة، حيث استقبلها الرئيس الأمريكي في البيت الأبيض.
رامي شعث: ناشط حقوقي فلسطيني-مصري-فرنسي، ونجل السياسي نبيل شعث. شارك في تأسيس الفرع المصري لحركة المقاطعة المؤيدة للفلسطينيين ضدّ إسرائيل.
في 5 يوليو/تموز 2019 اعتُقل رامي شعث من داخل منزله، بتهم الانضمام إلى جماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة، ومحاولة زعزعة الاستقرار وثقة المواطنين بالحكومة.
أمضى أكثر من 900 يوم في السجون المصرية، إلى أن أفرجت عنه السلطات مساء الخميس 6 يناير/كانون الثاني 2022، وسُلّم إلى ممثل للسلطة الفلسطينية في القاهرة قبل نقله جوّاً إلى الأردن.
وفي الثامن من يناير/كانون الثاني، وصل شعث إلى العاصمة الفرنسية باريس، عقب الإفراج عنه مقابل تنازله عن جنسيته المصرية، فيما رحب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بقرار السلطات المصرية المتعلق بإطلاق سراح شعث.
وفي تغريدةٍ عبر حسابه على "تويتر"، قال ماكرون: "أرحب بقرار السلطات المصرية الإفراج عن رامي شعث (50 عاماً)"، منوهاً إلى أنه "يشارك ارتياح زوجته سيلين لوبران بعدما بات (رامي شعث) يوجد الآن في فرنسا، ولن نتنازل عنه".