نظمت السلطات في إيران، مسيرات الجمعة 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، في ذكرى الاستيلاء على السفارة الأمريكية في طهران عام 1979، وذلك في الوقت الذي تحاول فيه المؤسسة الدينية التي تحكم البلاد منذ ذلك الحين، إخماد احتجاجات تجتاح البلاد وتدعو إلى إسقاط السلطات الحاكمة.
كان طلاب إيرانيون متشددون قد اقتحموا السفارة الأمريكية بعد فترة وجيزة من سقوط الشاه، الذي كان مدعوماً من واشنطن، واحتجزوا 52 أمريكياً رهائن هناك لمدة 444 يوماً.
لقطات بثها التلفزيون الرسمي، أظهرت مظاهرات مناهضة للولايات المتحدة شارك فيها عشرات الآلاف في جميع أنحاء البلاد، فيما أطلقت عليه طهران "اليوم الوطني لمحاربة الغطرسة العالمية".
رفع المشاركون في المسيرات العلم الإيراني وهتفوا "الموت لأمريكا" و"الموت لإسرائيل"، كما حملوا لافتات كتب عليها "إيران قوية"، و"أنا مطيع لأمر القائد"، إضافة لرفع صور الخميني والمرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي، وفقاً لوكالة الأنباء الفرنسية.
من جانبه، توجه الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي بخطاب إلى الآلاف الذين تجمعوا أمام المقر السابق للسفارة الأمريكية وسط طهران، وقال إن بلاده "تحررت" من الولايات المتحدة قبل 43 عاماً.
جاء هذا التصريح من رئيسي ردّاً على الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي تعهّد بـ"تحرير" الجمهورية الإسلامية، قبل أن يقول متحدث باسم البيت الأبيض، إن الرئيس بايدن كان يعبر عن تضامنه مع المحتجين في إيران، من خلال القول أمام حشد من أنصاره "سنحرر إيران".
ويشهد الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني من كل عام، تجمعات مناهضة للولايات المتحدة، التي يصفها الإيرانيون بـ"الشيطان الأعظم".
تواصل الاحتجاجات في إيران
تأتي هذه المسيرات المعادية لأمريكا والمؤيدة للسلطات الإيرانية، في وقت تشهد فيه عدة مدن بالبلاد احتجاجات واسعة منذ وفاة الشابة الكردية مهسا أميني (22 عاماً)، أثناء احتجاز "شرطة الأخلاق" لها، في 16 سبتمبر/أيلول 2022، بعد اعتقالها لارتدائها ملابس غير لائقة.
بينما ركّزت المظاهرات السابقة على قضايا مثل نتائج الانتخابات والصعوبات الاقتصادية، يُصر المشاركون في الاحتجاجات الحالية، ومن بينهم أفراد من الأقليتين السنة والأكراد، على المطالبة بنظام سياسي جديد.
بدوره، دعا رجل الدين السني البارز مولوي عبد الحميد، والذي لطالما انتقد القيادة الدينية الشيعية لإيران، إلى إجراء استفتاء للخروج من الأزمة الحالية.
عبد الحميد قال خلال خطبة صلاة الجمعة في زاهدان: "عليكم أن تحلوا مشكلتكم مع هذه الأمة التي أعطتكم يوماً الشرعية التي تحكمون بها اليوم. غالبية الناس غير راضين الآن، إذا كنتم لا تتفقون معي فقوموا بإجراء استفتاء عادل تحت إشراف مراقبين دوليين".
تعد الاحتجاجات واحدة من أكبر التحديات التي تواجه القيادة التي كرستها الثورة الإسلامية عام 1979، وألقت إيران باللوم على الولايات المتحدة وأعداء أجانب آخرين في الاضطرابات، قائلة إنهم يرغبون في زعزعة استقرار البلاد.
من جهته، وصف الرئيس الإيراني المحتجين "بالخونة المخادعين"، كما اتهم وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان بايدن بالنفاق، فيما دعا محمد حسيني، نائب رئيسي، قوات الأمن إلى "العمل بسرعة لإنهاء أعمال الشغب".
يُشار إلى أن وكالة أنباء نشطاء حقوق الإنسان (هرانا)، قالت الجمعة 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، إن 300 محتج لقوا حتفهم في الاضطرابات، حتى يوم الخميس 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، بينهم 47 قاصراً، إضافة إلى 37 من قوات الأمن.
أضافت أن أكثر من 14 ألف شخص اعتقلوا في الاحتجاجات التي خرجت في 134 مدينة وبلدة و132 جامعة.