افترش طالبو لجوء، من دول إفريقية وآسيوية مزقتها الحرب، الأرصفة في العاصمة البريطانية لندن، ويعانون، إلى جانب التشرد، من الجوع، وذلك بعدما أخرجت وزارة الداخلية في المملكة العشرات من مركز "مانستون" للمهاجرين في مقاطعة "كنت" دون أن توفر لهم المأوى البديل.
صحيفة The Guardian البريطانية، قالت، الجمعة، 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، إنه يُعتقد بأن هنالك ما لا يقل عن 18 طالب لجوء ناموا في الشوارع خلال الأسبوع الفائت، بعد أن نقلتهم حافلتان على الأقل إلى محطة فيكتوريا، مما أجبر 3 جمعيات خيرية ومجلسين محليين على تقديم المساعدة الطارئة.
قضى 7 من "الأشخاص الأكثر عرضة للخطر" ليلتين في العراء، بعد وصولهم إلى المملكة المتحدة، قادمين من إثيوبيا وإريتريا ومصر والكويت، دون أن يكون لديهم أصدقاء أو أقارب في البلاد.
يحصل طالبو اللجوء حالياً على المساعدة من جمعية Crisis الخيرية، التي اتّهم رئيسها التنفيذي، مات داوني، وزارة الداخلية بإحداث "حالة اضطرابٍ تامة".
كان السبعة من بين مجموعة طالبي اللجوء، الذين ينحدر بعضهم من أفغانستان وسوريا، التي نُقِلَت بالحافلات من "كنت" إلى لندن، وجاء ذلك بعد أن أمرت وزيرة الداخلية، سويلا بريفرمان، بنقلهم على خلفية الغضب الذي اشتعل بسبب أوضاع مركز المهاجرين، والتي تضمنت البرودة القارسة والتكدس والأمراض.
كان المركز المكتظ بالمهاجرين، والذي كان يستضيف أكثر من 4000 شخص، قد اعتمد على خيامٍ تُشبه السرادق للنوم، كما انتشرت بعض التقارير عن تفشي أمراض كوفيد والخناق في المخيم.
في يوم الخميس، الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني 2022، عُثِرَ على مجموعة منفصلة من 11 شخصاً يرتدون الأساور ويحملون الأوراق الثبوتية الخاصة بمركز مانستون في شوارع وستمنستر، ويُعتقد أنهم نُقلوا إلى هناك يوم الثلاثاء، الأول من نوفمبر/تشرين الثاني 2022.
تُشير الصحيفة البريطانية إلى أن 4 من طالبي اللجوء رفضوا التعامل مع المجلس المحلي، أو فرق مساعدة المشردين الخاصة به، واختاروا الرحيل، بينما نُقِلَ 7 منهم إلى الفنادق.
في موازاة ذلك، جرى نقل آخرين بالحافلة إلى وستمنستر خلال الأسبوع الفائت دون توفير إقامةٍ لهم، وكان بعضهم يرتدي صندل الإصبع، قبيل نقلهم لاحقاً إلى نورتش بعد حصولهم على مساعدة المتطوعين في جمعية Under One Sky الخيرية.
أحد المهاجرين نقلت عنه صحيفة The Guardian: "ظننت أنهم سيرسلوننا إلى فندقٍ ما، لكن سائق الحافلة قال: 'اذهبوا إلى أي مكان تريدونه، هذه ليست مسؤوليتي'".
من جانبه، قال مجلس مدينة نورتش إن وزارة الداخلية لم تنبههم إلى وصول طالبي اللجوء، وأوضح رئيس المجلس، ستيفن إيفانز: "لا نعرف من هم، ولا نعرف أين ذهبوا في المدينة".
من ناحيته، قال ميك كلارك، رئيس جمعية Passage، التي تعاون مجلس مدينة وستمنستر، إنه "صُدِمَ" لرؤية الناس من مركز مانستون ينامون في العراء، وطالب كلارك بتحقيق حكومي عاجل، بينما وفّرت جمعيته إقامةً لـ7 أشخاص في الفنادق.
كذلك تحدّث بعض من ناموا في العراء بعد إخراجهم من مانستون عن الظروف "المروّعة" التي عاشوها داخل مركز المهاجرين، بحسب ما قاله رئيس جمعية Crisis، داوني.
أضاف داوني: "كانوا سعداء؛ لأنهم ركبوا حافلةً دافئة. وظنوا أنهم سيحصلون على مسكن أو إقامة في لندن. ولم يكن لدى الأشخاص الذين رأيناهم أي أصدقاء أو أقارب داخل المملكة المتحدة".
بعد قضاء ليلتين في الشارع، تم نقل 5 منهم إلى الفنادق، وتوفير مسكن خاص لاثنين منهم مع مضيفين. وأوضح داوني: "لا يعرفون ما هي حقوقهم، ونحن لا نعرف ما تخطط وزارة الداخلية لفعله من أجلهم".
كانت وزيرة الداخلية البريطانية، بريفرمان، قد تعرضت لانتقادات مباشرة من قبل مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، الذي هاجم تصريحات للوزيرة قالت فيها إن بلادها تتعرض لـ"غزو" من طالبي اللجوء، ووصف هذه التصريحات بأنها "مروّعة"، بحسب ما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية.
تورك قال إن مثل هذه العبارات غير مناسبة، محذراً من تجريد ملف المهاجرين من إنسانيته، وأضاف في تصريحات صحفية: "غزو: كلمة مروّعة، أنا سعيد بوجود رد فعل قوي في بريطانيا على استخدام هذه الكلمة".
كذلك اتُّهمت برافرمان بالتقاعس عن اتخاذ الإجراءات اللازمة حيال مشورة قانونية وردت إليها بأن احتجاز الحكومة آلافاً من طالبي اللجوء أمر مخالف للقانون، وأن استمرار هذه الخطوة قد يستجلب التقاضي وتكليف الحكومة نفقات باهظة من أموال دافعي الضرائب للتعامل مع الدعاوى القضائية والتداعيات القانونية، وفقاً لما ذكرته صحيفة The Times البريطانية.